وجنة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد قمنا بأنشاء منتدى جديد و نتمى وجودك معنا
و تساهم فى تقدمه
و يكون ساحة مناسبة لطرح افكارك و موضوعاتك
نتمنى زيارتك لنا و يشرفنا اشتراكك معنا
لك تحياتى

منتدى وجنة
https://wagna.ahlamontada.net

وجنة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد قمنا بأنشاء منتدى جديد و نتمى وجودك معنا
و تساهم فى تقدمه
و يكون ساحة مناسبة لطرح افكارك و موضوعاتك
نتمنى زيارتك لنا و يشرفنا اشتراكك معنا
لك تحياتى

منتدى وجنة
https://wagna.ahlamontada.net

وجنة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وجنة

الرياده .. التميز .. التفوق
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
منتدى وجنة   : إسلامى ... ثقافى .. إجتماعى .. شبابى .. الخواطر  ... القصص ... الغرائب  .... الطرائف .... الأخبار المتجددة .. الحوارات المميزة    

منتدى وجنة .... سحر الكلمات .. همس القلوب .. تحاور العقول .. الأخوه و الصداقة .. الإبداع و التجدد المستمر ... أخر عضو مسجل معنا ( Hazem Hazem) مرحبا به معنا


 

 تابع الجزء الاول من الكتاب 5

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
hima
مشرف الكمبيوتر و الإنترنت و برامج الحماية
مشرف الكمبيوتر و الإنترنت و برامج الحماية
hima


العمل/الترفيه : خريج تربية رياضية المنصوره اعمل بالاردن
رقم العضوية : 215
تاريخ التسجيل : 14/02/2010
عدد المساهمات : 1290

تابع الجزء الاول من الكتاب 5 Empty
مُساهمةموضوع: تابع الجزء الاول من الكتاب 5   تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_icon_minitimeالخميس 4 مارس 2010 - 19:50

