وجنة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد قمنا بأنشاء منتدى جديد و نتمى وجودك معنا
و تساهم فى تقدمه
و يكون ساحة مناسبة لطرح افكارك و موضوعاتك
نتمنى زيارتك لنا و يشرفنا اشتراكك معنا
لك تحياتى

منتدى وجنة
https://wagna.ahlamontada.net

وجنة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد قمنا بأنشاء منتدى جديد و نتمى وجودك معنا
و تساهم فى تقدمه
و يكون ساحة مناسبة لطرح افكارك و موضوعاتك
نتمنى زيارتك لنا و يشرفنا اشتراكك معنا
لك تحياتى

منتدى وجنة
https://wagna.ahlamontada.net

وجنة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وجنة

الرياده .. التميز .. التفوق
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
منتدى وجنة   : إسلامى ... ثقافى .. إجتماعى .. شبابى .. الخواطر  ... القصص ... الغرائب  .... الطرائف .... الأخبار المتجددة .. الحوارات المميزة    

منتدى وجنة .... سحر الكلمات .. همس القلوب .. تحاور العقول .. الأخوه و الصداقة .. الإبداع و التجدد المستمر ... أخر عضو مسجل معنا ( Hazem Hazem) مرحبا به معنا


 

 تفسير سورة الانعام

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
رياض العربى
صاحب الموقع

صاحب الموقع
رياض العربى


العمل/الترفيه : مدرس
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 17/10/2009
عدد المساهمات : 13693

تفسير سورة الانعام Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الانعام   تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالجمعة 27 أغسطس 2010 - 21:48

[center]سورة الأنعام


انفراد الله بالألوهية والوحدانية


موقف الكفار من دعوات الأنبياء


مطالب الكفار والردّ عليها


الدعوة إلى العظة والاعتبار بآثار من خلا من الأمم


أدلة للاحتجاج على المشركين المنكرين


إيجاب التوحيد والبراءة من الشرك


تبرؤ المشركين من الشرك يوم القيامة


حال المشركين حين استماع القرآن


أمنية لن تتحقق


الدنيا والآخرة في الميزان


حزن النبي صلى الله عليه وسلم على تكذيب قومه وإعراضهم


صورة أخرى من الإعراض والعناد


إحاطة علم الله بجميع أحوال مخلوقاته


تصوير حال المشركين في الشدائد


عجز المخلوقات ومهمة الرسل المبشرين


إشارات تؤكد بشرية النبي صلى الله عليه وسلم


دعوة إلى عدم القنوت من رحمة الله


تبرُّؤ النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين وما يعبدون


علم الله التام بالكليات والجزئيات


إنجاء الله المضطرين من ظلمات البر والبحر


ألوان مختلفة من العذاب


النهي عن مجالسة المستهزئين بالقرآن وأهل الكبائر


الثبات على الحق والهداية، والبعد عن الضلال والشرك


استعمال الحجج العقلية في إبطال مزاعم المشركين


أثر الإيمان الخالص في جلب الأمن والاستقرار


مهام الأنبياء وتفضيلهم على العالمين


علاقة القرآن بالكتب السماوية السابقة


عاقبة المفترين والمشركين


الأدلة الدامغة التي تثبت وجود الله وعلمه وإرادته


نفي المزاعم التي ينسبها المشركون إلى الله سبحانه وتعالى


الأمر بتبليغ الرسالة والإعراض عن المشركين


النهي عن مبادلة الكفار السباب والشتم والقبائح


عداوة الشياطين للأنبياء ومقاومتهم لدعوة الله وهدايته


تأييد الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم


الدعوة إلى عدم الالتفات إلى ضلالات المشركين


موازنة بين أهل الإيمان وأهل الكفر


عاقبة المعرضين عن الحق


الكلمة الحاسمة في الردِّ على تَعنُّت المشركين


تقريع الظالمين وتهديد كافري الجن والأنس


غنى الله المطلق عن خلقه وإنذاره الكافرين بالهلاك في الدنيا والآخرة


شرائع العرب في جاهليتهم


إقامة الدلائل على إثبات الألوهية والربوبية لله تعالى


المحرَّمات من الأطعمة على المسلمين واليهود


دحض شبهة الجبرية وإقامة الحجة على المشركين


بيان أصول المحرَّمات قولاً وفعلاً


الغاية من إنزال التوراة ومكانة القرآن


وعيد الكفار وتهديدهم


التحذير من التفرق في الدين


الجزاء على العمل


تبيين الدين القيِّم والصراط المستقيم


تفاوت درجات الناس مع كونهم مستخلفين في الأرض


بَين يَدَيْ السُّورَة


[color=Indigo]سورة الأنعام إِحدى السور المكية الطويلة التي يدور محورها حول
"العقيدة وأصول الإِيمان" وهي تختلف في أهدافها ومقاصدها عن السور المدنية
التي سبق الحديث عنها كالبقرة، آل عمران، والنساء، والمائدة، فهي لم تعرض
لشيءٍ من الأحكام التنظيمية لجماعة المسلمين، كالصوم والحج والعقوبات
وأحكام الأسرة، ولم تذكر أمور القتال ومحاربة الخارجين على دعوة الإِسلام،
كما لم تتحدث عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى ولا على المنافقين، وإِنما
تناولت القضايا الكبرى الأساسية لأصول العقيدة والإِيمان، وهذه القضايا
يمكن تلخيصها فيما يلي:


1- قضية الألوهية 2- قضية الوحي والرسالة 3- قضية البعث والجزاء.


* نجد الحديث في هذه السورة مستفيضاً يدور حول هذه الأصول الأساسية
للدعوة الإِسلامية، ونجد سلاحها في ذلك الحجة الدامغة، والدلائل الباهرة،
والبرهان القاطع في طريق الإِلزام والإِقناع لأن السورة نزلت في مكة على
قوم مشركين. ومما يلفت النظر في السورة الكريمة أنها عرضت لأسلوبين بارزين
لا نكاد نجدهما بهذه الكثرة في غيرها من السور هما: 1- أسلوب التقرير 2-
أسلوب التلقين.


