تعرضت للاغتصاب وزوجي غيور جدا.. هل أخبره؟ انا إمراة متزوجة منذ 16 عاما ، زوجي طبيب ناجح أنجبت منه شاب وفتاة في
المرحلة الثانوية، تعرضت منذ أسابيع للاغتصاب والسرقة, لم أستطع مواجهة
زوجي بحقيقة الأمر واكتفيت بسرد تفاصيل السرقة فقط, حفاظا على مشاعره
ومخافة أن تتعرض علاقتنا لأي شرخ خاصة وأنه غيور جدا
حالتي النفسية ساءت جدا لأنها المرة الأولى التي أخفي على زوجي فيها أمرا
ما منذ زواجنا، ولأنني أحتاج لمن يساندني في أزمة كهذه وزوجي هو أقرب
الناس لي وأنا في أمس الحاجة لدعمه، ولكن شعورى أنني ربما فقدته لو عرف بما
حدث لي يمنعني من البوح له، حياتي تحولت لجحيم خاصة وأنا ألمح نظرات الشك
في عينيه من يوم الحادث.. فهل أخبره وليكن مايكون أم أعود نفسي على الكتمان
وأتحمل الشعور بالذنب الذي يزداد يوما بعد يوم.. وهل ذلك يعتبر نوعا من
التدليس على الزوج لا يتفق مع الشرع ..؟ أفيدوني قبل أن تنهار حياة أسرية
كان يضرب بها المثل في السعادة والاستقرار..
ضحية وليست مذنبة
في ردها على الاستشارة الشائكة تؤكد د. مني البصيلي ،أستاذ الطب النفسي،
أن الزوجة التي تتعرض للإغتصاب لابد أن تعرف في البداية أنها ضحية وليست
مذنبة, لأن الشعور بالذنب شعور قاسي تتعرض له بعد وقوع الحادثة وهو أسوأ من
شعور الاغتصاب نفسه, ويتسبب في مشاكل نفسية لا حصر لها قد تهدد الحياة
الزوجية بأكملها.
فأعراض ما بعد المشكلة تكون واضحة علي الزوجة ولن تستطيع كتمانها، وأي صوت
مرتفع أو مشهد لحادثة مماثلة أو رغبة الزوج في العلاقة سيذكرها بما حدث
مما يحول الموضوع لعقدة صعبة, وهو ما سيولد الشك والهواجس لدي الزوج.
وتنصح الزوجة التي تتعرض للاغتصاب أن تقيم شخصية زوجها أولا فإذا كان
الزوج له شخصية إستيعابية ومتفهمة عليها أن تعترف له بالحقيقة، لأنها في
ذلك الوقت تحتاج للدعم ووقوف الزوج بجانبها, وفي حالة كون الزوج غيور جدا
أو غير متفهم عليها أن تحكي الموضوع بهدوء وتخفف المسألة كأن تقول إنها
محاولة للاغتصاب وليست عملية اغتصاب كاملة, مؤكدة أن الموضوع في جميع
الأحوال صعب علي أي رجل.. ولكن الحب والعشرة هما ما يساعدان علي تجاوز
الأزمة النفسية للطرفين.
وتؤكد علي ضرورة سرد الحقيقة فور وقوع الحدث وأثناء لحظة الصدمة
والانفعال, وأن مرور فترة من الزمن ولو يوما واحدا كالحالة السابقة سيزيد
الوضع صعوبة لأن الزوجة وقتها ستحكي بدم بارد, وسيتحول موقفها من موقف
الضحية التي تحتاج للوقوف بجانبها, لموقف المدافع عن نفسها ومن يرغب السماح
من الطرف الآخر, وهو ما يضعف من مركزها كثيرا.
وتوجه حديثها للسائلة صاحبة المشكلة فتقول: في حالتنا علي الزوجة أن لا
تحكي لزوجها أبدا إذا كان غيورا أو غير متفهم، وتحاول أن تزور طبيبا نفسيا
يساعدها على التعامل مع الموضوع بشكل جيد , وتحاول ممارسة حياتها بشكل
طبيعي ولا تربط بين ما حدث وعلاقتها بزوجها.
وتضيف أنه في حالة كون الزوج متفاهما فلديها حلين، الأول تحكي ما حدث
وتؤكد إنها مجرد محاولة, أو أن تحاول اللجوء لأحد الأشخاص الموثوق فيهم من
الأقارب تحكي له ما حدث, ويكون حلقة الوصل لإعادة التفاهم بين الزوجين،
وهذا الحل لابد أن يكون آخر حل تلجأ له الزوجة في حالة عدم قدرتها علي
الكتمان وشعورها بالذنب من ناحية، وعدم قدرتها علي ممارسة حياتها الزوجية
بشكل طبيعي من ناحية أخري.
وتشير إلى مشكلة في التعامل مع المرأة بصفة عامة التي تتعرض للإغتصاب,
سواء من الزوج أو الأب أو الأخ فلا يتم التعامل معها كضحية, بل يتم التعامل
معها كمذنبة وأنها لم تستطع الحفاظ علي نفسها, وهو ما يؤدي لإنتشار هذة
الظاهرة لأن الجاني في النهاية يفلت بجريمته, ولا يأخذ عقابه لعدم الابلاغ
عما حدث, نتيجة تخوف المرأة من الاعتراف بما حدث حتي لأقرب الناس لها, وإذا
كانت شجاعة يتكتم الطرف الآخر الواقعة.
الكتمان لا يجوز
ويضيف الدكتور محمد أبو ليلة ،رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر،
أن الحياة الزوجية لابد أن تبني علي المصارحة بين الزوجين, وعلي الطرفين
مصارحة الطرف الآخر في كل شيء, ولا يجوز للمرأة شرعا أن تخفي علي زوجها
أنها تعرضت للإغتصاب لأنها حادثة خطيرة وممكن أن تتسبب في حدوث حمل, وهنا
تظهر مشكلة نسب طفل لغير أبيه, وبذلك ترتكب الزوجة إثما كبيرا.
ويشير أنه في حالة السائلة وبعد مرور فترة من الزمن علي تعرض الزوجة
للاغتصاب وتأكدها من عدم حدوث حمل, وطالما ستر الله عليها, يمكنها عدم
مصارحة الزوج إذا كان ذلك سيتسبب في خراب المنزل, والله أعلي وأعلم