(3/21)
لم يسأله الله فيما افترض عليه"(1).
رواه أبو الفتح الأزدي في الجزء الثاني من فوائده بسنده إلى أبي سهل بدر بن عبد الله المصيصي عن الحسن بن عثمان الزيادي.
قال الذهبي في"ميزان الاعتدال"(1/300): حديث بدر عن الحسن بن عثمان الزيادي باطل ــ يعني هذا الحديث ــ، وقد رواه عنه النعمان بن هارون.
هذا مع أن أبا الفتح الأزدي ضعيف.
وقال ابن الجوزي في"الضعفاء"(2/53):كان حافظاً ولكن في حديثه مناكير، وكانوا يضعفونه.
وقال الخطيب في"تاريخ بغداد"(2/244): متهم بوضع الحديث.
ضعفه البرقاني، وأهل الموصل لا يعدونه شيئا(2)ً.
13ــ"من زارني حتى ينتهي إلى قبري كنت له يوم القيامة شهيداً أو قال شفيعا".
أخرجه العقيلي في"الضعفاء"(3/457) عن ابن عباس مرفوعاً، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر.
هذا حديث موضوع على ابن جريج.
قال ابن عبد الهادي في"الصارم المنكي"(ص150)Sadقد وقع تصحيف في متنه وإسناده، أما التصحيف في متنه فقوله:"من زارني"، من الزيارة، وإنما هو"من رآني في المنام كان كمن رآني في حياتي"، هكذا في كتاب العقيلي في نسخة ابن عساكر "من رآني"، من الرؤيا،
فعلى هذا يكون معناه صحيحاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: { من رآني في المنام فقد رآني، لأن الشيطان
لا يتمثل بي } .
وأما التصحيف في سنده فقولهSadسعيد بن محمد الحضرمي)، والصواب (شعيب بن محمد)، كما في رواية ابن عساكر.
فعلى كل حال فهذا الحديث ليس بثابت، سواء كان بلفظ الزيارة أو الرؤيا، لأن راويه فضالة بن سعيد ابن زميل المزني شيخ مجهول، لا يعرف له ذكر إلا في هذا الخبر الذي تفرد به، ولم يتابع عليه).
وقال الذهبيSadقال العقيلي: حديثه غير محفوظ، حدثناه سعيد بن محمد الحضرمي، حدثنا فضالة، حدثنا محمد بن يحيى، عن ابن جريج، عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا:"من زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي".
__________
(1) 14) انظر:"الصارم المنكي" (ص139ــ141).
(2) 15) انظر:"ميزان الاعتدال" (3/523).
(3/22)
وقال الذهبي في"ميزان الاعتدال"(3/348ــ349): هذا موضوع على ابن جريج.
14ــ "ما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر".
أخرجه ابن النجار في"الدرة الثمينة في تاريخ المدينة"(ص143ــ 144) عن أنس.
وفيه سمعان بن المهدي:
قال الذهبي في"ميزان الاعتدال"(2/234): سمعان بن المهدي عن أنس بن مالك لا يعرف، الصقت به نسخة مكذوبة رأيتها قبّح الله من وضعها.
قال ابن حجر في"لسان الاعتدال"(3/114): وهذه النسخة من رواية محمد بن المقاتل الرازي، عن جعفر بن هارون الواسطي، عن سمعان، فذكر النسخة، وهي أكثر من ثلاث مائة حديث. اهـ.
قلت ــ القائل هو الشيخ حماد الأنصاري ــ : هذه أربعة عشر حديثاً يستدل بها القائلون على جواز شدّ الرحل إلى القبر، وهذا جملة ما احتج به من أجاز شدّ الرحل إلى زيارة القبر الشريف بمجرده.
فقد تبين لك أن جميع هذه الأخبار ليس فيها حديث صحيح، ولا حسن، بل كلها ضعيفة جداً، أو موضوعة لا أصل لها كما تقدم لك عن أئمة هذا الشأن مفصلاً، فلا تغتر بكثرة طرقها وتعددها، فكم من حديث له طرق أضعاف هذه الطرق التي سردناها عليك، ومع ذلك فهو موضوع عند أهل الباب، لأن الكثرة لا تفيد إذا كان مدارها على الكذابين،
أو المتهمين، أو المتروكين، أو المجهولين كما سمعت في هذه الأحاديث، فإنها لا تخلو من كذاب،
أو متهم، أو متروك، أو مجهول لا يعرف أبداً، ومثل هذا لا يصلح للتقوية كما هو معلوم عند أهل هذا الفن، هذا إذا لم يكن من الصحيح ما يُبطلها، فكيف وهو موجود ومعلوم في الصحيح كما تقدم مِنْ منع شدّ الرحل إلى غير المساجد الثلاثة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم"
(3/23)
(2/772ــ773)Sadلم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا روى أحد في ذلك شيئاً لا أهل الصحيح ولا السنن ولا الأئمة المصنفون في المسند كالإمام أحمد وغيره، وإنما روى ذلك من جمع الموضوع وغيره، وأجل حديث روي في ذلك حديث رواه الدارقطني وهو ضعيف باتفاق أهل العلم بالأحاديث المروية في زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - كقوله:"من زارني وزار أبي إبراهيم الخليل في عام واحد ضمنت له على الله الجنة"، و"من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي"، و"من لم يحج ولم يزرني فقد جفاني"، ونحو هذه الأحاديث مكذوبة موضوعة).
قلت ــ مازال الكلام للشيخ حماد الأنصاري ــ: هذا هو الصواب الذي يجب أن يدان الله به، ومن كان عنده حديث صحيح في هذا الموضوع ــ أعني في جواز شدّ الرحل إلى قبر مخصوص ــ فعليه البيان.
وأما هذه الأحاديث فهي كما قدمت إما أحاديث موضوعة مكذوبة، وإما أحاديث ليست في شدّ الرحل بل هي في الزيارة المشروعة المجمع عليها.
وفي هذه الزيارة نصوص صحيحة صريحة تغني عن هذه البواطل، التي لا يصح الاحتجاج بها في ثبوت حكم من الأحكام الشرعية كائنا ما كان، بل ولا تجوز روايتها إلا مع بيان أنها موضوعة أو ضعيفة لا تصلح للاحتجاج بها لئلا يدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: { من حدّث عني بحديث يُرى انه كذب فهو أحد الكاذبين } عند مسلم وغيره عن المغيرة بن شعبة، وسمرة بن جندب مرفوعا بألفاظ متعددة. انتهى كلام الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله.
* المبحث الرابع:
هل انفرد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله بتحريم شد الرحال لزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبور الصالحين؟!:
(3/24)
واعلم أن هذا القول، أعني تحريم شد الرحال إلى القبور، مع كونه هو مذهب السلف، وهو الذي تقتضيه أدلة الشرع، التي منها ما هو صريح أو كالصريح في الدلالة على المراد، كحديث: { لا تشد الرحال } ، ومنها ما يتضمنه ويستلزمه، كحديث: { لا تتخذوا قبري عيداً } وأحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد، إلا أن بعض المتأخرين نسبوه إلى ابن تيمية وحده وجعلوه من أفراده، وأمتحن رحمه الله بسبب ذلك من قبل بعض القضاة في عصره، فحكموا بمنعه من الفتيا وبحبسه، والقصة مشهورة معلومة، مع أنه قد سبقه إلى القول بذلك جمهور السلف وطائفة من الخلف، كالقاضي عياض، وهو من أئمة المالكية، وأبي محمد الجويني من أئمة الشافعية، وابن عقيل وهو من مشاهير علماء الحنابلة، وكلهم سابقون لابن تيمية وقد قالوا بتحريم شد الرحال إلى القبور، والذين حكوا أقوالهم وذكروا الخلاف في المسألة كابن قدامة المقدسي والنووي سابقون له أيضاً، فكيف يدعي بعد ذلك انفراده بهذا القول ويشنع عليه ذلك التشنيع؟!
وقد انتصر لهذا القول جمهرة من أهل العلم في عصر شيخ الإسلام وبعده:
فمنهم ابن الكتبي الشافعي ومحمد بن عبد الرحمن البغدادي المالكي وابن البتي الحنبلي
وأبو عمرو بن أبي الوليد المالكي، وهؤلاء كانوا معاصرين لشيخ الإسلام، ولما سجن بسبب
فتواه في شد الرحال، كتبوا مؤيدين له فيما ذهب إليه(1).
ومنهم الأئمة الأعلام: ابن القيم، وابن عبد الهادي، وابن كثير، وهم معاصرون لشيخ الإسلام وتلامذة له.
__________
(1) 16) انظر"مجموع الفتاوى" (27/194ــ206).
(3/25)
ومن المتأخرين: صديق حسن خان القنوجي، والمباركفوري شارح الترمذي، وشمس الحق الآبادي صاحب"عون المعبود"، والشيخ عبد العزيز الدهلوي، والشيخ ولي الله صاحب كتاب"حجة الله البالغة"، والشنقيطي صاحب"أضواء البيان"، وعلامة الشام جمال الدين القاسمي، ورشيد رضا، ومحب الدين الخطيب، وأحمد شاكر، والمعلمي اليماني، ومحمد عبدالرزاق حمزة، والألباني، وابن باز، وابن عثيمين...وغيرهم ممن لا يحصيهم عدد من مشاهير علماء الأمصار.
وليس المقصود من ذكر هؤلاء الاحتجاج بأقوالهم ومذاهبهم، وإنما الغرض الرد على من زعم انفراد ابن تيمية بهذا المذهب.
