ذكر تقرير أعدته شركة «بيتك للأبحاث» منذ أسابيع ان السودان
يعتبر البلد الأفريقى الوحيد الذى هيكل اقتصاده ونظامه المالى ليكون
متوافقا مع تعاليم الشريعة الاسلامية، إلا أن اختيارات اللجنة التأسيسية
للدستور توضح أن مصر قد تلحق بالسودان قريبا. فرغم تشعب فروع الاقتصاد إلا
أن الجمعية التأسيسية لم تعد تضم من خبراء الاقتصاد الذين تم اختيارهم ــ
بعد موجة الانسحابات التى شهدتها ــ إلا خبيرين، كلاهما متخصص فى المصارف
الإسلامية، بالإضافة لرئيس اللجنة الاقتصادية لمجلس الشعب عن حزب الحرية
والعدالة، واثنين من رجال الأعمال، أحدهما حسين القزاز، وهو صديق مقرب
لخيرت الشاطر، والآخر ابراهيم العربى، رئيس غرفة تجارة القاهرة، مما يعنى
أن الدستور القادم سيميل بشكل كبير لرجال الأعمال ولكن «بما لا يخالف شرع
الله».
ويظهر من الأداء البرلمانى لطارق الدسوقى أول الاقتصاديين فى اللجنة أن
اهتمامه الأساسى هو تشجيع الاستثمارات العربية حيث يرأس اللجنة الخاصة
بتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمارات السعودية فى مصر، ومهمته تذليل
جميع المشكلات العالقة بالاستثمار السعودى، ودراسة منح المستثمرين
السعوديين والعرب حوافز لتعزيز وجودهم فى السوق المصرية والتوسع خلال
المرحلة المقبلة، بالإضافة لتوجيهه انتقادات حادة للحكومة بسبب عدم وضعها
خطة أو رؤية واضحة لإعادة مشاركة الشركات المصرية فى إعادة إعمار ليبيا.
ثانى الاقتصاديين فى اللجنة هو حسين حامد حسان وهو يحتفل بعيد ميلاده
الثمانين فى يوليو القادم، وقد شغل العديد من المناصب بالبنوك الإسلامية
منها المصرف الإسلامى الدولى، والاتحاد الدولى للبنوك الإسلامية، وبنك دبى
الإسلامى، وبنك الشارقة الوطنى الإسلامى، والبنك الإسلامى للتنمية. وأيضا
عمل كمستشار لكل من رؤساء كازاخستان وباكستان.
ومن المتوقع ألا تختلف رؤية معبد على الجارحى عن رؤية حسان فهو رئيس
اللجنة الدولية للاقتصاد الإسلامى وأمين ومستشار هيئة الفتوى والرقابة
الشرعية لسوق دبى المالى، ويرى أن التمويل الإسلامى أكثر قدرة على تحقيق
الكفاءة عن التمويل التقليدى.
من جانبها اعترضت أميرة الحداد، استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، على
«الاختيارات المتحيزة للجنة، فلا يجوز سيطرة الإسلاميين على كتابة الجانب
الاقتصادى بالدستور، لأن الإسلام لم يقدم رؤية كاملة للاقتصاد سواء
اشتراكيا أو رأسماليا»، معتبرة أن «المتخصصين فى كتابة الدستور لابد أن
يتضمنوا أساتذة الاقتصاد المؤسسى والاقتصاد الدولى والمالية العانة وأسواق
العمل».
وترى الحداد ضرورة لوجود المصارف الإسلامية فى الاقتصاد ولكن بالمشاركة
مع الأنواع الأخرى من البنوك، وهكذا بالنسبة لجميع آليات «ما يسمى
بالاقتصاد الإسلامى».
أما رجال الأعمال فيمثلهم اثنان أولهما المهندس إبراهيم العربى وهو رجل
أعمال ورئيس غرفة تجارة القاهرة، وفور إعلان اسمه ضمن اللجنة التأسيسية
طالب العربى أعضاء الغرف التجارية والشعب المختلفة بإعداد وتقديم مقترحاتهم
حول رؤيتهم للدستور الجديد، مشيرا إلى أنه سيقوم بتشكيل لجنة لتلقى
مقترحات التجار ودراستها ومناقشتها للوصول إلى صيغة موحدة للتجار يتم
تضمينها فى الدستور الجديد، أى أنه سيكون ممثل رجال الأعمال بامتياز فى
لجنة صياغة الدستور.
ورجل الأعمال الثانى هو حسين القزاز وقد اختير ضمن القائمة الاحتياطية
للشخصيات العامة وهو مدير شركة متخصصة فى مجال الاستشارات والتدريب، لكن
أهم ما يميزه هو قربه من نائب المرشد العام للإخوان المسلمين المهندس «خيرت
الشاطر».
والجدير بالذكر أن هناك ثلاثة اقتصاديين قاموا بالانسحاب من اللجنة
أولهم هو زياد بهاء الدين رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصرى الديمقراطى
الاجتماعى والرئيس السابق للهيئة العامة للاستثمار والهيئة العامة للرقابة
المالية، وثانى المنسحبين هو حازم الببلاوى وزير المالية ونائب رئيس
الوزراء فى حكومة شرف، والثالث هو أحمد السيد النجار الخبير الاقتصادى
بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بجريدة الأهرام الذى ساهم فى كشف
بيانات التضليل الاقتصادى للنظام السابق.