أنامل الندم

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]

أنامل الندم
لعله الآن يبحث فى ذاكرته عن سلوى تعينه عما يمر به ، فقد كان يوما لا يأنس إلا لها ، لا يضحك إلا لحديثها و لا يبكى من قلبه إلا لوجعها .
و الآن يعض أنامله من ندم جاء متأخرا جدا ، فقدها بيده و اهملها بلهوه و أبعدها بعناده و اعتداده ، صدر حكم بالفراق لتلك الملحمة
ضحك بسخرية كمن يرى صورته المشوهة فى مرآة مشروخة القى عليها الزمن بظلاله ...
يمشى فى صحراء قاحلة بخطوات مثقلة و عيون جاحظة و شفاة مرتعشة ، و العرق يحاربه و قلبه يدمع و عقله يخور ، يسير هائما على وجهه لا يدرى له وجهة ولا ملجأ
هل حقا ستكون لغيرى ؟
هل حقا هذه هى النهاية ؟
هل حقا فقدتها ؟
أسئلة و اجابات تصفعها بلا رحمة كما لم يرحمها ، كما أذل قلبها الأخضر و سحق أحلامها البرئية و أنكر حبها الكبير
يسير بلا درب بلا هدف بلا غاية ، يتذكر و يذكر لكن لماذا كل هذا التفكير الآن ؟
شتان الفارق بين اللقاء و الفراق ، اللقاء كان بلا ترتيب و الفراق غدى بلا وداع .
كانت وردة متفتحة ، زهرة يانعة ، ربيعها وارف و صيفها نسيم و خريفها هادىء و شتاءها ساقى . فكيف بدلها و كيف غيرها ؟ بل كيف ابكاها و اعياها !
حولها لمجرد ظل و حطام و اطلال .
سحقا . سحقا لك من جاحد . كيف سولت لك نفسك لتطعنها و هى ثمر بين احضانك ، كيف تقطف ورة تتنظر ربيعها .
ظل يحاسب نفسه و هو يسير مثقل الخطى مكلوم القلب شارد الذهن حتى أنه لم ينتبه لاقترابه من شجرة طالما بحث عنها فى تلك القفار القاحلة ، لتاويه من حرارة الشمس و تصد عنه هجمات العرق المتلاحقة بل و تهدىء من روع ذكرياته المؤلمة .
خارت قدماه قبل ان يصل إليها فقاوم و اخذ يحبو على الرمال الساخنة حتى ألقى بجسده تحت ظل الشجرة و أنفاسه تتلاحق كمن خرج لتوه من معركة حامية الوطيس .
صحراء شاسعة و حرارة قائظة و شمس أخذت منه الكثير ، عقابا و ألما ، سبب و نتيجة ، لما فعله بالقلب البرىء .
اغمض عينيه من التعب فإذا بقطرات ساخنة تصفع وجنتيه بقسوة فيفتح عينيه مرغما و يتحسس القطرات بأنامله .. كيف للمطر أن يتساقط فى هذا الصيف قائظ الحرارة ؟
لما هى ساخنة ؟
استجمع قواه المنهكة و اعتدل من نومه ليبحث الأمر و نظر لاعلى الشجرة و القطرات تتساقط عليه فوجد الشجرة شاحبة و ذابلة الاوراق كأنها تعلن رفضها لجلوسه تحتها و الاحتماء بظلها ، كيف لقاسى مثله أن يطلب منها حق اللجوء و الحماية و هو تخلى عن من كانت فى يوم واحته المريحة و حضنه الدافى .
تخلى عنها فى أشد ما كانت تحتاجه لتدفع عنها اطلال الماضى و استعمار الحاضر و خوف المستقبل ..
جاءه صوت كسراب الصحراء يتردد بقوة و يصرخ فيه ..
يا احمق ألم تع لعبة القدر فمن يبدأ لابد ان تدور عليه الدائرة .
اشرب ما اوردت و تجرع ما جمعت و احصد ما زرعت ، لا تلومن الا نفسك الطماعة و احساسك اللاهى ، تبادل الدمع مع القطرات الساقطة عليه و هو يسبح فى ذكرياته يتلوع حسرة على ما فات و يندم على ما حدث ....
رفع راسه قليلا ليشاهد من بعيد ظل يقترب منه
و فجأة .........

بقلمى .... رياض العربى