علما بأن ابن تيمية رحمه الله لم يقل بتحريم زيارة القبور أو زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم -، وإنما قال بتحريم شد الرحال إلى ذلك أو يقترن بالزيارة شيء من المخالفات والبدع.
وإليك النقول التالية التي تبين هذا الأمر:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في"الجواب الباهر"(25ــ26)Sadقد ذكرت فيما كتبته من المناسك أن السفر إلى مسجده وزيارة قبره ــ كما يذكر أئمة المسلمين في مناسك الحج ــ عمل صالح مستحب، وقد ذكرت في عدة مناسك الحج السنة في ذلك وكيف يسلم عليه - صلى الله عليه وسلم - والصلاة تقصر في هذا السفر المستحب باتفاق أئمة المسلمين، لم يقل أحد من أئمة المسلمين أن هذا السفر لا تقصر فيه الصلاة، ولا نهى أحد عن السفر إلى مسجده، وإن كان المسافر إلى مسجده يزور قبره - صلى الله عليه وسلم -، بل هذا من أفضل الأعمال الصالحة، ولا في شيء من كلامي وكلام غيري نهي عن ذلك، ولا نهي عن المشروع في زيارة قبور الأنبياء والصالحين ولا عن المشروع في زيارة سائر القبور، بل قد ذكرت في غير موضع استحباب زيارة القبور كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزور أهل البقيع وشهداء أحد رضي الله عنهم، وإذا كانت زيارة قبور عموم المؤمنين مشروعة فزيارة قبور الأنبياء والصالحين أولى).
(3/26)
وقال أيضاً في كتابه"الرد على الأخنائي"(ص16ــ17)Sadقال المعترض ــ الأخنائي ــ:"أما بعد فإن العبد لما وقف على الكلام المنسوب لابن تيمية المنقول عن نسخة فتياه ظهر لي ــ من صريح ذلك القول وفحواه ــ مقصده السيئ ومغزاه، وهو تحريم زيارة قبور الأنبياء وسائر القبور والسفر إليها ودعواه أن ذلك معصية محرمة مجمع عليها".
فيقال: هذا الكلام مع قلته فيه من الكذب الباطل والافتراء ما يُلْحِقُ صاحبه بالكذابين المردودي الشهادة، أو الجهال البالغين في نقض الفهم والبلادة.
وكان ينبغي له أن يحكي لفظ المجيب بعينه ويبين ما فيه من الفساد وإن ذَكَرَ معناه فليسلك سبيل الهدى والسداد.
فأما أن يذكر عنه ما ليس فيه ولا يذكر ما فيه فهذا خروج عن الصدق والعدل إلى الكذب والظلم.
وذلك أن الجواب ليس فيه تحريم زيارة القبور ألبتة، لا قبور الأنبياء والصالحين، ولا غيرهم،
ولا كان السؤال عن هذا وإنما فيه الجواب عن السفر إلى القبور وذَكْرِ قولي العلماء في ذلك.
والمجيب ــ يقصد ابن تيمية نفسه ــ قد عُرِفَتْ كتبه وفتاويه مشحونة باستحباب زيارة القبور وفي جميع مناسكه يذكر استحباب زيارة قبور أهل البقيع وشهداء أحد ويذكر زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل مسجده والأدب في ذلك وما قاله العلماء، وفي نفس الجواب قد ذكر ذلك ولم يذكر قط أن زيارة القبور معصية ولا حكاه عن أحد بل كان يعتقد حين كتب هذا الجواب أن زيارة القبور مستحبة بالإجماع ثم رأى بعد ذلك نزاعاً هو نزاع مرجوح والصحيح أنها مستحبة...) إلى آخر كلامه رحمه الله.
(3/27)
وقال الإمام ابن عبد الهادي في"الصارم المنكي في الرد على السبكي"(ص24)Sadوليعلم قبل الشروع في الكلام مع هذا المعترض أن شيخ الإسلام رحمه الله لم يحرم زيارة القبور على الوجه المشروع في شيء من كتبه ولم ينه عنها ولم يكرهها بل استحسنها وحض عليها، ومناسكه ومصنفاته طافحة بذكر استحباب زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وسائر القبور).
ونقل الإمام ابن كثير في"البداية والنهاية"(14/124) عن البرزالي أنه قالSadدخل القاضي جمال الدين بن جملة وناصر الدين مشد الأوقاف، وسألاه ــ يعني ابن تيمية ــ عن مضمون
قوله في مسألة الزيارة، فكتب ذلك في درج وكتب تحته قاضي الشافعية بدمشق: قابلت الجواب عن هذا السؤال المكتوب على خط ابن تيمية إلى أن قالSadوإنما المَحَزَ جعله زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبور الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصية بالإجماع مقطوعاً بها)، فانظر الآن هذا التحريف على شيخ الإسلام، فإن جوابه على هذه المسألة ليس فيه منع زيارة قبور الأنبياء والصالحين، وإنما ذكر قولين في شد الرحل والسفر إلى مجرد زيارة القبور، وزيارة القبور
من غير شد رحل إليها مسألة، وشد الرحل لمجرد الزيارة مسألة أخرى، والشيخ ــ أي ابن
تيمية ــ لم يمنع الزيارة الخالية من شد رحل بل يستحبها ويندب إليها وكتبه ومناسكه تشهد بذلك. ولم يتعرض إلى هذه الزيارة في هذا الوجه في الفتيا أي التي بحث فيها في شد الرحل لزيارة القبور، ولا قال أنها معصية، ولا حكى الإجماع على المنع منها ولا هو جاهل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: { زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة } والله سبحانه لا يخفى عليه شيء ولا تخفى عليه خافية: { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ } ) اهـ.
(3/28)
وقال ابن عابدين رحمه الله في"رد المحتار"(4/53)Sadوما نُسب إلى الحافظ ابن تيمية الحنبلي من أنه يقول بالنهي عنها، فقد قال بعض العلماء: إنه لا أصل له، وإنما يقول بالنهي عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة، أما نفس الزيارة فلا يخالف فيها كزيارة سائر القبور).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الضعيفة"(1/46)Sadيظن كثير من الناس أن شيخ الإسلام ابن تيمية ومن نحى نحوه من السلفيين يمنع زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم -، وهذا كذب وافتراء وليست أول فرية على ابن تيمية رحمه الله تعالى، وكل من له اطلاع في كتب ابن تيمية يعلم أنه يقول بمشروعية زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - واستحبابها إذا لم يقترن بها شيء من المخالفات والبدع، مثل شد الرحل والسفر إليها لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: { لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد } والمستثنى منه ليس هو المساجد فقط كما يظن كثيرون بل هو كل مكان يقصد للتقرب إلى الله فيه سواء كان مسجداً أو قبراً أو غير ذلك، بدليل ما رواه أبو هريرة قال ــ في حديث له ــ: (فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال: من أين أقبلت؟ فقلت: من الطور، فقال:
لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت! سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: { لا تعمل المطي
إلا إلى ثلاثة مساجد } الحديث أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح.
فهذا دليل على أن الصحابة فهموا الحديث على عمومه، ويؤيده أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه شد الرحل لزيارة قبر ما، فهم سلف ابن تيمية في هذه المسألة، فمن طعن فيه فإنما يطعن في السلف الصالح رضي الله عنهم).
* المبحث الخامس:
بيان من الذي انفرد حقيقة عن أقوال سائر الأمة وخالف مذاهب كل الأئمة في مسالة شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء والصالحين؟!
(3/29)
الذي انفرد حقيقة عن أقوال سائر الأمة وخالف مذاهب كل الأئمة هم هؤلاء المخالفون، السبكي القائل: (إنه لو ثبت خلاف في زيارة غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يلزم من ذلك إثبات خلاف في زيارته، لأن زيارة القبر تعظيم، وتعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - واجب، وأما غيره فليس كذلك).
ومحمد بن علوي المالكي القائل في"شفاء الفؤاد في زيارة قبر خير العباد"(ص7)Sadاتفقت جميع الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس على استحباب زيارة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - من قرب ومن بعد ...الخ).
وقد صرح النووي وابن حجر العسقلاني وابن قدامة المقدسي رحمهم الله بوجود الخلاف في مسألة شد الرحل إلى القبور كما سبق معنا، وهم من العلم والفقه والمعرفة بمكان،
ولم يحكوا في المسألة سوى قولين: التحريم، والجواز، ولم يذكروا الاستحباب أو الوجوب أصلاً، فضلاً عن دعوى الإجماع عليه.
