القرع لما استوى قال للخيار يا لوبيا
منذ انتهاء الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية قبل أيام ونحن نعيش فى
حالة يمكن وصفها بحالة «الخيار». أطراف كثيرة تضع بين يديك الآن خياراً من
بين اثنين. فى الانتخابات أنت بين خيار «مرسى» وخيار «شفيق». وفى المقابل
من هذا الخيار يوجد آخر يتمثل فى: المشاركة فى الانتخابات أو رفض
«الخيارين» وتفضيل المقاطعة. ولو اقتنعت بالمقاطعة فأنت أمام خيارين: فإما
أن تقاطع بالجلوس فى البيت، وإما أن تقاطع بالذهاب بشرط أن تبطل صوتك.
والميدان يقدم لنا خياراً جديداً يتمثل فى تشكيل مجلس رئاسى مدنى يضم عدداً
من المرشحين للرئاسة بعد عزل «الفل».
وقبل أيام خرج علينا المجلس الاستشارى بـ«خياره» حول مسألة تحديد
صلاحيات رئيس الجمهورية فاقترح أعضاؤه الاختيار ما بين أن يُصدر المجلس
العسكرى إعلاناً دستورياً مكملاً أو يعيد إلى الخدمة دستور مصر الصادر عام
1971 الذى ألغته الثورة رغم أنه كان يوصف بـ«الدائم»، وسبحان من له الدوام.
لم يبق المجلس العسكرى بعيداً عن «مزاد الخيار» كثيراً، فبعد اجتماع عقده
مع القوى السياسية فى مصر -غاب عنه الإخوان- وضع المجلس الجميع أمام
خيارين: إما أن تتوافق القوى على أسس ومعايير تشكيل الجمعية التأسيسية
للدستور، وإما إحياء المرحوم المذكور أعلاه (دستور 71) حتى لا يترك الرئيس
القادم يشتغل كل الأطراف على «مزاجه».
قد يقول قائل: وما الضير فى ذلك؟ الديمقراطية تعنى تعدد «الخيارات»،
والحمد لله كل الأطراف لدينا الآن تعتمد على تقديم وجبة متكاملة أساسها
«الخيار»، مع ما هو معروف عنه من فوائد للحالة المصرية فى وضعها الراهن!
فالقوى السياسية المختلفة تمارس الديمقراطية بتقديم بدائل، والمجلس
الاستشارى وكذا العسكرى لا يتأخران عن «تخيير» الناس. وكل الأمور تمام، لا
يبقى إلا أن يختار المواطنون، والخيارات كلها صابحة وصبوحة ووضّاءة وأبعد
ما تكون عن «الدبلان»، فلماذا لا يحسم الناس «خيارهم» و«يريحوا ويستريحوا»
وانتهينا؟
السر فى ذلك بسيط، يتمثل فى أن كل الأطراف تقدم لنا «الخيار» فى شكل
«كوسة»! صحيح أن الجميع يضعنا أمام اختيارين، لكنهما فى النهاية واحد،
فإذا صح أن هناك فارقاً بين «الرسوب» و«السقوط» فى الامتحان فمن الصحيح أن
نقول إننا نقف أمام حالة اختيار ما بين «مرسى» و«شفيق»، وإذا كان من الممكن
أن نخير إنساناً بين «المصيبة» و«النايبة» فمن العدل أن نقول إننا أمام
حالة اختيار حينما يخيرنا المجلس الاستشارى بين الإعلان الدستورى ودستور
71، أو أننا نقف موقفاً ديمقراطياً عندما يدعونا المجلس العسكرى إلى
المفاضلة بين التوافق على «التأسيسية» أو «دستور 71»، إلا إذا سلمنا بأن
هناك فارقاً بين «القبر» و«التربة»!