براءة أمنا حواء
أمنا حواء رضى الله عنها ، قد ظلمها أبناؤها ، و اتهموها بغير دليل على
أنها هى اللى غوت أبانا آدم عليه السلام و حرضته على أن يأكل من الشجرة
التى نهاهما الله عنها و كان ذلك سبب خروجهما من الجنة
و الواقع أن تهمة التحريض هذه هى بريئة منها فى القرآن الكريم و أحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم
و لكن هذه التهمة الظالمة مذكورة فى سفر التكوين أول أسفار التوراة
التى أشبعها اليهود زيفاً و تحريفاً ،و فيها قصة تحول الشيطان إلى حية
لدخول الجنة و إغواء حواء التى حرضت آدم ،و هذا تخريف من عدة وجوه :
أولاً : لا يحتاج الشيطان لعمل حيلة لدخول جنة الإختبار و تحوله
إلى حية حتى يخدع الملائكة ، و لكن الله عز و جل لم يمنعه عن إغواء آدم
بغرض إثبات أنه عدو لآدم و ذريته .
كما يستطيع إبليس الإغواء عن بعد ، فنحن على هذه الأرض و لم نحصل
إلا على القليل من العلم ، يستطيع أحدنا من إحدى البلاد ً التحدث بالموبايل
مع شخص آخر فى بلد آخر و يدعوه إلى الهدى أو يحرضه على المعصية ، و لا
ننسى أن القرءان قد ذكر إتصالات بين أصحاب الجنة و أصحاب النار
ثانياً : إمتلأ هذا السفر " سفر التكوين " بتعبيرات لا يجوز وصفها
لله عز و جل فمنها " أن آدم و حواء سمعا صوت الرب الإله ماشياً فى الجنة " "
و إختبأ آدم من وجه الرب " مثل هذه التعبيرات لا يجوز وصفها لله سبحانه و
تعالى
المهم ، ما هو موجود بهذا السفر ليس حجة للمسلمين للأخذ به و إلصاق تهمة بأمنا حواء رضى الله عنها هى منها بريئة بدليل :
أولاً : لم يذكر القرءان الكريم أن حواء هى التى حرضت آدم ، بل ذكر
القرءان الكريم أن الشيطان أغوى آدم و أطاعه آدم فأكل هو و حواء من الشجرة
التى نهاهما الله عنها .
" وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)
سورة طه
ثانياً : لم يؤمر سيدنا آدم بطاعة زوجته بل أُمِرَت هى بطاعة زوجها
، فحينما أمرهما الله عز و جل بالسكن فى الجنة كان كلامه سبحانه و تعالى
موجهاً لآدم عليه السلام :
" وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ
وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ "
سورة البقرة : 35
ثالثاً : عندما أمر الله عز و جل الملائكة بالسجود لآدم ، و امتنع
إبليس عن طاعة ربه إستكباراً و غروراً لم تشاهد أمنا رضى الله عنها هذا
الموقف ، حيث كانت لم تخلق بعد !! فاللوم هنا على أبينا عليه السلام لأنه
رأى بعينه أن إبليس عدو له .
" وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ
أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً "
سورة الكهف : 50
رابعاً : كانت تجربة الشجرة و دخول الجنة و الخروج منها تعليم لنا
جميعاً عن عداوة إبليس لجميع البشر و لكن أبوينا عليهما السلام قد تحملا
العناء وحدهما و قاسا تجربة مريرة نتيجة ذنب نكرره كل يوم عدة مرات
فمن البشر من يشرب الخمر و يقترف المعاصى و يتهاون فى عباداته لخالقه عز و جل
و مع ذلك فإن الرحمن الرحيم يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب إليه و أناب :
يقول الله عز و جل فى سورة طه :
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى (116)
فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)
إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى (119)
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى (120)
فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ
وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)
قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ
فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا
يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123)
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا
(125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ
الْيَوْمَ تُنْسَى (126)
وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)"
سورة طه
-----
رضى الله عز و جل عن أمنا حواء و رزقنا الأنس بلقائها فى الفردوس الأعلى
منقول للفائدة