وبهذا يتضح من الذي انفرد حقيقة عن أقوال سائر الأمة وخالف مذاهب كل الأئمة في مسالة شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء والصالحين.
هذا ما وفقني الله لجمعه والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمداً وعلى آله وصحبه أجمعين.
(3/30)
أقوال علماء السنة في قصيدة البردة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :
1- كلام الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - :
قال الإمام محمد بن عبدالوهاب : " في تفسير سورة الفاتحة " :
وأما الملك فيأتي الكلام عليه ، وذلك أن قوله: ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) وفي القراءة الأخرى ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) فمعناه عند جميع المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله ك ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ {17} ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ {18} يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ {19} )[ سورة الانفطار الآيات: 17/19].
فمن عرف تفسير هذه الآية ، وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم ، مع أنه سبحانه مالك كل شيء ذلك اليوم وغيره، عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها ، وسبب الجهل بها دخل النار من دخلها، فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيها أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها، فأين هذا المعني والإيمان بما صرح به القرآن ، مع قوله صلى الله عليه وسلم : (( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاُ )) [ أخرجه البخاري في صحيحة: كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب رقم: 2753 ، والنسائي في سننه: كتاب الوصايا إذا أوصى لعشيرته الأقربين (6/ 248-250) رقم : 3644، 3646، 3647، من حديث أبي هريرة.
من قول صاحب البردة:
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ***** اذا الكريم تحلي بأسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي ***** محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يازلة القدم
فليتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها ، ومن فتن بها من العباد، وممن يدعى أنه من العلماء واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن .
(4/1)
هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بقوله: ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله) وقوله: : (( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاُ )) لا والله ، لا والله لا والله إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق ، وأن فرعون صادق ، وأن محمداً صادق على الحق ، وأن أبا جهل صادق على الحق . لا والله ما استويا ولن يتلاقيا حتى تشيب مفارق الغربان.
فمن عرف هذه المسألة وعرف البردة ، ومن فتن بها عرف غربة الإسلام وعرف أن العدل واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائنا، ليس عن التكفير والقتال ، بل هم الذين بدءونا بالتكفير وعند قوله: ( فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) [سورة الجن الآية : 18].وعند قوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) [سورة الإسراء: الآية : 57]. وقوله: ( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ) [سورة الرعد الآية: 14].
فهذا بعض المعاني في قوله : ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) بإجماع المفسرين كلهم ،وقد فسرها الله سبحانه في سورة ( إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ ) [ الانفطار : 1] كما قدمت لك.
( تفسير سورة الفاتحة من مؤلفات الإمام محمد بن عبدالوهاب ص 13 المجلد الخامس )
-------------------------------------------------
2- كلام العلامة المجدد عبدالرحمن بن حسن - رحمه الله - :
قال العلامة المجدد عبدالرحمن بن حسن :
وقد ذكر شيخ الإسلام ، عن بعض أهل زمانه : أنه جوّز الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يستغاث فيه بالله . وصنف في ذلك مصنفاً ، رده شيخ الإسلام ، ورده موجود بحمد الله .
ويقول : إنه يعلم مفاتيح الغيب ، التي لا يعلمها إلا الله . وذكر عنهم أشياء من هذا النمط . نعوذ بالله من عمى البصيرة .
وقد اشتهر في نظم البوصيري ، قوله :
(4/2)
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم !َ!
وما بعده في الأبيات ، التي مضمونها : إخلاص الدعاء ، واللياذ والرجاء والاعتماد في أضيق الحالات ، وأعظم الاضطرار لغير الله .
فناقضوا الرسول صلى الله عليه وسلم في ارتكاب ما نهى عنه أعظم مناقشة ، وشاقوا الله ورسوله أعظم مشاقة .
وذلك أن الشيطان أظهر لهم هذا الشرك العظيم ، في قالب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه . وأظهر لهم التوحيد والإخلاص ، الذي بعثه الله به في قالب تنقصه .
وهؤلاء المشركون هم المتنقصون الناقصون ، أفرطوا فى تعظيمه بمانهاهم عنه أشد النهي ، وفرطوا في متابعته . فلم يعبؤوا بأقواله وأفعاله ، ولارضوا بحكمه ولاسلموا له ، وأنما يحصل تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم بتعظيم أمره ونهيه .
وهؤلاء المشركون عكسوا الأمر . فخالفوا ما بلَّغ به الأمة ، وأخبر به عن نفسه صلى الله عليه وسلم .
فعاملوه بما نهاهم عنه من الشرك بالله ، والتعلق على غير الله ، حتى قال قائلهم :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل : يا زلة القد
فإن من جودك الدنيا وضرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
فانظر إلى هذا الجهل العظيم ، حيث اعتقد أنه لا نجاة له إلا بعياذه ولياذه بغير الله .
وانظر إلى هذا الإطراء العظيم ، الذي تجاوز الحد في الإطراء ، الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم بقوله " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبدٌ ، فقولوا عبدالله ورسوله " رواه مالك وغيره . وقد قال تعالى : ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكن إني ملك ) [ الأنعام : 50 ] .
(4/3)
فانظر إلى هذه المعارضة العظيمة للكتاب والسنة ، والمحادة لله ورسوله . وهذا الذي يقوله هذا الشاعر هو الذي في نفوس كثير ، خصوصاً ممن يدعي العلم والمعرفة ، ورأوا قراءة هذه المنظومة ونحوها لذلك وتعظيمها من القربات ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد .
باب ماجاء أن سبب كفر بنى آدم وتركهم دينهم هو الغلو (1/381) .
باب قول الله تعالى ( فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون ) ( 2/693).
-------------------------------------------------
3- كلام العلامة ـالمحدث ـ سليمان بن عبدالله - رحمه الله -:
قال : العلامة المحدث سليمان بن عبدالله في كتاب تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد :
ومن بعض أشعار المادحين لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم قول البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ***** إذا الكريم تجلى باسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي ***** محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
فتأمل ما في هذه الأبيات من الشرك .
منها : أنه نفى أن يكون له ملاذٌ إذا حلت به الحوادث ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس ذلك إلا لله وحده لا شريك له ، فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو .
الثاني : أنه دعاه وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه ، وسأل منه هذه المطالب التي لا تطلب إلا من الله ، وذلك هو الشرك في الإلهية .