* أما الأول: "أسلوب التقرير" فإِن القرآن يعرض الأدلة المتعلقة
بتوحيد الله والدلائل المنصوبة على وجوده وقدرته، وسلطانه وقهره، في صورة
الشأن المسلَّم، ويضع لذلك ضمير الغائب عن الحسّ الحاضر في القلب الذي لا
يماري فيه قلب سليم ولا عقل راشد في أنه تعالى المبدع للكائنات صاحب الفضل
والإِنعام فيأتي بعبارة "هو" الدالة على الخالق المدبر الحكيم، استمع قوله
تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ } .. {وَهُوَ اللَّهُ فِي
السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ } .. {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ
بِاللَّيْلِ} .. {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } .. {وَهُوَ الَّذِي
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ....} إلخ.


* أما الثاني: "أسلوب التلقين" فإِنه يظهر جليا في تعليم الرسول
صلى الله عليه وسلم تلقين الحجة ليقذف بها في وجه الخصم بحيث تأخذ عليه
سمعه، وتملك عليه قلبه فلا يستطيع التخلص أو التفلت منها، ويأتي هذا
الأسلوب بطريق السؤال والجواب يسألهم ثم يجيب استمع إِلى الآيات الكريمة
{قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى
نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} .. {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ
اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ }.. {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ
اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ
إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} .. {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ
عَلَيْهِ آية مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ
يُنَزِّلَ آية وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} وهكذا تعرض السورة
الكريمة لمناقشة المشركين وإِفحامهم بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة التي
تقصم ظهر الباطل. ومن هنا كانت سورة الأنعام بين السور المكية ذات شأن في
تركيز الدعوة الإِسلامية، تقرر حقائقها، وتثبّت دعائمها، وتفنّد شبه
المعارضين لها بطريق التنويع العجيب في المناظرة والمجادلة، فهي تذكر توحيد
الله جلَّ وعلا في الخلق والإِيجاد، وفي التشريع والعبادة، وتذكر موقف
المكذبين للرسل وتقص عليهم ما حاق بأمثالهم السابقين، وتذكر شبههم في الوحي
والرسالة، وتذكر يوم البعث والجزاء، وتبسط كل هذا بالتنبيه إِلى الدلائل
في الأنفس والآفاق، وفي الطبائع البشرية وقت الشدة والرخاء .. وتذكر أبا
الأنبياء إِبراهيم وجملة من أبنائه الرسل وترشد الرسول صلى الله عليه وسلم
إِلى اتباع هداهم وسلوك طريقهم في احتمال المشاق وفي الصبر عليها، وتعرض
لتصوير حال المكذبين يوم الحشر، وتفيض في هذا بألوان مختلفة ثم تعرض لكثير
من تصرفات الجاهلية التي دفعهم إِليها شركهم فيما يختص بالتحليل والتحريم
وتقضي عليه بالتفنيد والإِبطال، ثم تختم السورة بعد ذلك - في ربع كامل -
بالوصايا العشر التي نزل في كل الكتب السابقة، ودعا إِليها جميع الأنبياء
السابقين {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ..}
الآية وتنتهي بآية فذة تكشف للإِنسان عن مركزه عند ربه في هذه الحياة. وهو
أنه خليفةٌ في الأرض، وأن الله سبحانه جعل عمارة الكون تحت يد الإِنسان
تتعاقب عليها أجياله، ويقوم اللاحق منها مقام السابق، وأن الله سبحانه قد
فاوت في المواهب بين أفراد الإِنسان لغاية سامية وحكمة عظيمة وهي "الابتلاء
والاختبار" في القيام بتبعات هذه الحياة، وذلك شأن يرجع إِليه كمال
المقصود من هذا الخلق وذلك النظام {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ
الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي
مَا ءاتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ
رَحِيمٌ}.


التسميَة:


سميت بـ "سورة الأنعام" لورود ذكر الأنعام فيها {وَجَعَلُوا
لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا ..} ولأن
أكثر أحكامها الموضحة لجهالات المشركين تقرباً بها إلى أصنامهم مذكورة
فيها، ومن خصائصها ما روي عن ابن عباس أنه قال: نزلت سورة الأنعام بمكة
ليلاً جملةً واحدة، حولها سبعون ألف ملك يجأرون بالتسبيح.


انفراد الله بالألوهية والوحدانية


{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ
يَعْدِلُونَ(1)هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً
وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ(2)وَهُوَ اللَّهُ
فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ
وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ(3)}


