الوصيه
للامام علي ابن ابي طالب
رضي الله عنه يوصي ابنه الحسين رضي الله عنه
*************
احُسَيْنُ إنِّيَ واعِظٌ وَمُؤَدِّبُ*** فَافْهَمْ فَأَنْتَ العَاقِلُ المُتَأَدِّبُ
وَاحْفَظْ وَصِيَّةَ وَالِدٍ مُتَحَنِّنٍ ***يَغْذُوكَ بالادابِ كيلاَ تُعْطَبُ
أَبُنَيَّ إِنَّ الرِّزْقَ مَكْفُوْلٌ بِه ***ِفَعَلَيكَ بالإِجْمالِ فِي ما تَطْلُبُ
لا تَجْعَلَنَّ المالَ كَسْبَكَ مُفْرَدا*** وَتُقَى إلهِكَ فاجْعَلَنْ ما تَكْسِبُ
كَفَلَ الإلهُ بــرزْقِ كُلِّ بَرِيــَّةٍ*** والمَالُ عارِيَةٌ تجِيءُوتَذْهَبُ
والرِّزْقُ أَسْرَعُ مِنْ تَلَفُّتِ ناظِرٍ*** سببا إلى الإنسان حِينَ يُسَبَّبُ
وَمِن السُّيُولِ إلى مَقّرِّ قَرَارِها ***والطير لِلأَوْكارِ حينَ تَصَوَّبُ
أَبُنَيَّ إِنَّ الذِكْرَ فــيهِ مــواعــظٌ*** فَمَنِ الَّذِي بِعِظاتِهِ يَتأَدَّبُ
إِقْرَأْ كِتَابَ اللِه جُهْدَكَ وَاتْلُهُ*** فيمَنْ يَقومُ بِهِ هناكَ ويَنْصِبُ
بِــتَّـفَكُّرٍ وتــخشُّعٍ وتَــــقَرُّبٍ ***إِنَّ المقرَّب عنده المُتَقَرِّبُ
واعْبُدْ إلَهَكَ ذا المَعارِجِ مخلصا ***وانْصُتْ إلى الأَمْثَالِ فِيْمَا تُضْرَبُ
وإذا مَرَرْتَ بِآيَةٍ وَعْظِيَّةٍ ***تَصِفُ العَذَابَ فَقِفْ ودَمْعُك يُسْكَبُ
يا مَنْ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ بِعَدْلِه ***لا تَرْمِني بَيْن الَّذين تُعَذِّبُ
إِنِّي أبوءُ بِعَثْرَتِي وَخَطِيْئَتِي*** هَرَبا إِلَيْكَ وَلَيْس دُوْنَكَ مَهْرَبُ
وإذا مَرَرْتَ بآيَةٍ في ذِكْرِها*** وَصْفُ الوَسِيْلَةِ والنعيمُ المُعْجِبُ
فاسألْ إِلَهَكَ بالإنابَةِ مُخْلِصا ***دَارَ الخُلُودِ سُؤَالَ مَنْ يَتَقَرَّبُ
واجْهَدْ لَعَلَّكَ أنْ تَحِلَّ بأَرضِهَا*** وَتَنَالَ رُوْحَ مَساكِنٍ لا تُخْرَبُ
وتنال عَيْشا لا انقِطَاعَ لوَقْتِهِ ***وَتَنَالَ مُلْكَ كَرَامَةٍ لاَ تُسْلَبُ
بَادِرْ هَوَاكَ إذا هَمَمْتَ بِصَالِحٍ*** خَوْفَ الغَوَالِبِ أنْ تَجيء وتُغْلَبُ
وإذا هَمَمْتَ بِسَيِّىءٍ فاغْمُضْ لهُ*** وتَجَنَّبِ الأَمْرَ الَّذي يُتَجَنَّبُ
واخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلصَّدِيقِ وَكُنْ ***لَهُ كَأَبٍ على أولاده يَتَحَدَّبُ
وَالضَّيْفَ أَكْرِمْ ما اسْتَطَعْتَ جِوَارَهُ*** حَتّى يَعُدَّكَ وارِثا يَتَنَسَّبُ
وَاجْــعَلْ صَــدِيَقَكَ مَنْ إذا آخَــيْتَهُ ***حَفِظَ الإِخَاْءَ وَكَانَ دُوْنَكَ يَضْرِبُ
وَاطْلُبْهُمُ طَلَبَ المَرِيْض شِفَاءَه ***ُوَدَعِ الكَذُوبَ فَلَيْسَ مِمَّنْ يُصْحَبُ
وَاحْفَظْ صَدِيْقَكَ في المَوَاطِنِ كُلِّها*** وَعَلَيْكَ بالمَرْءِ الَّذي لاَ يَكْذِبُ
وَاقْلِ الكَذُوْبَ وَقُرْبَهُ وَجِوَارَهُ ***إِنَّ الكَذُوْبَ مُلَطِّخٌ مَنْ يَصْحَبُ
يُعْطِيْكَ ما فَوْقَ المنى بِلِسَانِهِ*** وَيَرُوْغُ مِنكَ كما يروغ الثَّعْلَبُ
وَاحْذَرْ ذَوِي المَلَقِ اللِّئَامَ فَإِنَّهُمْ ***في النَّائِبَاتِ عَلَيْكَ مِمَّنْ يَخْطُبُ
يَسْعَوْنَ حَوْلَ المَرْءِ ما طَمِعُوا بِه*** ِوإِذَا نَبَا دَهْرٌ جَفَوا وتَغَيَّبُوا
وَلَقَدْ نَصَحْتُكَ إِنْ قَبِلْتَ نصيحَتِي*** والنُّصْحُ أَرْخَصُ ما يُبَاعُ وَيُوْهَبُ