الثالث : سؤاله منه أن يشفع له في قوله :
ولن يضيق رسول الله ... البيت ...
وهذا هو الذي أراده المشركون ممن عبدوه ، وهو الجاه والشفاعة عند الله ، وذلك هو الشرك ، وأيضاً فإن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله فلا معنى لطلبها من غيره ، فإن الله تعالى هو الذي يأذن للشافع أن يشفع لا أن الشافع يشفع ابتداء .
الرابع : قوله : فإن لي ذمة ... إلى آخره .
(4/4)
كذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، فليس بينه وبين من اسمه محمد ذمة إلا بالطاعة ، لا بمجرد الاشتراك في الاسم مع الشرك .
تناقض عظيم وشرك ظاهر ، فإنه طلب أولاً أن لا يضيق به جاهه ، ثم طلب هنا أن يأخذ بيده فضلاً وإحساناً ، وإلا فيا هلاكه .
فيقال : كيف طلبت منه أولاً الشافعة ثم طلبت منه أن يتفضل عليك ، فإن كنت تقول : إن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله ، فكيف تدعو النبي صلى الله عليه وسلم وترجوه وتسأله الشفاعة ؟ فهلا سألتها من له الشفاعة جيمعاً ، الذي له ملك السموات والأرض ، الذي لا تكون الشفاعة إلا من بعد إذنه ، فهذا يبطل عليك طلب الشفاعة من غير الله .
وإن قلت : ما أريد إلا جاهه ، وشفاعته ، بإذن الله .
قيل : فكيف سألته أن يتفضل عليك ويأخذ بيدك في يوم الدين ، فهذا مضاد لقوله تعالى : ? وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدرك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله ? [ الانفطار ] ، فكيف يجتمع في قلب عبد الإيمان بهذا وهذا .
وإن قلت : سألته أن يأخذ بيدي ، ويتفضل عليَّ بجاهه وشفاعته .
قيل : عاد الأمر إلى طلب الشفاعة من غير الله ، وذلك هو محض الشرك .
(4/5)
السادس : في هذه الأبيات من التبري من الخالق - تعالى وتقدس - والاعتماد على المخلوق في حوادث الدنيا والآخرة ما لا يخفى على مؤمن ، فأين هذا من قوله تعالى : ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ? [ الفاتحة ] ، وقوله تعالى : ? فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ? [ التوبة :129] ، وقوله : ? وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً ? [ الفرقان:58 ] ، وقوله تعالى : ? قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ ? . [ الجن :21-23 ] .
فإن قيل : هو لم يسأله أن يتفضل عليه ، وإنما أخبر أنه إن لم يدخل في عموم شفاعته فيا هلاكه . قيل : المراد بذلك سؤاله ، وطلب الفضل منه ، كما دعاه أول مرة وأخبر أنه لا ملاذ له سواه ، ثم صرح بسؤال الفضل والإحسان بصيغة الشرط والدعاء ، والسؤال كما يكون بصيغة الطلب يكون بصيغة الشرط ، كما قال نوح عليه السلام : ? وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ? [ هود:47 ] .
ومنهم من يقول : نحن نعبد الله ورسوله ، فيجعلون الرسول معبودا .
قلت: وقال البوصيري :
فإن من جودك الدنيا وضرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
(4/6)
فجعل الدنيا والآخرة من جوده ، وجزم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ ، وهذا هو الذي حكاه شيخ الإسلام عن ذلك المدرس ، وكل ذلك كفر صريح . ومن العجب أن الشيطان أظهر لهم ذلك في صورة محبته عليه السلام وتعظيمه ومتابعته ، وهذا شأن اللعين لابد وأن يمزج الحق بالباطل ليروج على أشباه الأنعام اتباع كل ناعق، الذين لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ، لأن هذا ليس بتعظيم، فإن التعظيم محله القلب واللسان والجوارح وهم أبعد الناس منه ، فإن التعظيم بالقلب: ما يتبع اعتقاد كونه عبداً رسولاً ، من تقديم محبته على النفس والولد والوالد والناس أجمعين .
....... فكيف بمن يقول فيه ؟ !
فإن من جودك الدنيا وضرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
ويقول في همزيته :
هذه علتي وأنت طبيبُ ***** ليس يخفى عليك في القلب داء
وأشباه هذا من الكفر الصريح .
كناب تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد ( ص 621 ).
-------------------------------------------------
4- كلام العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين - رحمه الله - :
قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين في كتابه الرد على البردة :
قوله :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل : يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
(4/7)
مقتضى هذه الأبيات إثبات علم الغيب للنبي صلى الله عليه وسلم وأن الدنيا والآخرة من جوده وتضمنت الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم من أعظم الشدائد ورجاءه لكشفها وهو الأخذ بيده في الآخرة وإنقاذه من عذاب الله ، وهذه الأمور من خصائص الربوبية والألوهية التي ادعتها النصارى في المسيح عليه السلام وإن لم يقل هؤلاء إن محمداً هو الله أو ابن الله ولكن حصلت المشابهة للنصارى في الغلو الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم بقوله : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله " والإطراء هو المبالغة في المدح حتى يؤول " الأمر إلى " أن يجعل المدح شيء من خصائص الربوبية والألوهية .
وهذه الألفاظ صريحة في الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم كقوله :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
أي وإلا فأنا هالك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه : " لا ملجأ منك إلا إليك " .
وقوله :
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** ومنقذي من عذاب الله والألم
أو شافعاً لي ...... إلخ . [ أي ] وإلا هلكت ، وأي لفظ في الاستغاثة أبلغ من هذه الألفاظ وعطف الشفاعة على ما قبلها بحرف أو في قوله : " أو شافعاً لي " صريح في مغايرة ما بعد أو لما قبلها وأن المراد مما قبلها طلب الإغاثة بالفعل والقوة . فإن لم يكن فبالشفاعة .
والناظم آل به المبالغة في الإطراء الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا الغلو والوقوع في هذه الزلقة العظيمة ونحو ذلك قوله في خطابه للنبي صلى الله عليه وسلم:
الأمان الأمان إن فؤادي ***** من ذنوب أتيتهن هراء
هذه علتي وأنت طبيبي ***** ليس يخفى عليك في القلب داء
(4/Cool
فطلب الأمان من النبي صلى الله عليه وسلم وشكا إليه علة قلبه ومرضه من الذنوب فتضمن كلامه سؤاله من النبي صلى الله عليه وسلم مغفرة ذنبه وصلاح قلبه ، ثم أنه صرّح بأنه لا يخفى عليه في القلب داء فهو يعلم ما احتوت عليه القلوب . وقد قال سبحانه : ? وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ [التوبة :101] وقال : ? وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ? [الأنفال:60] وخفى عليه صلى الله عليه وسلم أمر الذين أنزل الله فيهم : ? وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ ? [النساء:107] الآيات حتى جاء الوحي وخفى عليه صلى الله عليه وسلم أمر أهل الإفك حتى أنزل الله القرآن ببراءة أم المؤمنين رضي الله عنها وهذا في حياته فكيف بعد موته وهذا يقول : " وليس يخفى عليه في القلب داء " يعني أنه يعلم ما في القلوب والله سبحانه يقول : ? وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ? [آل عمران:154/ والتغابن:4] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه فلا يأخذه فإنما اقطع له قطعة من النار " .
كتاب الرد على البردة للعلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين ( ت / 1282 هـ ) ( ص 361 / 362 / 363 / 387 / 388 / ) )
--------------------------
كلام العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين في البردة من كتابه كتاب تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس :
قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين :
