ما زلنا مع روائع سورة النمل فى الاعجاز اللغوى و الفظى
الليلة موعدنا مع الايه الثانية و العشرون من سورة النمل
فَمَكَثَ غير بعيد فقال أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴿٢٢﴾
كمان بدأنا قصة هدهد سليمان نكمل فنقول بعدما لاحظ سليمان بذكاء غياب الهدهد و توعده و هدده
أمام الجميع ليكون عبرة لهم يعذبه أو يذبحه و لا نجاة له الا العودة بحجة قوية تبرر غيابه.
ها هو الهدهد يعود سريعا " فمكث غير بعيد " تنتبطق على سليمان و الهدهد فكلا منهم لهميمكث طويلا .. من الوهلة الاولى نلمح أهمية الوقت و كيف لا يجب أن يضيع الا فيما ينفع ، فالهدهد يتباهى و يتفاخر بأن غيابه لم يكن بداعى اللعب أو اللهو و ان الوقت لم يضيع عبثا
فقال مفاخرا " أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ "
أى أنه كان فى مهمة عمل بل أراد ان يرد على ذكاء سليمان عندما لاحظ غيابه كانه يقولله :
ان كنت لاحظت عدم وجودى بفطنة و اقتدار فها انا احطت علما بشىء لا تعلمه أنت.
مباراة حوارية ممتازة يسوقها لنا اعجاز لفظى يتجلى قمته عندما يحاول الهدهد
تهدئة الثورة العارمةالتى كان فيها سليمان بسبب غيابه .. فسبقه القول و
أيضا يلفت انتباه للجميعبانه حظى بمعرفه شىء هام و خطير و مع علم المخلوقات
بقوة سيدنا سليمان و أنه يعرف الكثير
الا أن الهدهد يقول "بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ "
ليظهرأمام الجميع أن الهدهد يعرف أكثر من سليمان .. كأن المولى عز و جل يقول للجميع
سليمان لديه القدرة و العلم و الملك و الهدهد أيضا لديه لان الجميع من صنعه و خلقه عز و جل
و يعطى درسا هاما أن لا تغتر يقوته العقليه أو الجسمية ففوق كل ذى علم عليم و قادر
ثم يكمل الهدهد كلامه قبل أن يشك أحد فيه و يعتبره مبرر أو حيلة لتهدئة ثورة سليمان
فيقول القرآن المعجر على لسان الهدهد " وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ "
روعة التبرير و لباقة الحديث و ترتيب الموضوع
تفاخر و تباهى بمعرفة شىء ثم يثبت أن كلامه حقيقى بدليل ذكره للمكان ليعرف
الجميع أنه شاهده بنفسه .. فهو اذا نبأ يقين أى نبأ لا مجال للشك فيه فقد
شاهده الهدهد بنفسه.
رغم صغر الآيه لكننا نتعلم منها الكثير
فمن الدورس التى نتعلمها :
1 - الاستغلال الامثل للوقت و الاستفادة من كل ساعة فى يومنا و حياتنا
2 - الحرص على العلم و التعلم لاننا مهما حصلنا من العلم فمازلنا نجهل الكثير
3 - عدم تروج الاشاعات فلا نتحمس لخبر الا لو كنا نعلم صحته .
4 - التباهى لا يكون بمال أو بقوة جسمية بل يكون بقدر ما نعرف و نتعلم .
5 - آداب الحوار مع الغير بطريقة مهذبة و حضارية بعيدة عن التعصب للرأى .
.. و مع القرآن نتعلم و نتعلم فهو بئر لن ينضب أبداً
هذا و الله أعلم
أرجو للجميع الاستفادة و أن كان هناك تقصير فمنى و من الشيطان
بقلمى و مما جال بخاطرى .... رياض العربى