ربيَ آصبت ذنب فحُرمت من رزقي
رِزقٌ يكتبه الله لك ، و فَرَحٌ أراد الله أن يدخله عليك ..
ولكنك حرمتَ نفسك منه !!
حرمتَ نفسك يوم أن عصيتَ الله ..
و إنا لله و إنا إليه راجعون .
روى الحاكمُ في صحيحهِ من حديث ثوبان
عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :
[ لا يَردُّ القـَـدَر إلا الدعاء ، و لا يزيدُ في العُمــُـرِ
إلا البــِّـرُ ، و إن الرجُل ليُحرمَ الرِزقَ بالذنبِ يصيبه]
فيالقسوة الإنسانِ على نفسه ،
ويالضعفه أمام هواه يسوقُ اللهُ له رِزقاً فيدفعه العبدُ بذنبه و قلة إدراكه .
لكن لا يأس و لا قنوط ..
لاتيأس و أنتَ تدعو من له مقاليد السموات
و الأرض و مالك السموات و الأرض و ما بينهما ..
لاتيأس فإن اليأسَ كُفرٌ = لعلَّ اللهُ يغني عن قليلِ
لاتيأس و النبي صلى الله عليه و سلم يقول:
[ من لــَـزِمَ الاستغفار ، جعل الله له من كل همٍ
فَرجا ، و من كل ضيقٍ مخرجا و رزقه من حيث
لايحتسب ] .
فإن أذنبتَ فاعلم أن الله غفورٌ رحيم و قد يردُّ الله لك
رزقكَ الذي حرمكَ إياه و يجعلُ فيه خيراً كثيراً .
فتاةٌ حُرمتْ من رجلٌ مستقيم تقدّم ليها فأذنبتْ ذنباً
؛ فقدّر اللهُ أمراً جعله ينسحب.
فلا زالتْ تستغفر الله لعلّ الله أن يتوب عليها..
عسى فرَجٌ يأتي به اللهُ ....
إنه له كل يومٍ في خليقته أمرُ
ورجُلٌ كان يملك كثير مال و يعيش في هناء ،
لكن غرتــْـه تجارة الأسهم ؛ فدخل فيها دون
أن يراعي هذا حلال و هذا حرام.
فابتلاه الله و ذهب ماله و أصبح يشكو الندامة ..
وهذه عائلةٌ فقيرةأتى إليها أحد المشايخ بمالِ
صدقة ، فلمّا اقترب من الباب
سمع صوتُ الغناء يلجلج في البيت فذهب
بماله وقال :
والله لا أعطيهم مالاً يستعينون به على معصية.
فحــُـرموا من رزقهم بسبب المعصية..
وغيرها من القصص الكثير التي تبيّن أثر المعصية في ذهاب الأرزاق.
ولاعجَب فالرزّاق سبحانه يقول :
{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ
وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) }الشورى
فالحمد لله الذي يعفو عن كثير و إلا لأهلكتنا ذنوبنا.
قال ابن القيّم في كتاب الداء و الدواء :
"و قد رتّب اللهُ سبحانه حصولَ الخيراتِ في الدنيا
والآخرة و حصولَ الشرورِ في الدنيا و الآخرة في
كتابهِ ؛ على الأعمالِ ترتـــّـب الجزاء على الشرط ،
والمعلول على العِلة ، و المُسبب على السبب ،
وهذا في القرآن يزيد على ألــْـفِ موضع " .
وربما كان في المَنعِ خيراً ، فلولا المنع لمــَـا ألححتَ
على الله بالدعاء .ربما أنك كنتَ تدعو الله بالرزق ،
فلمــّـا رزقك الله ثم عصيتــَـه سبحانه رُفــِـعَ ذلك
الرزق ، فأصبحتَ أشدَّ ما تكونُ حاجتك له ..
ففي دعائكَ الأوّل لم تتذوقْ حلاوة الرِزق و إنما
كنت تلعقُ مرارة الحِرمان
أمّا في دعائكَ الثاني فأنتَ تدعو و قد ذقتَ الحلاوة
ثم حُرمتَ منها، فدعاؤكَ سيكون أقوى ، و تضرعك
أشدّ ، و إظهار الفقر و قلة الحيلة و الذُل ستكون
أعظم .
ولاتيأس أن يردَّ اللهُ لك ذلك الرِزق و قد يزيد فيه ..
سألتُ الشيخ صالح بن محمد آل طالب إمام الحرم
المكي السؤال التالي :
في الحديث ] و إن العبدَ ليُحرمَ الرزقَ بالذنب يصيبه ]
سؤالي :
هل يعود ذلك الرزق إذا تاب و استغفر صاحبه ، أم
أنه يُحرمُ منه طول عمره ؟؟
فأجاب فضيلته - حفظه الله و بارك الله فيه و في
علمه - :
إذا أصلحَ العبدُ ما بينه و بين الله أصلحَ اللهُ له كل
شيء وقد يعود له نفْس ذلك الرزق أو يخلفُ الله له
خيراً منه ، و قد يكونُ الخيرُ في غيره
فلا تيأس و لا تجزع
و الزم الاستغفار ،و أكثر من قولك
" لا حول و لا قوة إلا بالله "
فقد قال عنها ابن تيمية - رحمه الله - :
" وليكثرَ العبدُ من قول لا حول و لا قوة إلا بالله ، فإن
بها يُحملُ الأثقال ، و يُكابدُ الأهوال و يُنال رفيع
الأحوال "
و إني لأرجو الله حتى كأنني = أرى بجميلِ الصَبرِما اللهُ صانعُ
"فاللهم اعفُ عنا و اغفر لنا إسرافنا في أمرنا
ولا تحرمنا ارزاقنا بذنوبنا يا أرحم الراحمين"آمين