(4/9)
قول الناظم : إن من جودك الدنيا وضرتها : أي من عطائك وإنعامك وإفضالك الدنيا والآخرة ، وهذا كلام لا يحتمل تأويله بغير ذلك ، ووازن بين قول الناظم من جودك الدنيا وضرتها وبين قوله تعالى : ? قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً ? [ الجن :21] وقوله: ? قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ? [ الأنعام : 50 ] .
قال ابن كثير : " قل لا أقول لكم عندي خزائم الله " أي خزائن رزقه فأعطيكم ما تريدون (ولا أعلم الغيب ) فأخبركم بما غاب مما مضى وما سيكون ( ولا أقول لكم إني ملك ) ؛ لأن الملك يقدر على ما لا يقدر عليه الآدمي ويشاهد ما لا يشاهده الآدمي .
وقوله تعالى : ? قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ?[ الأعراف:118] . ص / 25 .
--------------------------
وازن بين قول يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك ، وبين قول الذي له النبي صلى الله عليه وسلم : " أجعلتني لله ندًّا حيث قال له ما شاء الله وشئت " . فهذا لو قال ما لي من ألوذ به إلا الله وأنت ، لكان أقبح من قول القائل ما شاء الله وشئت ؛ لأن الله أثبت للعبد مشيئة لقوله : ? لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ? [التكوير:28] ? فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ? [الإنسان:29] فكيف إذا أفرد الرسول باللياذ والالتجاء من عذاب ذلك اليوم لا تكلم فيه نفس إلا بإذنه ! . ص / 45
--------------------------
قول صاحب البردة :
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** ومنقذي من عذاب الله والألم
(4/10)
هو استغاثة بل من أبلغ ألفاظ الاستغاثة، كقول الأبوين ? رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ? [الأعراف: 23] . وقول نوح : ? وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ? [هود:47] . وقول بني إسرائيل : ? لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ? [الأعراف:149] أترى أن الأبوين وجميع المذكورين يخبرون الله بأنه إن لم يغفر لهم ويرحمهم فهم خاسرون وأن هذا منهم مجرد إخبار ، بل كل أحد يعرف أن هؤلاء الذين أخبر الله عنهم بهذا الكلام يسألون الله ويرغبون إليه في أن يغفر لهم ويرحمهم ومعترفون بأنه إن لم يغفر لهم ويرحمهم فهم خاسرون .
وأما قول صاحب البردة وقول المشطِّر :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمإن
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي**** ومنقذي من عذاب الله والألم
................................. ***** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
أي وإن لم تأخذ بيدي وتنقذني من عذاب الله فقل يا زلة القدم . أي فأنا خاسر أو هالك ، فهو كقول الأبوين : ? وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ? [لأعراف:23] وقول نوح : ? وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ? [هود:47] . ? لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ? [الأعراف:149] . ص / 58 / 59 .
-----------------
كتاب تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس . ص ( 25 / 45 / 58 / 59 )
للعلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين ـ رحمه الله ـ
-------------------------------------------------
5- كلام العلامة محمد بن على الشوكاني – رحمه الله - :
(4/11)
فانظر رحمك الله تعالى ما وقع من كثير من هذه الأمة من الغلو المنهى عنه المخالف لما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما يقوله صاحب البردة رحمه الله تعالى :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
فانظر كيف نفى كل ملاذ ما عدا عبدالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وغفل عن ذكر ربه ورب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لله وإنا إليه راجعون .
وهذا باب واسع ، قد تلاعب الشيطان بجماعة من أهل الإسلام حتى ترقوا إلى خطاب غير الأنبياء بمثل هذا الخطاب ، ودخلوا من الشرك في أبواب بكثير من الأسباب .
ومن ذلك قول من يقول مخاطباً لابن عجيل :
هات لي منك يابن موسى إغاثة ***** عاجلاً في سيرها حثاثة
فهذا محض الاستغاثه التي لاتصلح لغير الله لميت من الأموات قد صار تحت أطباق الثرى من مئات السنين .
وقد وقع في البردة والهمزية شيء كثير من هذا الجنس ، ووقع أيضاً لمن تصدى لمدح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولمدح الصالحين والأئمة الهادين ما لا يأتي عليه الحصر ، ولا يتعلق بالاستكثار منه فائدةٌ فليس المراد إلا التنبيه والتحذير لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) .
الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ( 59 / 60)
-------------------------------------------------
6- كلام العلامة محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - :
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله في كتابه "القول المفيد على كتاب التوحيد " (1/218) :
وقد ضل من زعم أن لله شركاء كمن عبد الأصنام أوعيسى بن مريم عليه السلام ، وكذلك بعض الشعراء الذين جعلوا المخلوق بمنزلة الخالق ؛ كقول بعضهم يخاطب ممدوحاً له :
فكن كمن شئت يامن لاشبيه له ***** وكيف شئت فما خلق يدانيك
وكقول البوصيري في قصيدته في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم :
يا أكرمَ الخلْقِ مالي مَن ألوذُ به ***** سواك عند حدوثِ الحادثِ العَمم
(4/12)
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يازلة القدم
فإن مِن جودك الدنيا وضَرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله: وهذا من أعظم الشرك لأنه جعل الدنيا والآخرة من جود الرسول صلى الله عليه وسلم، ومقتضاهُ أن الله جل ذكره ليس له فيهما شيء.
وقال :– أي البوصيري – " ومن علومك علم اللوح والقلم "، يعني : وليس ذلك كل علومك ؛ فما بقي لله علمٌ ولا تدبيرٌ ـ والعياذ بالله ـ . أ. هـ
القول المفيد على كتاب التوحيد (1/218).
-------------------------------------------------
7- كلام العلامة صالح بن فوزان الفوزان-حفظه الله- :
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان في كتابه إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد :
قوله تعالى ; ولا شفيعٌ ; أي : واسطة ، يتوسط له عند الله ، ما أحد يشفع له يوم القيامة إلا بإذن الله سبحانه وتعالى ، وبشرط أن يكون هذا الشخص ممن يرضى الله عنه ، هذه شفاعة منفيّة فبطل أمر هؤلاء الذين يتخذون الشفعاء ويظنون أنهم يخلصونهم يوم القيامة من عذاب الله كما يقول صاحب " البردة " :
يا أكرم الخلق ما لي من أولذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً ***** بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلّة القدم
هذا على اعتقاد المشركين أن الرسول يأخذ بيده ويخلصه من النار ، وهذا ليس بصحيح ، لا يخلصه من النار إلا الله سبحانه وتعالى إذا كان من أهل الإيمان .
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 1 / 241 )
-------------------------
عن أنس رضي الله عنه : أن أناساً قالوا يارسول الله ، ياخيرنا وابن خيرنا ، وسيدنا وابن سيدنا ، فقال (( يا أيها الناس قولوا بقولكم ، ولايستهوينكم الشيطان ، أنا محمد رسول ؛ عبد الله ورسوله ، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل )) رواه النسائي بسند جيد .
فهذان الحديثان يُستفاد منهما فوائد عظيمة :
(4/13)