{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} بدأ
تعالى هذه السورة بالحمد لنفسه تعليماً لعباده أن يحمدوه بهذه الصيغة
الجامعة لصنوف التعظيم والتبجيل والكمال وإعلاماً بأنه المستحق لجميع
المحامد فلا نِدَّ له ولا شريك، ولا نظير ولا مثيل ومعنى الآية: احمدوا
الله ربكم المتفضل عليكم بصنوف الإِنعام والإِكرام الذي أوجد وأنشأ وابتدع
خلق السماوات والأرض بما فيهما من أنواع البدائع وأصناف الروائع، وبما
اشتملا عليه من عجائب الصنعة وبدائع الحكمة، بما يدهش العقول والأفكار
تبصرة وذكرى لأولي الأبصار {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} أي وأنشأ
الظلمات والأنوار وخلق الليل والنهار يتعاقبان في الوجود لفائدة العوالم
بما لا يدخل تحت حصر أو فكر، وجمع الظلمات لأن شعب الضلال متعددة، ومسالكه
متنوعة، وأفرد النور لأن مصدره واحد هو الرحمن منوّر الأكوان قال في
التسهيل: وفي الآية ردٌّ على المجوس في عبادتهم للنار وغيرها من الأنوار،
وقولهم إِن الخير من النور والشر من الظلمة، فإِن المخلوق لا يكون إِلهاً
ولا فاعلاً لشيء من الحوادث {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ
يَعْدِلُون} أي ثم بعد تلك الدلائل الباهرة والبراهين القاطعة على وجود
الله ووحدانيته يشرك الكافرون بربهم فيساوون به أصناماً نحتوها بأيديهم،
وأوهاماً ولّدوها بخيالهم، ففي ذلك تعجيب من فعلهم وتوبيخ لهم قال ابن
عطية: الآية دالة على قبح فعل الكافرين لأن المعنى أن خلقه السموات والأرض
وغيرها قد تقرر، وءاياته قد سطعت، وإِنعامه بذلك قد تبين، ثم بعد هذا كله
قد عدلوا بربهم فهذا كما تقول: يا فلان أعطيتُك وأكرمتُك وأحسنتُ إِليك ثم
تشتمني؟ أي بعد وضوح هذا كله {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ} أي خلق
أباكم آدم من طين {ثُمَّ قَضَى أَجَلاً} أي حكم وقدَّر لكم أجلاً من الزمن
تموتون عند انتهائه {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} أي وأجلٌ مسمّى عنده
لبعثكم جميعاً، فالأجل الأول الموتُ والثاني البعثُ والنشور {ثُمَّ
أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ} أي ثم أنتم أيها الكفار تشكّون في البعث وتنكرونه
بعد ظهور تلك الآيات العظيمة {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي
الأَرْضِ} أي هو الله المعظّم المعبود في السماوات والأرض قال ابن كثير: أي
يعبده ويوحده ويقر له بالألوهية من في السماوات والأرض ويدعونه رغباً
ورهباً ويسمونه الله {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} أي يعلم سركم
وعَلَنكم {وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} أي من خير أو شر وسيجازيكم عليه.


موقف الكفار من دعوات الأنبياء


{وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ ءاية مِنْ ءايات رَبِّهِمْ إِلا كَانُوا
عَنْهَا مُعْرِضِينَ(4)فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ
فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُون(5)أَلَمْ
يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي
الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ
مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ
فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا
ءاخَرِينَ(6)}


ثم أخبر تعالى عن عنادهم وإِعراضهم فقال {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ
ءاية مِنْ ءايات رَبِّهِمْ} أي ما يظهر لهم دليل من الأدلة أو معجزة من
المعجزات أو ءاية من ءايات القرآن {إِلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} أي
إلاّ تركوا النظر فيها ولم يلتفتوا إليها قال القرطبي: والمراد تركهم النظر
في الآيات التي يجب أن يستدلوا بها على توحيد الله عز وجل، والمعجزات التي
أقامها لنبيه صلى الله عليه وسلم التي يستدل بها على صدقه في جميع ما أتى
به عن ربه {فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ} أي كذبوا بالقرآن
الذي جاءهم من عند الله{فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِءُون} أي سوف يحل بهم العقاب إن عاجلاً أم آجلاً ويظهر لهم خبر
ما كانوا به يستهزئون، وهذا وعيدٌ بالعذاب والعقاب على استهزائهم، ثم حضهم
تعالى على الاعتبار بمن سبقهم من الأمم فقال {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ
أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} أي ألا يعتبرون بمن أهلكنا من
الأمم من قبلهم لتكذيبهم الأنبياء ألا يعرفوا ذلك؟ {مَكَّنَّاهُمْ فِي
الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} أي منحناهم من أسباب السعة والعيش
والتمكين في الأرض ما لم نعطكم يا أهل مكة {وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ
عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا} أي أنزلنا المطر غزيراً متتابعاً يدرُ عليهم درّاً
{وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ} أي من تحت أشجارهم
ومنازلهم حتى عاشوا في الخِصب والريف بين الأنهار
والثمار{فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} أي فكفروا وعصوا فأهلكناهم بسبب
ذنوبهم، وهذا تهديد للكفار أن يصيبهم مثل ما أصاب هؤلاء على حال قوتهم
وتمكينهم في الأرض {وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} أي
أحدثنا من بعد إِهلاك المكذبين قوماً آخرين غيرهم قال أبو حيان: وفيه تعريض
للمخاطبين بإِهلاكهم إِذا عصوا كما أهلك من قبلهم.


مطالب الكفار والردّ عليها


{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ
بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ
مُبِينٌ(7)وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا
مَلَكًا لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وَلَوْ جَعَلْنَاهُ
مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا
يَلْبِسُونَ(9)}


{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ} أي لو نزّلنا
عليك يا محمد كتاباً مكتوباً على ورقٍ كما اقترحوا {فَلَمَسُوهُ
بِأَيْدِيهِمْ} أي فعاينوا ذلك ومسّوه باليد ليرتفع عنهم كل إِشكال ويزول
كل ارتياب {لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ} أي
لقال الكافرون عند رؤية تلك الآية الباهرة تعنتاً وعناداً ما هذا إِلا
سحرٌ واضح، والغرضُ أنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم أوضح الآيات وأظهر الدلائل
{وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} أي هلاّ أنزل على محمد ملك
يشهد بنبوته وصدقه و {لَوْلا} بمعنى هلاّ للتحضيض قال أبو السعود: أي هلاّ
أُنزل عليه ملك بحيث نراه ويكلمنا أنه نبيّ وهذا من أباطيلهم المحقّقة
وخرافاتهم الملفّقة التي يتعللون بها كلما ضاقت عليهم الحِيَل وعييت بهم
العلل {وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأَمْرُ} أي لو أزلنا الملك
كما اقترحوا وعاينوه ثم كفروا لحقَّ إِهلاكهم كما جرت عادة الله بأن من طلب
ءاية ثم لم يؤمن أهلكه الله حالاً { ثُمَّ لا يُنظَرُون} أي ثم لا يمهلون
ولا يؤُخرون، والآية كالتعليل لعدم إِجابة طلبهم، فإِنهم - في ذلك
الإِقتراح - كالباحث عن حتفه بظِلْفه {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا
لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً} أي لو جعلنا الرسول ملكاً لكان في صورة رجل لأنهم
لا طاقة لهم على رؤية الملك في صورته {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا
يَلْبِسُونَ} أي لخلطنا عليهم ما يخلطون عن أنفسهم وعلى ضعفائهم، فإنهم لو
رأوا الملك في صورة إِنسان قالوا هذا إِنسانٌ وليسب بملك قال أبو عباس: لو
أتاهم ملكٌ ما أتاهم إلا في صورة رجل لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة
من النور.


