منذ نشأة جماعة الإخوان المسلمين في
عشرينيات القرن الماضي والجماعة دائما توضع في خانة المتهم كانت الجماعة
تخرج إلي النور تارة وتختفي تارة أخري وما بين ذلك وذلك كانت جماعة الإخوان
تمضي في طريقها نحو بناء تنطيم وهيكل للجماعة يكون قادر علي الانقضاض وحجز
مكان لهم في الحياة السياسية في الوقت المناسب مع العلم بأنني لست من
الإخوان إلا أن أدائهم علي الساحة خلال الانتخابات الأخيرة جعلني أتسأل كيف
نجحت جماعة الإخوان في فرض كلمتها في الشارع المصري وحصدها للأغلبية
البرلمانية ووجدت أن إجابة هذا السؤال لن تخرج عن أحد احتمالين:
الأول: وهوان جماعة الإخوان المسلمين نجحت في التواصل مع أطياف الشعب
المصري غير المسيسة والقرب منهم والعمل علي التواصل معهم وحل مشاكلهم في
الوقت الذي ابتعد فيه الساسة عن حل مشاكل الجماهير واتجهوا إلي منصات
الإعلام.
والاحتمال الثاني: وهو أن الجماعة اكتسبت عطف الشارع المصري بعد الظلم
الشديد الذي وقع عليهم في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك وإيداعهم
المعتقلات وتعذيبهم دون تهم محددة وفعلية وفي رأيي أن كلا الإجابتين تكمل
أحداهما الأخري.
وهذا ما يقودنا إلي الواقع الذي نعاني منه الآن فبعد أن نجحت الجماعة في
حصد الأغلبية البرلمانية عاد أصحاب الصوت العالي فقط دون الوجود الحقيقي
علي الأرض تقول إننا أمام حزب وطني جديد فبعد انتهاء نظام مبارك وسقوطه وجد
الإخوان نفسهم في مواجهة مع شباب ميدان التحرير دون أي ذنب اقترفوه سوي
أنهم فازوا في الانتخابات بسبب الحملة الشرسة التي تعرض لها الإخوان في
الإعلام وشحن الناس ضدهم وكأنهم أعداء وليسوا شركاء في الوطن وكانت النغمة
السائدة بأننا نتقبل الديمقراطية وما يفرزه صندوق الانتخابات من فائزين
وعندما أتت الانتخابات بمن أتت وجدنا البعض يتنصل من كلامه ويقول إن مجلس
الشعب لا يعبر عن الشعب المصري.
كيف وقد اختار الشعب ممثليه بإرادة حرة وبالنتخابات نزيهة بشهادة العالم
مع بعض التجاوزات إلا أن هذا هو رأي الشعب وعدنا إلى نغمة (شرعية الميدان
وليست شرعية البرلمان) وكلمة أخيرة كنا نعاني من حسني مبارك ونظامه، لأنه
كان يحكم علي الناس بدون استبيان نواياهم وكذلك نحن الآن نرتكب نفس الخطأ
ظلمهم النظام السابق وكرهناه بسبب ذلك وها نحن الآن نكرر نفس الخطأ ونظلمهم
دون أن نعطيهم الفرصة للعمل وإظهار نواياهم الحقيقية لا ترتكبوا نفس
الحماقات التي يكون بها النظام السابق وإلا سيثور الناس عليكم كما ثاروا
علي الرئيس المخلوع.