لنستمع سويا إلى موقف سيدنا عيسى
(عليه السلام) في هذه القصة،الذي يعلمنا من خلاله دروسا عظيمة في أهمية
الاشتغال بعيوبنا قبل عيوب الآخرين والرحمة والشفقة بالمذنب التائب......
في ذات يوم َجَلَسَ سيدنا عيسى (عليه السلام )
يُعَلِّمُ الناس شريعة الله تعالى ...فَأَحْضَرَ إِلَيْهِ مُعَلِّمُو
الشَّرِيعَة امْرَأَةً ضُبِطَتْ تَزْنِي، وَأَوْقَفُوهَا فِي الْوَسَط...
وَقَالُوا لَهُ: يَا مُعَلِّمُ، هَذِهِ الْمَرْأَةُ ضُبِطَتْ وَهِيَ
تَزْنِي... وَقَدْ أَوْصَانَا مُوسَى فِي شَرِيعَتِهِ بِإِعْدَامِ
أَمْثَالِهَا رَجْماً بِالْحِجَارَةِ، فَمَا قَوْلُكَ أَنْت؟
سَأَلُوهُ ذَلِكَ لِكَيْ يُحْرِجُوهُ فَيَجِدُوا تُهْمَةً يُحَاكِمُونَهُ
بِهَا. أَمَّا هُوَ فَانْحَنَى وَبَدَأَ يَكْتُبُ بِإِصْبَعِهِ عَلَى الأرض
...وَلكِنَّهُمْ أَلَحُّوا عَلَيْهِ بِالسُّؤَالِ، فَاعْتَدَلَ وَقَالَ
لَهُمْ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيئَةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً
بِحَجَر.... ثُمَّ انْحَنَى وَعَادَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ.
فَلَمَّا سَمِعُوا هَذَا الْكَلاَمَ انْسَحَبُوا
جَمِيعاً وَاحِداً تِلْوَ الآخَرِ، ابْتِدَاءً مِنَ الشُّيُوخِ. وَبَقِيَ
سيدنا عيسى (عليه السلام ) وَحْدَهُ، وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي
مَكَانِهَا.
فَاعْتَدَلَ وَقَالَ لَهَا: أَيْنَ هُمْ أَيَّتُهَا
الْمَرْأَةُ؟ أَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْكِ أَحَدٌ مِنْهُمْ؟ أَجَابَتْ: لاَ
أحد يا سَيِّدي. فَقَالَ لَهَا: وَأَنَا لاَ أَحْكُمُ عَلَيْكِ. اذْهَبِي
وَلاَ تَعُودِي تُخْطِئِينَ! الله اكبر
ما أعظم موقف المسيح وجوابه. من كان منكم بلا خطيئة
فليرمها أولا بحجر!! والله درس عظيم ...من منا بلا خطيئة؟ من فينا بلا
معاصي؟ المسيح يدعو الذين أدانوا المرأة لفحص أنفسهم أولاً إن كانوا بلا
خطايا... من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولا بحجر!!
إذن ليحاسب كل منا نفسه قبل أن يحاسب الآخرين ... وليعد كل منا ذنوبه قبل
أن يعد ذنوب الآخرين ... وليصحح كل منا أخطاءه قبل أن يصحح أخطاء الآخرين
... فإياك أَنْ تَقُولَ لأَخِيكَ: يَا أَخِي، دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَشَّةَ
الَّتِي فِي عَيْنِكَ! وأَنْتَ لاَ تُلاحِظُ الْخَشَبَةَ الَّتِي في
عَيْنِكَ أَنْتَ ، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ،
وَعِنْدَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً لِتُخْرِجَ الْقَشَّةَ الَّتِي فِي عَيْنِ
أَخِيكَ....
لذلك سيدنا عيسى (عليه السلام) قال:
( لا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب ، وانظروا فيها
كأنكم عبيد، فإنما الناس رجلان معافي ومبتلي فارحموا أهل البلاء واحمدوا
الله علي العافية )
وقال ايضا : ( طوبى لمن بكي من ذكر خطيئته وحفظ لسانه ووسعه بيته …..طوبي
لعين نامت ولم تحدث نفسها بالمعصية وانتبهت علي غير إثم ) فالسعيد فينا هو
من اشتغل بعيبه وترك عيوب الآخرين