الدعوة إلى العظة والاعتبار بآثار من خلا من الأمم


{وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ
سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون(10)قُلْ سِيرُوا فِي
الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ(11)}.


ثم قال تعالى تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم {وَلَقَدْ
اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} أي والله لقد استهزأ الكافرون من كل
الأمم بأنبيائهم الذين بعثوا إِليهم {فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا
مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُون} أي أحاط ونزل بهؤلاء المستهزئين
بالرسل عاقبة استهزائهم، وفي هذا الإِخبار تهديد للكفار {قُلْ سِيرُوا فِي
الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} أي قل
يا محمد لهؤلاء المستهزئين الساخرين: سافروا في الأرض فانظروا وتأملوا ماذا
حلّ بالكفرة قبلكم من العقاب وأليم العذاب لتعتبروا بآثار من خلا من الأمم
كيف أهلكهم الله وأصبحوا عبرةً للمعتبرين.


أدلة للاحتجاج على المشركين المنكرين


{ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ
كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا
يُؤْمِنُونَ(12)وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(13)قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا
فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ
إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ
الْمُشْرِكِينَ(14)قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ
يَوْمٍ عَظِيمٍ(15)مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ
وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ(16)}


{قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي قل يا محمد لمن
الكائنات جميعاً خلقاً وملكاً وتصرفاً؟ والسؤال لإِقامة الحجة على الكفار
فهو سؤال تبكيت {قُلْ لِلَّهِ} أي قل لهم تقريراً وتنبيهاً هي لله لأن
الكفار يوافقون على ذلك بالضرورة لأنه خالق الكل إِما باعترافهم أو بقيام
الحجة عليهم {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} أي ألزم نفسه الرحمة
تفضلاً وإِحساناً والغرضُ التلطف في دعائهم إِلى الإِيمان وإِنابتهم إِلى
الرحمن {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ} أي
ليحشرنكم من قبوركم مبعوثين إِلى يوم القيامة الذي لا شك فيه ليجازيكم
بأعمالكم {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} أي
أضاعوها بكفرهم وأعمالهم السيئة في الدنيا فهم لا يؤمنون ولهذا لايقام لهم
وزن في الآخرة وليس لهم نصيب فيها سوى الجحيم والعذاب الأليم {وَلَهُ مَا
سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي لله عز وجل ما حلّ واستقر في الليل
والنهار الجميع عباده وخلقه وتحت قهره وتصرفه، والمراد عموم ملكه تعالى لكل
شيء {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} أي السميع لأقوال العباد العليم
بأحوالهم {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا} الاستفهام للتوبيخ أي
قل يا محمد لهؤلاء المشركين أغير الله أتخذ معبوداً {فَاطِرِ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي خالقهما ومبدعهما على غير مثال سابق {وَهُوَ
يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ} أي هو جل وعلا يرْزق ولا يُرْزَق قال ابن كثير: أي
هو الرازق لخلقه من غير احتياج إليهم {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ
أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} أي قل لهم يا محمد إِن ربي أمرني أن أكون أول من
أسلم لله من هذه الأمة {وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ} أي وقيل لي:
لا تكوننَّ من المشركين قال الزمخشري ومعناه: أُمرتُ بالإِسلام ونُهيت عن
الشرك {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}
أي قل لهم أيضاً إِنني أخاف إِن عبدتُ غير ربي عذاب يوم عظيم هو يوم
القيامة {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ} أي من يصرف عنه
العذاب فقد رحمه الله{وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ}أي النجاة الظاهرة.


إيجاب التوحيد والبراءة من الشرك


{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ
وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(17)وَهُوَ
الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ(18)قُلْ أَيُّ
شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ
وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءانُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ
أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا
أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا
تُشْرِكُونَ(19)}..


{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ}
أي إِن تنزل بك يا محمد شدةٌ من فقرٍ أو مرضٍ فلا رافع ولا صارف له إِلا هو
ولا يملك كشفه سواه {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي وإِن يصبك بخيرٍ من صحةٍ ونعمة لا رادّ له لأنه وحده
القادر على إِيصال الخير والضر، قال في التسهيل: والآية برهان على
الوحدانية لانفراد الله تعالى بالضر والخير وكذلك ما بعد هذا من الأوصاف
براهين ورد على المشركين {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ
الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} قال ابن كثير: أي هو الذي خضعت له الرقاب وذلّت له
الجبابرة وعنت له الوجوه وقهر كل شيء وهو الحكيم في جميع أفعاله الخبير
بمواضع الأشياء.


{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} أي قل لهم يا محمد أي شيء
أعظم شهادة حتى يشهد لي بأني صادقٌ في دعوى النبوة؟ {قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ
بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} أي أجبهم أنت وقل لهم الله يشهد لي بالرسالة والنبوة
وكفى بشهادة الله لي شهادة قال ابن عباس: قال الله لنبيه محمد صلى الله
عليه وسلم قل لهم أي شيء أكبر شهادة فإِن أجابوك وإِلاّ فقل لهم الله شهيد
بيني وبينكم {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءانُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ
وَمَنْ بَلَغَ} أي وأوحي إِليَّ هذا القرآن لأنذركم به يا أهل مكة وأنذر كل
من بلغه القرآن من العرب والعجم إِلى يوم القيامة قال ابن جزيّ: والمقصودُ
بالآية الاستشهاد بالله - الذي هو أكبر شهادة - على صدق رسول الله صلى
الله عليه وسلم وشهادة الله بهذا هي علمه بصحة نبوة سيدنا محمد صلى الله
عليه وسلم وإِظهار معجزته الدالة على صدقه{أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ
مَعَ اللَّهِ ءالِهَةً أُخْرَى} استفهام توبيخ أي أئنكم أيها المشركون
لتقرون بوجود آلهة مع الله؟ فكيف تشهدون أن مع الله آلهة أخرى بعد وضوح
الأدلة وقيام الحجة على وحدانية الله؟ {قُلْ لا أَشْهَدُ} أي قل لهم لا
أشهد بذلك {قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أي قل يا محمد إِنما أشهد
بأن الله واحد أحدٌ، فرد صمد {وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} أي
وأنا بريء من هذه الأصنام.


