بسم الله الرحمن الرحميم
فقدان الهوية ويعني التشبه بأخلاقيات وطبائع أمم وحضارات تختلف عنا في تفكيرها وعاداتها وتقاليدها، بالإضافة إلى نسيان الأخلاقيات والآداب والعادات التي تربينا عليها وفرضتها علينا طبيعتنا وتربيتنا التي نشأنا وتربينا فيها.
إن كان هذا ما حدث فتلك مصيبة ربما من الصعب علينا تخطيها ونحتاج إلى أشياء وقرارات مهمة ومصيرية لتخطيها وأبعد ما يكون ما يحدث في الشارع المصري أن يكون هو الحل لتلك المشكلة
إما إن كان ما نحن به هو مجرد اكتشاف بل وانفضاح أمرنا من أن تلك هي طبائعنا عندما عُرضت علينا الحرية وفُتحت أبواب حرية الرأي والتعبير في وجوهنا
ففي تلك الحالة فلا نملك إلا قراءة الفاتحة على هذا الشعب الذي كنا نظنه طيب الأعراق. صاحب حضارة واستقلالية في التفكير
ربما أكون مخطئاً أو متشائماً أو متجاهلاً لبعض الأمور ولكن الحقيقة التي لا يختلف عليها الكثيرون هي أننا ومنذ العامين كل ما نسمعه هو أننا في عنق الزجاجة ... فأي زجاجة تلك التي احتملتنا سنتين واقفين في عنقها لا نحن بالذين سقطوا وعادوا إلى ما كانوا عليه ، ولا نحن بالذين خرجوا من تلك الزجاجة
تحدثنا كثيراً وكثيراً حتى سئمنا الكلمات .. تناقشنا وتجادلنا حتى أصابنا الجمود والخمول والثُبات الشديد من كثرة وإعادة نفس المشهد على نفس المسرح
إنه مسرح الواقع
تحدثنا منذ أكثر من عام عن أنه في حالة مجيء رئيس منتختب لتلك البلد فلن يكون مقبول لدى الشعب وبالفعل فقد كان رئيساً منبوذاً من قبل أن يأتي وبعدما أتى إذا به يتلقى من الشتائم والسباب والنقض بل والاستهزاء ما جعله لا يستطيع حتى مجرد الرد ... فكيف به أن يفعل شيء لخدمة هذا البلد ؟ !
بدأت أتيقن بأن ما يحدث في مصر وما يحدث من الكثير الكثير من أبنائها ليس مجرد فقدان للهوية أو أنها مرحلة انتقالية وسوف تمر أو أنه أمر عارض وسوف يزول ... بل إنه انكشاف لحقيقة للأسف كنا نختبئ منها خلف شعارات رنانة لا تعنينا في شيء
جبهة الإنقاذ ( أو الإفشال) لا يهم فالمعنى واحد
الإخوان المسلمين (أو الإخوان المنتفعين) لا يهم فالمعنى واحد
حزب النور (أو المنخرطين) لا يهم فالمعنى واحد
رجال الأعمال (أو رجال الاحتيال) لا يهم فالمعنى واحد
القضاء (أو الفضاء) لا يهم فالمعنى واحد
القنوات الفضائية (أو القنوات الإباحية) لا يهم فالمعنى واحد
مجلس الشعب (أو مجلس الشغب) لا يهم فالمعنى واحد
مجلس الشورى (أو مجلس كمالة العدد) لا يهم فالمعنى واحد
إعمار سيناء (أو استعمار سيناء) لا يهم فالمعنى واحد
تطوير الصعيد (أو النيسان الأكيد) لا يهم فالمعنى واحد
حق الشهداء (أو نيسان الولاء) لا يهم فالمعنى واحد
ميدان التحرير (أو حلزونة عادل إمام) لا يهم فالمعنى واحد
رئيس منتخب (أو خروج المنتخب من كأس العالم) لا يهم فالمعنى واحد
قضاء عادل (أو قضاء انشراح) لا يهم فالمعنى واحد
الحكم على مبارك (أو بنهزر يا ريس) لا يهم فالمعنى واحد
أزمة هوية .... أم فقدان هوية .... أم ظهور هوية على حقيقتها
أي الخيارات الثلاثة هو حالنا ؟
هل نحن أمة لديها أزمة في هويتها ؟
أم أمة فقدت هويتها ؟
أم أمة انكشفت للعالم بعدما رأت الحرية حقيقة هويتها ؟
فرحنا بالحرية، فرحنا بالنقاش، فرحنا بالمجادلة، فرحنا بالنصر، فرحنا بالعزة الخوخاء التي ليس لها أقدام لتمشي عليها، صار كل ما حولنا عدو لنا
أمن .... وقد غاب ..... احترام ... وقد فُقد ...... فضلية .. وقد نقصت
استطاع مبارك أن يفعل بنا ما لم يفعله الرومان ولا الهكسوس ولا التاتار ولا الأمويين ولا الصليبيين ولا الفرنسيين ولا الإنجليز ولا حتى اليهود
فكل أولئك كانوا كلما حاولو أن يفرقونا كانوا رغماً عنهم يجمعونا ... ولكن مبارك ومن حوله استطاعوا أن يفرقوا كلما أردنا أن نجتمع
وفي النهاية
القضاء العادل الشامخ الفاضل حصن الأمان رمز الحرية رمز النزاهة والوفاء للوطن
القضاء الذي وكأنه جئنا به من دولة أخرى ،،، وكأنه لم يرى ما حدث في البلاد والعباد من عقود
إذا به يخرج علينا بما لم يستطع مبارك ولا أعوانه أن ينطقوا به ..... ولماذا ؟ !!!
لأن القضاء يستند إلى أدلة وأوراق ومستندات
أيها القضاء .... حكمت على كل ما شارك في موقعة الجمل بالبراءة ... من حضر منهم ومن لم يحضر ...
أيها القضاء ... سمحت لممولي الجمعيات الانتقامية (الأهلية) أن يغادروا أرض الوطن بعدما تأكدت من ضلوعهم في تمويل أشباه الرجال
وفي النهاية إذا بك تخرج علينا بحكمك العادل ... العادل
وأي عدل لا أعرف ... عدل أوراق ومستندات لم تجدها ... أين القضاء وأين شرف المهنة
مهنة ؟؟ أصار القضاء مهنة ؟ أحكم الله في الأرض والملقى على عاتقكم أصبح مهنة ؟
كنا نظن أننا لدينا حصن من النزاهة والشرف والعزة ... وإذا به ينهار أمام أول اختبار حقيقي
ولكن أتدرون إن أتساءل عن شيء غريب ... كيف وأين هذه النزاهة وأين كانت أيام أن كانت تزور الانتخابات ويسجن الأبرياء
ألم يكن هذا القضاء هو نفسه قضاء مبارك .. لقد تربوا مثلنا ومثل الجميع في مدرسة مبارك الماسونية فكيف الرجاء فيهم