نحن ونحن
نحن الذين ولدوا
بين أواخر السبعينات ومنتصف الثمانينيات
نحن الذين ذهبنا
إلى مدارس لا تشبه المدارس واعتدينا على مدرسينا ، وفررنا من الأيام الدراسية التى
كانت مملة .. نحن الذين دخلنا جامعات لا تشبه الجامعات ، ولم نتعلم سوى كيف نعبر
تلك السنوات لنخرج الى الفراغ .. نحن مدخنو الحشيش ، ومشجعو كرة القدم بحرقة ،
التهبت لها حناجرنا ، وانفلتت اعصابنا كثيراً من أجل النصر فى المباراة
نحن المتحرشون
بالفتيات فى المواصلات العامة ، وفى الأماكن المزدحمة ، وفى الأعياد ، وفى كل
مناسبة تسمح لنا بلمس فتاة مارة
نحن الذين نصلى
احيانا خلال العام ، ونصلى دائماً فى رمضان ، ونبكى بحرقة كى يغفر الله ذنوبنا
التى لا نعرفها ، ونحتفل فى العيد بالمخدرات والتحرش ، نحن محبو تامر حسنى ،
وهيفاء وهبى ، ونانسى عجرم ، وروبى أيضاً ، متابعو الفيديو كليب بكل حرص ، نلهف
لنعقد المقارنات بين صدر هذه ومؤخرة تلك
نحن منفقو الساعات
الطويلة امام شاشات الكمبيوتر ، الباحثين فى غرف الدردشة الجنسية على شبكة
الانترنت ، نحن الذين نلقى بالقمامة فى الشارع ، ونتأفف كثيراً من أكوامها التى
تتراكم أمامنا بثبات
نحن الذين بعنا
مصوغات أمهاتنا ، ومدخرات آبائنا القليلة لنعطيها لسمسار يضعنا فى مركب ليلقى بنا
على شواطئ أوروبا لكننا غرقنا فى البحر
نحن الذين ذهبنا
إلى الغردقة ، وشرم الشيخ ، لنبحث عن سائحة أجنبية عجوز يمكنها منحنا جنسية أخرى
وبلدا أخر
أجل نحن هؤلاء
..... وأكثر من ذلك بكثير .. ولكن .. وعلمونا أن ما بعد لكن يغاير ما قبلها ولكن
كان ثلاثاء ، وجدنا أنفسنا نمشى فى الشارع فى كل المدن كنا نمشى فى كل الشوارع ،
نرفع أصواتنا التى لم نكن نعرف أنها لنا ، أصوات تنادى بلدا اكتشفنا انه وطننا ،
وبدأنا نعرف معنى هذه الأحرف الثلاثة " وطن "
نحن الذين تنشقنا
الغاز المسيل للدموع ، والطلقات المطاطية ، والرصاص الحى ، كى يوقف تحرك خطواتنا
نحو " الوطن "
نخن الذين تلقينا
ضربات عصى العسكر كى تصمت اصواتنا التى تنادى " مصر " التى تذوقنا طعمها
لأول مرة
نحن الذين قد تم
احتجازنا والقبض علينا فقط لاننا دخلنا الحلم الذى لم ندخله من قبل
نحن الذين أمسكنا
بيد الفتيات كى نعبر معا إلى ساحة ميدان الحلم ، ولم نتحرش بهن ولم نشعر إلا بأننا
واحد
نحن الذين ارتعشت
حناجرنا ، لنهتف بصوت اصبح اكثر ثباتا عندما التقى أصوات الآخرين التى تنادى بسقوط
الإغلال
نحن الذين حملنا
أكياسا، ومكانس ، لننظف شوارعنا فقط لانها أصبحت " شوارعنا "
نحن الذين أخذنا
سكاكين أمهاتنا وجلسنا أمام بيوتنا لنحميها من سارق يريد ان ينهب فرحتنا
نحن الذين جلسنا
أمام المتحف ، والمدرسة وعلى قارعة الطريق فقط لانها أصبحت تخصنا
نحن الان فى
القاهرة ، والاسكندرية ، والدلتا ، والصعيد ، وسيناء نكشف معانى ستة أحرف تدخل
ابجديتنا من جديد
" مصر وطن
"
مقال كُتب بجريدة
الاخبار
بقلم : محمد فرج