غزوة بدر الكبرى

غزوة بدر الكبرى
كانت غزوة بدر فى اليوم السابع عشر من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة وهى أول معركة كبيرة فى الإسلام ، قامت بين الحق والباطل ، فانتصر فيها الحق وأينع وأثمر

قال تعالى :
" ويٌريٌد الله أنيحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين "
سورة الانفال أيه 7

سببهـا

علم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن قافلة تجارية لقريش قادمة من الشام فى طريقهاإلى مكة ، وكان على رأسها أبو سفيان ، فأراد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يعترض طريق هذه القافلة ليفجع قريشا فى أموالها فجعت قريش المسلمين من قبل فى أموالهم وانفسهم ، وخرج الرسول فى ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أصحابه فى اليوم الثامن من رمضان ومعهم سبعون بعيراً وفرسا

وحينما علم أبو سفيان بخروج الرسول وأصحابه ، فزع كل الفزع وأرسل إلى قريش يطلب الغوث والنجدة ، فثار القريشيون ثورةعنيفة ونفروا سراعاً وعلى رأسهم سادتهم وكبراؤهم ، وكانت عدتهم تسعمائة وخمسين ومعهم مائة فرسوسبعمائة بعير

ومضى مشركو قريش فى طريقهم لنجدة أبى سفيان وتخليص أموالهم من قبضة المسلمين ، وبينما هم فى الطريق وصلهم رسول من أبى سفيانيخبرهم بنجاته هو وقافلته ويطلب إليهم الرجوع ، ولكن أبا جهل تحمس للحرب والقتال وأبى إلا ان يتقدم حتى إلى بدر"مكان معروف فى الجنوب الغربى من المدينة وكان للعرب فيه سوق تُعقد كل عام ثمانيةأيام " وصاح قائلاً : والله لا نرجع حتى نصل إلى بدر ونقيم عليها ثلاثا ننحر الجزر ونطعم الطعام ونسقى الخمر وتعزف عليناالقيان "العبيد " وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها ، وتردد القوم بين اتباع أبى جهل مخافة أن يتهموابالجبن والخور ، وبين الرجوع إلى مكة مادامت العير قد نجت ، واموالهم قد سلمت ، فلم يرجع إلا بنوزهرة الذين اتبعوا مشورة الأخنس بن شريق وكان فيهم سيدا مطاعا ، واتبعت سائر قريش رأى أبى جهل، ومضوا فى طريقهم حتى وصلوا إلى وادى بدر ونزلوا بالعدوة القصوى عن المدينة.

موقف المسلمين بعد نجاةالعير

وعلم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) والمسلمون أن العير قد بجت وأفلتت من أيديهم وان قريشا قد خرجت بخيلها ورجلهاواتخذت الطريق إلى بدر لتحدى المسلمين قريباً من ديارهم ، وتلقى فى قلوبهم الرعب ، فجمع الرسول اصحابه واستشارهم وقال لهم :
{ إن الله وعدنى إحدى الطائفتين أنها لكم }
" أى العير أو النفير، هو ذلك الجيش الذى نفر لقتال المسلمين وقد صدق الله وعده فأفلت العير ولم يفلت النفير بل انتصر المسلمون "

وهنا يتجلى إخلاص المسلمين وتظهر نيتهم الصادقة وأيمانهم الكامل
فقد قام المقداد بن عمرورضى الله عنه وقال : ( يا رسول الله ، امض لما أمرك الله ، فوالله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى:
" فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون "
ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون . . . . )
وقال سعد بن معاذ – سيد الأنصر : ( لقد أمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض لما أردت فنحن معك ، فوالذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك وما نكره أن تلقى بنا العدو غدا ، إنا لصبر عند الحرب ، صدق عند اللقاء ، ولعل الله يريكمنا ما تقر به عينك ، فسر على بركة الله )

ولقد أشرق وجه الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) بالسرور حينما رأى من أصحابه هذا التضامن والايمان الكامل ، وقال لهم ( أبشروا والله لكأنى أنظر إلى مصارع القوم ) ثم نزل المسلمون بعدوة الوادى الدنيا – أى القريبة من المدينة .

رأى الحباب بن المنذر فى مكان المسلمين

وكان الحباب بن المنذر بن الجموح عليما بهذا المكان ،فلما رأى حيث نزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
قال :يا رسول الله أرأيت هذا المكان ، أمنزلا أنزلكه الله فليس لنا أن نتقدمه أو نتأخره ، أم هوالرأى والحرب والمكيدة ؟
قال رسول الله : بل هو الرأى والحرب والمكيدة
فقال الحباب : يارسول الله فإن هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى نأتى أدنى ماء منالقوم فننزل ثم نعور " اى نتلف ما وراءه "ما وراءه من الآبار ثم نبنى عليه حوضاً فنملؤه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولايشربون
وحينئذ فكر الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فاقتنع بهذا الرأى السديد
وأعلن أمام المسلمين أنه نزل على رأى الحباب، وأن فى ذلك الحكمة والصواب
وهكذا كان الرسول يشاور أصحابه عملا بقوله تعالى
" وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله "

وكان يحترم الرأى الصائب وينفذه ولو تعارض مع رأيه ، ولميكن من أولئك القادة والرؤساء الذين يعميهم التعصب الممقوت ، ويستبدون بالرأى فينزلقون إلى البشر ، ويجرون وراءهم الأمم والشعوب إلى مهاوى الفناء