تبرؤ المشركين من الشرك يوم القيامة


{ الَّذِينَ ءاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا
يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا
يُؤْمِنُونَ(20)وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا
أَوْ كَذَّبَ بِآياتهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(21)وَيَوْمَ
نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ
شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ(22)ثُمَّ لَمْ تَكُنْ
فِتْنَتُهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا
مُشْرِكِينَ(23)انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ
مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ(24)}.


ثم ذكر تعالى أن الكفار بين جاهل ومعاند فقال {الَّذِينَ
ءاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ}
يعني اليهود والنصارى الذين عرفوا وعاندوا يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم
بحليته ونعته على ما هو مذكور في التوراة والإِنجيل كما يعرف الواحد منهم
ولده لا يشك في ذلك أصلاً قال الزمخشري: وهذا استشهادٌ لأهل مكة بمعرفة أهل
الكتاب وبصحة نبوته {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا
يُؤْمِنُونَ} أي أولئك هم الخاسرون لأنهم لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه
وسلم بعد وضوح الآيات {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ
كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآياتهِ} الاستفهام إِنكاري ومعناه النفي أي لا أحد
أظلم ممن اختلق على الله الكذب أو كذّب بالقرآن والمعجزات الباهرة وسمّاها
سحراً قال أبو السعود: وكلمة {أو} للإِيذان بأن كلاً من الافتراء والتكذيب
وحده بالغٌ غاية الإِفراط في الظلم، فكيف وهم قد جمعوا بينهما فأثبتوا ما
نفاه الله ونفوا ما أثبته! قاتلهم الله أنّى يؤفكون {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ
الظَّالِمُونَ} أي لا يفلح المفتري ولا المكذّب وفيه إِشارة إِلى أن مدّعي
الرسالة لو كان كاذباً لكان مفترياً على الله فلا يكون محلاً لظهور
المعجزات {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ
أَشْرَكُوا} أي اذكر يوم نحشرهم جميعاً للحساب ونقول لهم على رؤوس الأشهاد
{أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} أي أين آلهتكم التي
جعلتموها شركاء لله؟ قال البيضاوي: والمراد من الاستفهام التوبيخ و
{تَزعُمون} أي تزعمونهم آلهة وشركاء مع الله فحذف المفعولان ولعله يحال
بينهم وبين آلهتهم حينئذٍ ليفقدوها في الساعة التي علقوا بها الرجاء فيها
قال ابن عباس: كل زعم في القرآن فهو كذب {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ}
أي لم يكن جوابهم حين اختبروا بهذا السؤال ورأوا الحقائق {إِلا أَنْ
قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} أي أقسموا كاذبين
بقولهم والله يا ربنا ما كنا مشركين قال القرطبي: تبرؤوا من الشرك وانتفوا
منه لما رأوا من تجاوزه ومغفرته للمؤمنين قال ابن عباس: يغفر الله لأهل
الإِخلاص ذنوبهم فإِذا رأى المشركون ذلك قالوا تعالوا نقول: إِنّا كنا أهل
ذنوب ولم نكن مشركين، فيختم على أفواههم وتنطق أيديهم وتشهد أرجلهم بما
كانوا يكسبون {انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ} أي انظر يا محمد
كيف كذبوا على أنفسهم بنفي الإِشراك عنها أمام علاّم الغيوب، وهذا للتعجيب
من كذبهم الصريح {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} أي تلاشى وبطل
ما كانوا يظنونه من شفاعة آلهتهم وغاب عنهم ما كانوا يفترونه على الله من
الشركاء.


حال المشركين حين استماع القرآن


{ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى
قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي ءاذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ
يَرَوْا كُلَّ ءاية لا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ
يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ
الأَوَّلِينَ(25)وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ
يُهْلِكُونَ إِلا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ(26)}


ثم وصف تعالى حال المشركين حين استماع القرآن فقال {وَمِنْهُمْ
مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} أي ومن هؤلاء المشركين من يصغي إِليك يا محمد
حين تتلو القرآن {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ
يَفْقَهُوهُ} أي جعلنا على قلوبهم أغطية لئلا يفقهوا القرآن {وَفِي
ءاذَانِهِمْ وَقْرًا} أي ثقلاً وصمماً يمنع من السمع قال ابن جزي: والمعنى
أن الله حال بينهم وبين فهم القرآن إِذا استمعوه وعبّر بالأكنَّة والوقر
مبالغة {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ ءاية لا يُؤْمِنُوا بِهَا} أي مهما رأوا من
الآيات والحجج البيّنات لا يؤمنوا بها لفرط العناد {حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ
يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ
الأَوَّلِينَ} أي بلغوا من التكذيب والمكابرة إِلى أنهم إِذا جاءوك مجادلين
يقولون عن القرآن ما هذا إلا خرافات وأباطيل الأولين {وَهُمْ يَنْهَوْنَ
عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} أي هؤلاء المشركون المكذبون ينهون الناس عن
القرآن وعن اتباع محمد عليه السلام ويُبعدونهم عنه ولا يدعون أحداً ينتفع
{وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} أي وما يهلكون
ولا يعود وباله إِلا عليهم ولا يشعرون.