الفائدة الأولى : فيه التحذير من الغلوّ في حقِّه صلى الله عليه وسلم عن طريق المديح ، وأنّه صلى الله عليه وسلم إنّما يوصف بصفاتِه التي أعطاهُ الله إيَّاها : العبوديّة والرِّسالة ، أمّا أن يُغلي في حقَّه فيوصف بأنّه يفرِّج الكُروب ويغفر الذنوب ، وأنه يستغاث به - عليه الصلاة والسلام بعد وفاته ، كما وقع فيه كثيرٌ من المخرِّفين اليوم فيما يسمّونه بالمدائح النبوية في أشعارهم : " البردة " للبوصيري ، وما قيل على نسجها من المخرفين، فهذا غلو أوقع في الشرك، كما قال البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها *****ومن علومك علم اللوح والقلم
فهذا غلوٌّ - والعياذ بالله - أفضى إلى الكفر والشِّرْك ، حتى لم يترُك لله شيئاً ، كلّ شيء جعله للرسول صلى الله غليه وسلم : الدنيا والآخرة للرسول ، علم اللوح والقلم للرسول ، لا ينقذ من العذاب يوم القيامة إلا الرسول ، إذاً ما بقي لله عز وجل ؟
وهذا من قصيدةٍ يتناقلونها ويحفظونها ويُنشدونها في الموالد .
وكذلك غيرُها من الأشعار ، كلّ هذا سببه الغلوّ في الرّسول صلى الله عليه وسلم .
وأمّا مدحُه صلى الله عليه وسلم بما وصفه الله به بأنّه عبدٌ ورسول ، وأنه أفضل الخلق ، فهذا لا بأس به ، كما جاء في أشعار الصحابة الذين مدحوه ، كشعر حسان بن ثابت ، وكعب بن زهير ، وكذلك كعب بن مالك ، وعبدالله بن رواحة ، فهذه أشعار نزيهة طيبة ، قد سمعها النبي صلى الله عليه وسلم وأقرها ، لأنها ليس فيها شيءٌ من الغلو ، وإنما فيها ذكر أوصافه صلى الله عليه وسلم .
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 2 / 312 )
-------------------------
ففي قوله : " عبدالله " ردٌّ على الغلاة في حقه صلى الله عليه وسلم .
(4/14)
وفي قوله : " رسوله " ردٌ على المكذبين الذين يكذّبون برسالته صلى الله عليه وسلم ، والمؤمنون يقولون : هو عبدالله ورسوله .
هذا وجهه الجمع بين هذين اللفظين ، أن فيهما رداً على أهل الإفراط وأهل التفريط في حقه صلى الله عليه وسلم .
وفيه : ردٌ على الذين غلو في مدحه صلى الله عليه وسلم من أصحاب القصائد ، كقصيدة البُردة والهمزية وغيرهما من القصائد الشركية التي غلت في مدحه صلى الله عليه وسلم ، حتى قال البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من أولذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
فنسي الله سبحانه وتعالى .
ثم قال :
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
يعني : ما ينجيه من النار يوم القيامة إلاّ الرسول .
ثم قال :
فإن من جودك الدّنيا وضرّتها ***** ومن علومك علم اللّوح والقلم
الدنيا والآخرة كلها من وجود النبي صلى الله عليه وسلم ، أما الله فليس له فضل ، هل بعد هذا الغلو من غلو ؟؟ .
واللّوح المحفوظ والقلم الذي كتب الله به المقادير هذا بعض علم النبي صلى الله عليه وسلم ، ونسي الله تماماً - والعياذ بالله - .
وكذلك من نهج على نهج البردة ممن جاء بعده ، وحاكاه في هذا الغلو ، هذا كله من الغلو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ومن الإطراء .
أما المؤمنون فيمدحون الرسول صلى الله عليه وسلم بما فيه من الصفات الحميدة والرسالة والعبودية ، كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، كما عليه شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم الذين مدحوه وأقرّهم ، مثل : حسّان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، وكعب بن زُهير ، وعبدالله بن رواحة ، وغيرهم من شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم الذين مدحوه بصفاته صلى الله عليه وسلم ، وردوا على الكفّار والمشركين .
هذا هو المدح الصحيح المعتدل ، الذي فيه الأجر وفيه الخير ، وهو وصفه صلى الله عليه وسلم بصفاته الكريمة من غير زيادة ولا نُقصان .
(4/15)
ومن الغلو في حقه صلى الله عليه وسلم : إحياء المولد كل سنة ، لأن النصارى يحيون المولد بالنسبة للمسيح على رأس كل سنة من تاريخهم ، فبعض المسلمين تشبه بالنصارى فأحدث المولد في الإسلام بعد مضي القرون المفضلة ، لأن المولد ليس له ذكر في القرون المفضلة كلها ، وإنما حدث بعد المائة الرابعة ، أو بعد المائة السادسة لما انقرض عهد القرون المفضلة ، فهو بدعة ، وهو من التشبه بالنصارى .
وتبين هنا ما يُستفاد من هذه الأحاديث باختصار :
المسألة الأولى : التحذير من الغلو في مدحه صلى الله عليه وسلم ، لأن ذلك يؤدي إلى الشرك ، كما أدى بالنصارى إلى الشرك .
المسألة الثانية : فيه الرد على أصحاب المدائح النبوية التي غلوا فيها في حقه صلى الله عليه وسلم ، كصاحب البردة ، وغيره .
المسألة الثالثة : فيه النهي عن التشبه بالنصارى ، لقوله : " كما أطرت النصارى ابن مريم ".
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 1 / 274 / 280 / 281 ) )
-------------------------
فإذا كان الرسول أنكر الاستغاثة به فيما يقدر عليه ، فكيف بالاستغاثة به فيما لا يقر عليه إلا الله سبحانه وتعالى ؟ ، وكيف بالاستغاثة بالأموات ؟ . هذا أشد إنكاراً.
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم منع من الاستغاثة الجائزة في حياته تأدُّباً مع الله ، فكيف بالاستغاثة به بعد وفاته ؟ ، وكيف بالاستغاثة بمن هو دونه من الناس ؟ . هذا أمر ممنوع ومحرّم . وهذا وجه استشهاد المصنّف رحمه الله بالحديث للترجمة .
إذاً فقول البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من أولذ به *****سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً ***** بيدي فضلاً وإلا قل يا زلّة القدم
فإن من جودك الدّنيا وضرّتها ***** ومن علومك علم اللّوح والقلم
أليس هذا من أكبر الشرك ؟
يقول : ماينقذ يوم القيامه إلا الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولايخرج من النار إلا الرسول صلى الله عليه وسلم ، أين الله سبحانه وتعالى ؟ .
(4/16)
ثم قال : إن الدنيا والآخرة كلها من جود الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعلم اللوح المحفوظ والقلم الذي كتب في اللوح المحفوظ بأمر الله هو بعض علم الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذ الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب .
وهذه القصيدة ـ مع الأسف ـ تطبع بشكل جميل وحرف عريض ، وتوزع ، وتقرأ ، ويُيعتنى بها أكثر مما يعتنى بكتاب الله عز وجل ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 1 / 202 )
-------------------------
بل إن بعض الغلاة يقول : إن التسمي بمحمد يكفي ، يقول صاحب البردة :
فإن لي ذمة منه بتسميتي محمداً ***** وهو أوفى الخلق بالذمم
لاينفع عند الله إلا العمل الصالح ، لا الأسماء ولا القباءل ، ولا شرف النسب ، ولا كون إنسن من بيت النبوة ، كل هذا لاينفع إلا مع العمل الصالح والاستقامة على دين الله عز وجل .
نعم القرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كانت مع العمل الصالح لها فضل لاشك فيه ، فأهل البيت الصالحون المستقيمون على دين الله لهم حق ، ولهم شرف كرامة ، ويجب الوفاء بحقهم ، طاعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه أوصى بقرابته وأهل بيته ، لكن
يريد القرابة وأهل البيت المستقيمين على طاعة الله عز وجل ، أما المخرّف والدجّال والمشعوذ الذي يعتمد على قرابته من الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنه في العمل مخالف للرسول صلى الله عليه وسلم ، فهذا لا يُعنيه شيئاً عند الله ، لو كان هذا ينفع أبا لهب ، ونفع أبا طالب، ونفع غيرهم ممن لم يدخلوا في دين الله ، وهم من قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالواجب أن نتنبّه لهذا .
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 1 / 201 )
----------------
راجع كتاب إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد للشيخ العلامة / صالح
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.3lanet.com
محمود السعيد
مشرف الاسلامى العام
مشرف الاسلامى العام
محمود السعيد


