الثقة بالله في الأزمات
إن المسلم يحتاج كثيرا في هذا الزمان إلى الثقة بالله سبحانه و تعالى ، الثقة بالله يا عباد الله ، الثقة بالله و التوكل على الله .
فلماذا يثق المؤمن بربه و يتوكل عليه ؟
- لأن الله سبحانه و تعالى على كل شيء قدير
- و لأن الأمر كله لله ، قل إن الأمر كله لله ، "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" (يس 82)
- لأنه تعالى يورث الأرض من يشآء من عباده كما قال "....إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ...."(الأعراف 128)
- لأن الأمور عنده سبحانه كما قال عز و جل ".....وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ" (البقرة 210) و ليس إلى غيره
- لأنه شديد المحال فهو عزيز لا يُغلب كما قال تعالى ".......وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ" (الرعد 13)
- لأنه سبحانه و تعالى له جنود السموات و الأرض فقال عز و جل "وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ...." (الفتح 7)
- جمع القوة و العزة "......وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا" (الأحزاب 25)
- و قهر العباد فأذلهم ، فهم لا يخرجون عن أمره و مشيئته "......هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ" (الزمر 4)
- "إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ" (الذاريات58) فهو ذو القوة و هو المتين سبحانه و تعالى
- و هو عز و جل يقبض و يبسط
- و هو يُؤتي مُلكه من يشآء "وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير"ٌ (آل عمران 189)
- و هو سبحانه و تعالى الذي يضُر و ينفع "وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ......" (الأنعام 17)
و لذلك لمّا قام أعداء الله على النبي صلى الله عليه و سلم فأجمعوا مكرهم و أمرهم فإن الله عز و جل أذهب ذلك فقال "......وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (الأنفال 30) و قال "قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ...." (النحل 26) أتى الله بنيانهم من القواعد ، فإذاً المكر بمن مكر بالله ، فالله يمكر به ، و هو يخادع عز و جل "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ...." (النساء 142) و هو الذي يرد بأس المشركين فقال الله عز و جل ".......عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا" (النساء 84) و لذلك فإن النبي صلى الله عليه و سلم لمّا واجه الأعداء في القتال قال الله سبحانه و تعالى ".......عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا" (النساء 84) و قال "......وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ" (البقرة 253) فهو الذي يقدّر الاقتتال و عدم الاقتتال "......فَعَسَى
اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ
فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ" (المائدة 52) و الله عز و جل قد أخبر نبيه صلى الله عليه و سلم بأنه القادر على إمضاء القتال أو وقفه "........كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ........" (المائدة 64) و لذلك فإنه عليه الصلاة و السلام لا يخاف إلا الله "أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ......" (الزمر 36).
و الله
عز و جل سبحانه و تعالى يفعل ما يشاء و يقدّر ما يشاء و لذلك كانت الثقة
به و التوكل عليه واجبا ، فترى موسى عليه السلام لمّا جاء فرعون و جنوده و
أجمعوا كيدهم و بغيهم و ظُلمهم و عدوانهم فأُسقط في يد ضعفاء النفوس و قال
بعض من مع موسى عليه السلام إنا لمُدرَكون ، لا محالة هالكون ، لا فائدة ،
لا نجاة ، محاط بنا ، ستقع الكارثة ، سيُدركنا فرعون ، سيأخذنا ، سيقتلنا ،
سننتهي ، قال موسى الواثق بربه : كلّا إن معي ربي سيهدين ، الثقة بالله عز
و جل
يرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد ، إنه الله عز و جل ، و هي التي
قالها النبي صلى الله عليه و سلم في غزوة الحديبية : إنه ربي و لن يضيّعني
، و هي التي قالها الصحابة الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم
فاخشوهم ، فما الذي حصل ؟ ما زادهم ذلك إلا إيمانا و قالوا حسبنا الله و
نعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوء و إتبعوا رضوان
الله ، و لذلك قال تعالى بعدها "إِنَّمَا ذَلِكُمُ
الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ..... يعني يخّوفكم بأوليائه و
مناصريه ......فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (آل عمران 175).
و لذلك
فإنه لابد من الثقة بالله عز و جل ، و لابد من اعتقاد أن القوة جميعا لله
سبحانه و تعالى ، و لا يجري في الكون إلا ما يريد ، و لا يجري شيء و لا يقع
إلا لحِكَم يُريدها سبحانه و لا يَدري الإنسان ماذا يترتب على الأمور و
لذلك فلابد أن يوقن المسلمون بربهم ، لابد أن يكونوا على صلة بربهم معتمدين
عليه متوكّلين ، يطلبون منه القوة و المَدد لأنه سبحانه و تعالى مالك
القوة جميعاً و هو الذي يمنح أسبابها من يشاء عز و جل ، إن المسلمين في زمن
الضعف يجب عليهم أن يستحضروا دائما الثقة بالله و التوكل عليه و استمداد
القوة منه و الركون إليه و أنه عز و جل ينصر من نصره ، فإذا التجأ العبد
إليه فقد أوى إلى ركن شديد ، اللهم إنا نسألك أن تنصر
الإسلام و المسلمين و أن تُعلي كلمة الدين و نسألك سبحانك و تعالى أن تجعل
رجزك و عذابك على القوم الكافرين