أمنية لن تتحقق


{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا
لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيات رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ(27)بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ
وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ(28)وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا
نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ(29)}


{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} أي لو ترى يا محمد
هؤلاء المشركين إِذ عرضوا على النار لرأيت أمراً عظيماً تشيب لهوله الرؤوس
قال البيضاوي: وجواب {لَوْ} محذوف تقديره لرأيت أمراً شنيعاً وإِنما حذف
ليكون أبلغ ما يقدره السامع {فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا
نُكَذِّبَ بِآيات رَبِّنَا} أي تمنّوا الرجوع إِلى الدنيا ليعلموا عملاً
صالحاً ولا يكذبوا بآيات الله {وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي إِذا
رجعنا إِلى الدنيا نصدّق ونؤمن بالله إيماناً صادقاً فتمنوا العودة ليصلحوا
العمل ويتداركوا الزلل قال تعالى ردّاً لذلك التمني {بَلْ بَدَا لَهُمْ
مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ} أي ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يخفون
في الدنيا من عيوبهم وقبائحهم فتمنوا ذلك {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا
نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} أي لو ردّوا - على سبيل الفرض
لأنه لا رجعة إِلى الدنيا بعد الموت - لعادوا إلى الكفر والضلال وإِنهم
لكاذبون في وعدهم بالإِيمان {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا
الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} أي قال أولئك الكفار الفجار ما هي
إِلا هذه الحياة الدنيا ولا بعث ولا نشور.


الدنيا والآخرة في الميزان


{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا
بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا
كُنتُمْ تَكْفُرُونَ(30)قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ
حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا
عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى
ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ(31)وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا
لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
أَفَلا تَعْقِلُونَ(32)}.


{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ} أي لو ترى حالهم إِذ
حُبسوا للحساب أمام رب الأرباب كما يوقف العبد الجاني بين يدي سيده
للعقاب، وجواب {لَوْ} محذوف للتهويل من فظاعة الموقف {قَالَ أَلَيْسَ هَذَا
بِالْحَقِّ} أي أليس هذا المعاد بحق؟ والهمزة للتقريع على التكذيب
{قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} أي قالوا بلى والله إِنه لحق {قَالَ فَذُوقُوا
الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} أي ذوقوا العذاب بسب كفرهم في
الدنيا وتكذيبهم رسل الله، ثم أخبر تعالى عن هؤلاء الكفار فقال {قَدْ
خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ} أي لقد خسر هؤلاء المكذبون
بالبعث {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} أي حتى إِذا جاءتهم
القيامة فجأةً من غير أن يعرفوا وقتها قال القرطبي: سميت القيامة بالساعة
لسرعة الحساب فيها {قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا}
أي قالوا يا ندامتنا على ما قصَّرنا وضيّعنا في الدنيا من صالح الأعمال
{وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ} أي والحال أنهم
يحملون أثقال ذنوبهم على ظهورهم قال البيضاوي: وهذا تمثيلٌ لاستحقاقهم آصار
الآثام وقال {عَلَى ظُهُورِهِمْ} لأن العادة حمل الأثقال على الظهور، قال
ابن جزي: وهذا كناية عن تحمل الذنوب، وقيل إِنهم يحملونها على ظهورهم حقيقة
فقد رُوي أن الكافر يركبه عمله بعد أن يتمثل له في أقبح صورة، وأن المؤمن
يركب عمله بعد أن يتمثل في أحسن صورة {أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} أي بئس ما
يحملونه من الأوزار {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}
أي باطل وغرور لقصر مدتها وفناء لذتها {وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ
لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} أي الآخرة وما فيها من أنواع النعيم خير لعباد الله
المتقين من دار الفناء لأنها دائمة لا يزول عنهم نعيمها ولا يذهب عنهم
سرورها {أَفَلا تَعْقِلُونَ} أي أفلا تعقلون أن الآخرة خير من الدنيا.


حزن النبي صلى الله عليه وسلم على تكذيب قومه وإعراضهم


{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ
فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيات اللَّهِ
يَجْحَدُونَ(33)وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى
مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ
لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ
الْمُرْسَلِينَ(34)وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ
اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي
السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآية وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى
الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ(35)}.


ثم سلَّى تعالى نبيه لتكذيب قومه له فقال {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ
لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} أي قد أحطنا علماً بتكذيبهم لك وحزنك
وتأسفك عليهم قال الحسن: كانوا يقولون إِنه ساحر وشاعر وكاهن ومجنون
{فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيات اللَّهِ
يَجْحَدُونَ} أي فإِنهم في دخيلة نفوسهم لا يكذبونك بل يعتقدون صدقك ولكنهم
يجحدون عن عناد فلا تحزن لتكذيبهم قال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يسمى الأمين فعرفوا أنه لا يكذب في شيء ولكنهم كانوا يجحدون فكان
أبو جهل يقول: ما نكذبك يا محمد وإِنك عندنا لمصدّق وإِنما نكذّب ما جئتنا
به {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا
كُذِّبُوا} أي صبروا على ما نالهم من قومهم من التكذيب والاستهزاء
{وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} أي وأوذوا في الله حتى نصرهم الله،
وفي الآية إرشادٌ إِلى الصبر، ووعدٌ له بالنصر {وَلا مُبَدِّلَ
لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} أي ولقد
جاءك بعض أخبار المرسلين الذين كُذّبوا وأُوذوا كيف أنجيناهم ونصرناهم على
قومهم فتسلَّ ولا تحزن فإِن الله ناصرك كما نصرهم {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ
عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ} أي إِن كان إِعراضهم عن الإِسلام قد عظم وشقّ عليك
يا محمد {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ} أي
إِن قدرت أن تطلب سرَباً ومسكناً في جوف الأرض {أَوْ سُلَّمًا فِي
السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآية} أي مصعداً تصعد به إِلى السماء فتأتيهم
بآية ممّا اقترحوه فافعل {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى
الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} أي لو أراد الله لهداهم إِلى
الإِيمان فلا تكوننَّ يا محمد من الذين يجهلون حكمة الله ومشيئته الأزلية.


صورة أخرى من الإعراض والعناد


{ إنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى
يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ(36)وَقَالُوا لَوْلا
نُزِّلَ عَلَيْهِ ءاية مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ
يُنَزِّلَ ءاية وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ(37)}.


{إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} أي إِنما يستجيب
للإِيمان الذين يسمعون سماع قبول وإصغاء، وهنا تمَّ الكلام ثم ابتدأ
فقال{وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ} قال ابن كثير: يعني بذلك الكفار
لأنهم موتى القلوب فشبههم الله بأموات الأجساد، وهذا من باب التهكم بهم
والإِزراء عليهم قال الطبري: يعني الكفار يبعثهم الله مع الموتى، فجعلهم
تعالى ذكره في عداد الموتى الذين لا يسمعون صوتاً، ولا يعقلون دعاءً، ولا
يفقهون قولاً، إذ كانوا لا يتدبرون حجج الله ولا يعتبرون بآياته ولا
يتذكرون فينزجرون عن تكذيب رسل الله {ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} أي ثم
مرجعهم إلى الله فيجازيهم بأعمالهم {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ
ءاية مِنْ رَبِّهِ} أي قال كفار مكة هلاّ نُزّل على محمد معجزة تدل على
صدقه كالناقة والعصا والمائدة قال القرطبي وكان هذا منهم تعنتاً بعد ظهور
البراهين وإقامة الحجة بالقرآن الذي عجزوا أن يأتوا بسورة من مثله {قُلْ
إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ ءاية} أي هو تعالى قادرٌ على
أن يأتيهم بما اقترحوا {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أي لا
يعلمون أن إنزالها يستجلب لهم البلاء لأنه لو أنزلها وَفْق ما طلبوا ثم لم
يؤمنوا لعاجلهم بالعقوبة كما فعل الأمم السابقة.


إحاطة علم الله بجميع أحوال مخلوقاته


{وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَآئِرٍ يَطِيرُ
بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ
مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ(38)وَالَّذِينَ كَذَّبُوا
بِآياتنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ
وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(39)}.


{وَمَا مِنْ دآبَّةٍ فِي الأَرْضِ} أي ما من حيوان يمشي على وجه
الأرض {وَلا طَآئِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} أي ولا من طائر يطير في الجو
بجناحيه {إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} أي إلا طوائف مخلوقة مثلكم خلقها الله
وقدَّر أحوالها وأرزاقها وآجالها قال البيضاوي: والمقصود من ذلك الدلالة
على كمال قدرته وشمول علمه وسعة تدبيره ليكون كالدليل على أنه قادر على أن
ينزّل ءاية {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} أي ما تركنا وما
أغفلنا في القرآن شيئاً من أمر الدين يحتاج الناس إليه في أمورهم إلا
بيّناه وقيل: إن المراد بالكتاب اللوح المحفوظ ويكون المعنى: ما تركنا في
اللوح المحفوظ شيئاً لم نكتبه {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} أي
يجمعون فيقضي بينهم قال الزمخشري: يعني الأمم كلها من الدواب والطير
فيعوضها وينصف بعضها من بعض كما روي أنه يأخذ للجماء من القرناء
{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ} أي
والذين كذبوا بالقرآن صمٌ لا يسمعون كلام الله سماع قبول بكمٌ لا ينطقون
بالحق خابطون في ظلمات الكفر قال ابن كثير: وهذا مثل أي مثلهم في جهلهم
وقلة علمهم وعدم فهمهم كمثل أصم وهو الذي لا يسمع، أبكم وهو الذي لا يتكلم،
وهو مع هذا في ظلمات لا يبصر، فكيف يهتدى مثل هذا إلى الطريق أو يخرج مما
هو فيه! {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي من يشأ الله إضلاله يضلله ومن يشأ هدايته يرشده
إلى الهدى ويوفقه لدين الإِسلام.


تصوير حال المشركين في الشدائد


{ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ
أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنتُمْ
صَادِقِينَ(40)بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ
إِنْ شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ(41)وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى
أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ
لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ(42)فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا
تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(43)فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا
عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا
أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ(44)فَقُطِعَ دَابِرُ
الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ(45)}.


{قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ
أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ} استفهام تعجيب أي أخبروني إن أتاكم عذاب الله كما
أتى من قبلكم أو أتتكم القيامة بغتة من تدعون؟ {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ
إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} أي أتدعون غير الله لكشف الضر عنكم؟ إن كنتم
صادقين في أن الأصنام تنفعكم {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا
تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} أي بل تخصونه تعالى بدعائكم في الشدائد
فيكشف الضر الذي تدعونه إلى كشفه إن شاء كشفه {وَتَنسَوْنَ مَا
تُشْرِكُونَ} أي تتركون الآلهة فلا تدعونها لاعتقادكم أن الله تعالى هو
القادر على كشف الضر وحده دون سواه {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ
مِنْ قَبْلِكَ} هذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي والله لقد
أرسلنا رسلاً إلى أمم كثيرين من قبلك فكذبوهم {فَأَخَذْنَاهُمْ
بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} أي بالفقر والبؤس والأسقام والأوجاع
{لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} أي لكي يتضرعوا إِلى الله بالتذلل والإِنابة
{فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}.


لولا للتحضيض أي فهلا تضرعوا حين جاءهم العذاب، وهذا عتاب على ترك
الدعاء وإِخبارٌ عنهم أنهم لم يتضرعوا مع قيام ما يدعوهم إلى التضرع
{وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ} أي ولكن ظهر منهم النقيض حيث قست قلوبهم فلم
تلن للإِيمان {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي
زين لهم المعاصي والإِصرار على الضلال {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا
بِهِ} أي لما تركوا ما وُعظوا به {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ
شَيْءٍ} أي من النعم والخيرات استدراجاً لهم {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا
أُوتُوا} أي فرحوا بذلك النعيم وازدادوا بطراً {أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً
فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} أي أخذناهم بعذابنا فجأة فإذا هم يائسون قانطون
من كل خير {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي استؤصلوا
وهلكوا عن آخرهم {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي على نصر
الرسل وإهلاك الكافرين قال الحسن: مُكر بالقوم وربّ الكعبة، أُعطوا حاجتهم
ثم أخذوا وفي الحديث إذا رأيتَ الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما
يحب فإنما هو استدراج ثم قرأ {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ
فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا
أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}.