العمل/الترفيه : قســم الرواتـــب
رقم العضوية : 242
تاريخ التسجيل : 27/02/2010
عدد المساهمات : 2515

تابع الجزء الاول من الكتاب 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تابع الجزء الاول من الكتاب 5   تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_icon_minitimeالجمعة 23 أبريل 2010 - 10:51

جميل يا سى هيما على بحثك وننتظر المزيد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تابع الجزء الاول من الكتاب 5
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
وجنة ::  المنتديات الأدبية ::  منتدى الكتب-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» الحشيش والدم
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_icon_minitimeالإثنين 14 فبراير 2022 - 16:50 من طرف رياض العربى

» اهم الاماكن ودورها في علاج الـــــــــــــــــ
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_icon_minitimeالأربعاء 12 يونيو 2019 - 3:06 من طرف مروة التيمي

» أفضل شركة بالدمام
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_icon_minitimeالجمعة 17 مايو 2019 - 2:51 من طرف مروة التيمي

» ادمان العين
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_icon_minitimeالثلاثاء 7 مايو 2019 - 1:46 من طرف مروة التيمي

» علاج الــ :cry:
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_icon_minitimeالأربعاء 1 مايو 2019 - 22:05 من طرف مروة التيمي

» كيف يتم تشخيص الــ
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_icon_minitimeالأحد 28 أبريل 2019 - 23:55 من طرف مروة التيمي

» اعراض ادمان ........
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_icon_minitimeالجمعة 19 أبريل 2019 - 15:44 من طرف مروة التيمي

» مصائب في اتجاه المجتمع
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_icon_minitimeالإثنين 8 أبريل 2019 - 22:43 من طرف مروة التيمي

» احصائيات عن الحشيش
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_icon_minitimeالأحد 7 أبريل 2019 - 20:05 من طرف مروة التيمي

» شبح الموت!!!
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_icon_minitimeالأربعاء 3 أبريل 2019 - 19:36 من طرف مروة التيمي

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
رياض العربى
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_rcapتابع الجزء الاول من الكتاب 5 11110تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_lcap 
احزان زمان
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_rcapتابع الجزء الاول من الكتاب 5 11110تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_lcap 
mnona
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_rcapتابع الجزء الاول من الكتاب 5 11110تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_lcap 
العرايشي
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_rcapتابع الجزء الاول من الكتاب 5 11110تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_lcap 
حمودى الروش
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_rcapتابع الجزء الاول من الكتاب 5 11110تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_lcap 
برديس المصريه
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_rcapتابع الجزء الاول من الكتاب 5 11110تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_lcap 
عمر
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_rcapتابع الجزء الاول من الكتاب 5 11110تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_lcap 
مشموشى
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_rcapتابع الجزء الاول من الكتاب 5 11110تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_lcap 
محمود السعيد
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_rcapتابع الجزء الاول من الكتاب 5 11110تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_lcap 
الامير
تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_rcapتابع الجزء الاول من الكتاب 5 11110تابع الجزء الاول من الكتاب 5 I_vote_lcap