رأى سعد بن معاذ فى مكان الرسول

ولما نفذوا رأى الحباب بن المنذر ، وبنوا الحوض
قال سعد بن معاذ : يا نبى الله نبنى لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك ، ثم نلقى عدونا فإن اعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما احببنا ، وان كانت الاخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا ، فقد تخلف عنك أقوام يا نبى الله ما نحن باشد لك حبا منهم ، ولوظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك ، يمنعك الله بهم يناصحوك ، ويجاهدون معك

وقد أثنى الرسول صلوات الله وسلامه عليه على سعد ودعا له بخير ثم بنى العرش للنبى حتى يكون فى مأمن من العدو إذا لم يكن النصر فى جانب المسلمين ، وهكذا الاخلاص والايثار إنما يظهر فى اوقات المحن ، وهكذا الايمان العميق يتجلى نقاؤه أمام الشدائد ، وبمثل هذا الاخلاص والايثار والايمان تفضل الله على المسلمين ونصرهم وبدلهم من بعد خوف امنا ومن بعد ضعف قوة
الحمد لله ربالعالمين

بدء المعركة

وفى اليوم السابع عشر من شهر رمضان "يروى أن هذا هو اليوم نفسه الذى ابتدأ فيه نزول القرآن على رسول الله فى غار حراء, وبين التاريخين أربعة عشرة سنة قمرية " بدأت المعركة بين فئتين : فئة تقاتل فى سبيل الله وأخرى كافرة
وكان الكفار يبلغون ثلاثة أمثال المسلمين ولكن الله أيد المسلمين بايمانهم وأيدهم بجنوده وملائكته
قال تعالى
{ إِذْ تَسْتِغِيثُونَربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرىولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم }
سورة الانفال 9 ، 10

وحينما حمى القتال ورأى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كثرة عدد المشركين ظل يهتف من أعماق نفسه قائلاً : ( اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها تحاولأن تكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذى وعدتنى ، اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لاتعبد )
وهكذا يمضى الرسول فى ضراعته إلى الله حتى يسقط رداؤه عن منكبه فيرده عليه أبوبكر وهو يقول مشفقاً عليه من كثرة الابتهال : يا نبى الله، بعض مناشدتك ربك " أى لم تتعب نفسك هذا التعب واللهقد وعدك بالنصر ؟ " فان الله منجز لك ما وعدك ،ولكن الرسول الكريم يظل فيما هو فيه من ضراعة وابتهال ، مشغولاً عن نفسه وعن كل ما حوله بدعاءذى الجلال والاكرام حتى أخذته خفقه من نعاس فرأى نصر اللهيضئ ويملأ الآفاق ، فاستيقظ فرحا مستبشراً وخرج إلى الناس يحرضهم على القتال ويقوللهم :
والذى نفس محمد بيدهلا يقاتل اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة

وقد تراءت الجنة أمام المسلمين حينما سمعوا كلام نبيهمحتى لقد قال عميربن الحمام وكان فى يده تمرات يأكلها بخ بخ ، أما بينى وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلنى هؤلاء ؟ ثمألقى بالتمرات من يده ، وأخذ سيفه وقاتل فى صبر وإيمان ، حتى قتل

ثم اشتد القتال فلم تكن إلا ساعة حتى هزم الجمع وولوا الدبر ، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون فقتل من المشركين نحو السبعين وأسر منهممثل هذا العدد ولم يستشهد من المسلمين إلا أربعة عشر فحسب
قال تعالى
" كم من فئة قليلةغلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين "
البقرة ايه 249

ورجع الرسول ( صلى الله عليه وسلم )إلى المدينة ومعه اصحابه فرحين بنصر الله وعدله مستبشرين بنعمته وفضله

أسرى بدر

ولما دخلو المدينة استشار الرسول عليه السلام
أصحابه فيما يفعل بالأسرى

فقال عمر بن الخطاب :
يا رسول الله ، قد كذبوك وقاتلوك وأخرجوك فاضرب أعناقهم

وقال أبو بكر :
يا رسول الله ، هم أهلك وقومك أرى أن تستبقهم وتأخذ الفداء منهم فيكون لنا من هذا
الفداء قوة ، وعسى الله أن يهديهم الى الإسلام فيكونوا لك عضدا ،

فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
: إن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال :

" فمن تبعنى فإنه
منى ومن عصانى فانك غفور رحيم "

سورة ابراهيم ايه 36

وإن مثلك يا عمر مثل نوح قال :

" ربِ لا تذر على
الأرض من الكافرينَ دَيَّارا "

سورة نوح اية 26

ثم أخذ الرسول
براى أبى بكر فقبل منهم الفداء وأطلق سراحهم وقد تبين أن الحق فى جانب عمر ، فعاتب
الله
رسوله على عدم قتلهم ونزل قوله تعالى :

" ما كان لنبى أن
يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض تُريدون عَرض الدنيا والله يريد الأخرة والله عزيز
حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذابٌ عظيم "

سورة الانفال الايتان
67 ، 68

العبرة من غزوة بدر

كانت درساً عملياً تجلت فيه ثمرة الايمان ، فنصر الله
المسلمين وهم قلة بايمانهم وخذل المشركين وهم كثرة لأنهم اتبعوا الشيطان وحادوا عن
الايمان.

شكرا لكى يا مشموشى على الموضوع الجميل

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

شكرا منونه حبيبتى

اللهم صلى وسلم وبارك على حبيبمك المصطفى صلوات الله عليه وتسليمه

» درس بعنوان : عمر بن الخطاب ـ مواقفه في غزوة أحد ــــــ للشيخ وجدي غنيم
» بالصور.. انطلاق حملات النظافة بالقاهرة الكبرى
» حقيقة المعجزة الكبرى بمكة المكرمة بالصور ,,’’,,’’!!
» المعجزة الكبرى في مكة والكعبة, بالادلة العلمية المصورة