عجز المخلوقات ومهمة الرسل المبشرين


[b]{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ
وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ
يَأْتِيكُمْ بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيات ثُمَّ هُمْ
يَصْدِفُونَ(46)قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ
بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ
الظَّالِمُونَ(47)وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ
وَمُنذِرِينَ فَمَنْ ءامَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
يَحْزَ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wagna.ahlamontada.net
رياض العربى
صاحب الموقع

صاحب الموقع
رياض العربى


العمل/الترفيه : مدرس
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 17/10/2009
عدد المساهمات : 13693

تفسير سورة الانعام Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانعام   تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالأربعاء 1 ديسمبر 2010 - 20:03

رد للتنشيط

اللهم علمنا من القران ما جهلنا

انك نعم المولى و نعم النصير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wagna.ahlamontada.net
مشموشى
مشرفة قسم السنة النبوية الشريفة
مشرفة قسم السنة النبوية الشريفة
مشموشى


العمل/الترفيه :
رقم العضوية : 318
تاريخ التسجيل : 12/04/2010
عدد المساهمات : 2798

تفسير سورة الانعام Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانعام   تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالأربعاء 1 ديسمبر 2010 - 20:23

جزاك الله كل خير رياض
وكتب هذه الصفحة الكريمة فى صحيفة أعمالك
ان شاء الله

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رياض العربى
صاحب الموقع

صاحب الموقع
رياض العربى


العمل/الترفيه : مدرس
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 17/10/2009
عدد المساهمات : 13693

تفسير سورة الانعام Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانعام   تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالأربعاء 1 ديسمبر 2010 - 20:36

شكرا مشموشى على المرور الكريم

جزاكى الله خيرا

شكرا على حسن المتابعة

تقبلى تحياتى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wagna.ahlamontada.net
دنيا محمد
عضو فضى
عضو فضى
دنيا محمد


العمل/الترفيه : الدال على الخير كفاعله
رقم العضوية : 281
تاريخ التسجيل : 30/03/2010
عدد المساهمات : 229

تفسير سورة الانعام Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانعام   تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالخميس 6 يناير 2011 - 22:32

جزاك الله خيرا[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رياض العربى
صاحب الموقع

صاحب الموقع
رياض العربى


العمل/الترفيه : مدرس
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 17/10/2009
عدد المساهمات : 13693

تفسير سورة الانعام Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانعام   تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالسبت 8 يناير 2011 - 14:27

شكرا دنيا محمد على المرور الكريم

جزاكى الله خيرا

شكرا على حسن المتابعة

تقبلى تحياتى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wagna.ahlamontada.net
روميساء
عضو جديد
عضو جديد



رقم العضوية : 878
تاريخ التسجيل : 09/01/2011
عدد المساهمات : 22

تفسير سورة الانعام Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانعام   تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالأحد 9 يناير 2011 - 16:31

بارك الله فيك يا رياض وادخلك جنته
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة الانعام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة الفاتحه
» تفسير سورة الإخلاص
» تفسير سورة الهمزه
» تفسير سورة العصر
» تفسير سورة القارعه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
وجنة ::  المنتدى الإسلامى ::  منتدى القرآن الكريم و تفسيره -
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» الحشيش والدم
تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالإثنين 14 فبراير 2022 - 16:50 من طرف رياض العربى

» اهم الاماكن ودورها في علاج الـــــــــــــــــ
تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالأربعاء 12 يونيو 2019 - 3:06 من طرف مروة التيمي

» أفضل شركة بالدمام
تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالجمعة 17 مايو 2019 - 2:51 من طرف مروة التيمي

» ادمان العين
تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالثلاثاء 7 مايو 2019 - 1:46 من طرف مروة التيمي

» علاج الــ :cry:
تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالأربعاء 1 مايو 2019 - 22:05 من طرف مروة التيمي

» كيف يتم تشخيص الــ
تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالأحد 28 أبريل 2019 - 23:55 من طرف مروة التيمي

» اعراض ادمان ........
تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالجمعة 19 أبريل 2019 - 15:44 من طرف مروة التيمي

» مصائب في اتجاه المجتمع
تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالإثنين 8 أبريل 2019 - 22:43 من طرف مروة التيمي

» احصائيات عن الحشيش
تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالأحد 7 أبريل 2019 - 20:05 من طرف مروة التيمي

» شبح الموت!!!
تفسير سورة الانعام I_icon_minitimeالأربعاء 3 أبريل 2019 - 19:36 من طرف مروة التيمي

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
رياض العربى
تفسير سورة الانعام I_vote_rcapتفسير سورة الانعام 11110تفسير سورة الانعام I_vote_lcap 
احزان زمان
تفسير سورة الانعام I_vote_rcapتفسير سورة الانعام 11110تفسير سورة الانعام I_vote_lcap 
mnona
تفسير سورة الانعام I_vote_rcapتفسير سورة الانعام 11110تفسير سورة الانعام I_vote_lcap 
العرايشي
تفسير سورة الانعام I_vote_rcapتفسير سورة الانعام 11110تفسير سورة الانعام I_vote_lcap 
حمودى الروش
تفسير سورة الانعام I_vote_rcapتفسير سورة الانعام 11110تفسير سورة الانعام I_vote_lcap 
برديس المصريه
تفسير سورة الانعام I_vote_rcapتفسير سورة الانعام 11110تفسير سورة الانعام I_vote_lcap 
عمر
تفسير سورة الانعام I_vote_rcapتفسير سورة الانعام 11110تفسير سورة الانعام I_vote_lcap 
مشموشى
تفسير سورة الانعام I_vote_rcapتفسير سورة الانعام 11110تفسير سورة الانعام I_vote_lcap 
محمود السعيد
تفسير سورة الانعام I_vote_rcapتفسير سورة الانعام 11110تفسير سورة الانعام I_vote_lcap 
الامير
تفسير سورة الانعام I_vote_rcapتفسير سورة الانعام 11110تفسير سورة الانعام I_vote_lcap