مؤخرا, رحت أتجول في معرض الكتاب متأملا عناوين الكتب وموضوعاتها؛ كي أعرف ما الذي يدور في الساحة هذه الأيام.
من المهم أن أعرف ما هو الجديد في علم النفس وتطوير الشخصية, وكل الكتابات الأخرى التي تهدف إلى تحسين حياتنا ومجتمعنا, من وجهات النظر المختلفة.
لكنني فوجئت بكتاب عجيب.. كتاب رهيب.. كتاب ضايقني بشدة حين رأيته ورأيت الناس تشتريه.
كتاب فاخر في دار نشر محترمة جدا..
عنوان الكتاب كان شيئا على غرار:
دليل الحيران إلى (عِلْم) إخراج الجان!
ومع الكتاب سي دي!
المؤلف: حاصل على دكتوراه في العلاج الروحاني - ماجستير في إخراج الجان!!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ما هذا العبث؟
تأملت صورة المؤلف الذي يشبه سَحَرة القرون الوسطى وهو يبتسم في ثقة.. وقلت لنفسي إن الجو مهيأ -للأسف- لأمثاله كي يروّجوا لبضاعتهم.
لماذا تنتشر هذه الكتب؟
لو تأملت أرفف المكتبات أو أكشاك باعة الصحف, ستجد الكثير من هذه الكتب, التي تكلمك عن فك السحر وتسخير الجن والتحصين ضد الأعمال السفلية.. وستجد أن هذه الأشياء تباع بكثرة ويقبل الناس عليها بشكل لا يصدَّق.
السبب الحقيقي الذي يجعل بلادنا مهيأة لمثل هذه الأشياء, هو أننا لم نعتد على التفكير كما ينبغي لنا أن نفعل.
فالناس يشعرون بالرضا عن أنفسهم, حين يعتقدون أنهم غير مسئولين عن فشلهم..
أن أعتقد أنني أعاني, لا بسبب إهمالي وتواكلي وقراراتي الخاطئة في الحياة, لكن بسبب: الجن - القدر - السحر... وخصوصا أن لهذه الأشياء صبغة دينية ما, تجعل الناس يعتبرون أنها هي المحرك الحقيقي لحياتهم.
في اللحظة التي رأيت فيها هذا الكتاب, شعرت بالرضا عن القرار الذي اتخذته.
في كل دورات إعداد المدرب, يُنصح بأن يبتعد المحاضر عن المسائل الشائكة (الدين - الجنس - السياسة) كي لا يثير حفيظة البعض, ويعترض الناس على كلامه.
لكنني قررت أن أصطدم بهذه الأشياء -لأول مرة- بشكل مباشر.. على عكس كل كتّاب التنمية البشرية الآخرين.
رسالتي هي أن أنهض بالمجتمع الذي أنتمي إليه (سواء برسومي الكاريكاتورية أو بكتبي أو بظهوري التليفزيوني أو محاضراتي) إلا أن بعض العقبات الواضحة كانت تعترض طريقي دوما.. عقبات ثقافية وحضارية تلبس عباءة الدين ويؤمن بها الناس ويعتقدون أنها هي الدين الحقيقي الذي لا مراء فيه.
قررت أن أكتب كتاب (تخلص من عقلك) وأنا موقن تماما أنني سأتعرض بسببه لهجوم عنيف من الكثيرين.. لأنني تكلمت عن القدَر وعن السحر وعن تسخير الجان.. وأنني لن أصنّف ككاتب تنمية ذاتية تقليدي منذ هذه اللحظة.
أعرف أن الكتابة في هذه الموضوعات محفوفة بالمخاطر.. أتأكد من هذا وأنا أقرأ تعليقات بعض القراء التي تصفني بأبشع الصفات، وتدعو عليّ وتحذرني من الاستمرار في هذا الطريق..
إلا أنني قررت أن أستمر.
حياتنا أيها السادة, في أيدينا نحن.. يمكننا أن نجعل حياتنا أفضل.. أن ننهض ببلادنا.. أن نكون سعداء وناجحين..
يمكننا أن نحقق أحلامنا لو طوّرنا من أنفسنا باستمرار، وسعينا لتحقيقها بكل طريقة ممكنة...
هذه هي رسالتي التي أعتقد أنها البداية الحقيقية لنهضة بلادنا وتحسين حياتنا..
لأن اختياراتنا هي ما يصنع حياتنا..
وليس الجن والعفاريت.
فهل أنتم متفقون معي في هذا الكلام؟
أم إنني أحارب قوى الجهل والظلام دون مساندة من أي قارئ؟
في انتظار تعليقاتكم؛ لأنها تعني لي الكثير في المرحلة القادمة.