[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] "اسمي خان.. ولست إرهابيا" هذه هي الرسالة التي حمله بطل الفيلم الهندي - الأمريكي "شاروخان" إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش، بعد أن عانى الأمرَّين في بلاده بسبب ديانته الإسلامية.
وما دفع خان إلى محاولة إيصال هذه الرسالة إلى بوش كان تعرُّض ابن زوجته إلى الضرب حتى الموت؛ لأنه كان يحمل اسم "خان"، واشترطت عليه زوجته (الهندوسية) أن يبلغ رسالة أنه ليس إرهابيا للرئيس الأمريكي.
وقدم الفيلم "خان" شخصية مثالية للغاية، وتحمل كل قيم الإسلام النبيلة، ولكي يقوم بذلك، ولا يكون نبيا، كان عليه أن يجعله غير طبيعي فجعله مصابا بأحد أنواع التوحد، وهو مرض نفسي لا يجعل صاحبه قادرا على فهم التعبيرات المجازية، فإذا غضبت منه أمه، وقالت له "سأقتلك" يظن أنها ستقتله حقا وليست غاضبة منه فقط، ولذلك فهو يكون شديد "الاستقامة" فهو يفهم بشكل حرفي دائما، ويطبق ما يفهمه، وكان يشبه شخصية فيلم "فورست جامب" فهو لا يستوعب الكثير، ولكنه مستقيم وطيب.
لذا جاء "خان" ليمثل الإسلام الحقيقي، فهو مقتنع تماما بأن الناس متساوون تماما ولا فضل لمسلم على غيره من البشر، وذلك بعد أن رسمت له أمه وهو صغير صورة لاثنين يتشاجران وأخرى لرجل يقدم الحلوى لآخر، وسألته أن يميز المسلم من الهندوسي، فقال لها إنه لا يستطيع، فقالت له إن هذا دليل على أن الخير يفعله الجميع والشر أيضا.
ولفهمه الصحيح للإسلام تصدى "خان" لرجل دين مسلم كان يدعو رفاقه ليقوموا بتفجيرات بدعوى أن الله أمر سيدنا إبراهيم بأن يضحي بابنه من أجله، وأن عليهم أن يضحوا بأنفسهم من أجل دينهم، وهو ما رفضه "خان"، الذي أدى فهمه الصحيح للدين لأن يعرف أن الله لم يكن ليريد أذى بإبراهيم، وأن المثل لا يدل على التضحية من جانب سيدنا إبراهيم، ولكن على ثقة رسول الله برحمة ربه، ولذلك لم يتردد لحظة في ذلك، بل وقام بإبلاغ الـ"إف.بي.آي" عن ذلك الرجل.
ويعرض الفيلم لجهل الأمريكيين بالإسلام بشكل ذكي للغاية، فيظهر مدرِّسة في إحدى المدارس الابتدائية تعلِّم الأطفال أن الإسلام أكثر الديانات تطرفا ودعوة إلى العنف تحت مسمى "الجهاد"، كما يُظهر كثيرين ممن يرغبون في إرسال المسلمين خارج البلاد ويضطهدونهم، ولذلك كانت تعبيرات الدهشة والأسف ترتسم على كثير منهم عندما يرون حالة "خان"، الذي يخبرهم بأنه مسلم، ولكنه ليس إرهابيا، وأنه سيصل بهذه الرسالة إلى الرئيس الأمريكي.
وتناول الفيلم أيضا معاناة الطائفة السيخية من تشابه أشكالهم مع المسلمين، خاصة مع ارتدائهم العمامة وإطلاقهم لذقونهم، مما اضطر بعضهم إلى التخلي عن العمامة، بل واضطرت بعض النساء إلى التخلي عن الحجاب خوفا من الاضطهاد العنصري الذي تعرضت له المحجبات في أعقاب 11 سبتمبر.
"الخوف".. كان هذا هو الشيء الأساسي الذي يحاربه الفيلم، على الرغم من أنه لم يذكر ذلك صراحة، والذي يتسبب في زيادة الفجوة بين الأديان والثقافات، ويؤدي لرفض كل منها للآخر، فالإنسان عدو ما يجهله، فوسائل الإعلام لم تتناول قصة خان؛ لأن معدّيها كانوا يخشون ذلك، كما أن الأمريكيين كانوا يخشون على أنفسهم من المسلمين، ويبعدون أولادهم عنهم، بينما خاف المسلمون من اتهامهم بالإرهاب فسعوا إما للعزلة عن المجتمع أو للهجوم عليه.
ويفرّق الفيلم بين عهدين سياسيين لبوش وأوباما من خلال لفتة ذكية للغاية، فخان حاول أن يقابل الرئيس الأمريكي جورج بوش لمدة عامين لكنه لم يتمكن من ذلك، بل تم اتهامه بالإرهاب واحتجازه دون أن يواجه أية اتهامات، في إشارة إلى سماح القانون الأمريكي بذلك في عهد بوش، إلا أنه تمكن من مقابلة أوباما في أول خطاب يلقيه بمناسبة توليه للرئاسة.
وفي لفتة ذكية للغاية يتعرض "خان"، بوصفه الإسلام الحقيقي، لطعنة من جانب أحد أتباع الشيخ الذي أبلغ هو عنه المباحث الفيدرالية، ولا تقتله الطعنة، ولكنها تزيد من التعاطف معه، وذلك في إشارة إلى الضرر الذي يتعرض له الكثير من المسلمين فضلا عن صورة الإسلام من جانب المتشددين، خاصة وأن خان أصبح نموذجا للمسلمين في أمريكا من خلال الأعمال الخيرية التي يقوم بها.
وفي النهاية يجب الإشارة إلى أن من قاموا بعمل هذا الفيلم كانوا الهنود، فالكاتب والممثلون والمخرج من الهند، بينما الإنتاج والتوزيع هندي أمريكي مشترك، وفي الهند يشكل المسلمون أقلية، وبالرغم من ذلك دافعوا عنا كما لم ندافع عن أنفسنا، وأوصلوا صوتا صحيحا عن الإسلام بينما نصرخ دائما "كيف يصل صوتنا إلى الغرب؟".