محمود السعيد مشرف الاسلامى العام
العمل/الترفيه : قســم الرواتـــب رقم العضوية : 242 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 عدد المساهمات : 2515
| موضوع: الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزى دلالتها العلمية السبت 6 مارس 2010 - 20:53 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]إنفهم الإشارات الكونية في كتاب الله على ضوء ما تجمع للبشرية اليوم منمعارف, وتقديمها للعالم كواحد من الأدلة العديدة على أن القرآن الكريمهو كلام الله الذي أنزله بعلمه، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا منخلفه, والذي حُفظ بحفظ الله, بنفس اللغة التي أوحى بها, بدقائقحروفه وكلماته وآياته وسوره, يعتبر فتحاً جديداً للاسلام, وإنقاذاًللبشرية من الهاوية التي تتردى فيها اليوم بسبب تقدمها العلمي والتقنيالمذهل، وتضاؤل روح الإيمان بالله, وانعدام الخشية من عذابه في نفوسالقطاع الأكبر من الناس، خاصة في أكثر المجتمعات البشرية المعاصرة أخذاًبأسباب التقدم العلمي والتقني, فأغلب المجتمعات البشرية في الدول غيرالمسلمة تعاني اليوم من انفراط عقد الأسرة, والتقنين للممارسات الجنسيةبدون أدنى رباط, فكثر حمل المراهقات, وأبناء الزنا, والأسر ذاتالعائل الواحد, وتفشت الأمراض والأوباء والعلل مما لم يكن معروفاً منقبل, وقننت الحكومات والتشريعات للعلاقات الشاذة,وصرحت بتبني الأطفال، وتنشئتهم في وسط الشواذ, وهي عملية مدمرة للفطرةالانسانية، فكثرت الأزمات النفسية وأمراضها, وتضاعفت معدلات كلٍ منالإدمان والجريمة والانتحار, ومُلئت أكثر المجتمعات البشرية ثراءاًوتطوراً مادياً بأخطر مشاكل المجتمعات الانسانية على الإطلاق . ومنهؤلاء الذين لايعرفون لهم أباًً, والذين خرجوا إلى الحياة بطرق غيرمشروعة, ونشئوا في بيئات فاسدة، وبين سلوكيات منحطة وضيعة من يمكن أنيصل إلى مقام السلطة في دول تملك من تقنيات ووسائل الغلبة المادية, منمختلف أسلحة الدمار الشامل ما يعينه على البطش بالخلق , وإفشاء الظلم, وتدمير الحياة على سطح الأرض , وإفساد بيئاتها والقضاء على مختلف صورالحياة فيها , ولا يجد من دين أو خلق أو منطق أي رادع يمكن أن يرده عنذلك . وأغلبوسائل الإعلام في العالم قد وقعت اليوم في أيدي اليهود, في مؤامرة خسيسةعلى الانسانية ـ واليهود هم أشد الناس عداوة للذين آمنوا بصفة خاصة،وللانسان غير اليهودي بصفة عامة ـ فوظفوا كافة تلك الوسائل الاعلامية فيتدمير البقية الباقية من عقائد، وأخلاقيات، وسلوكيات المجتمعاتالانسانية, وفي تشويه صورة الإسلام في أذهان الناس؛ وذلك لأن ممايسوءهم أن يروا الاسلام ينتشر في مجتمعاتهم المريضة في الوقت الذي يتصورونفيه أنهم قد أحاطوا بالإسلام والمسلمين إحاطة كاملة. ويقبلعلى الاسلام في الغرب والشرق قمم الفكر والعلم والرأي؛ لأنهم يرون فيهالمخرج الوحيد من الوحل النتن الذي غاصت فيه مجتمعاتهم، والذي يعيشون فيهإلى أذقانهم في غالبيتهم الساحقة, ووسيلتنا في تحسين صورة الإسلام فيالعالم هي حسن الدعوة إليه بالكلمة الطيبة, والحجة الواضحة , والمنطقالسوي ، وخير ما نقدمه في ذلك المضمار مما يتناسب مع طبيعة العصر ولغتههو الاعجاز العلمي للقرآن الكريم؛ لأننا نعيش في زمن أدار غالبية الناسظهورهم فيه للدين, ولم تعد قضايا الغيب المطلق من بعث بعد الموت ,وعرض أكبر أمام الله الخالق, وخلود في حياة قادمة ـ إما في الجنةأبداً , أو في النار أبداً ـ وغيرها من قضايا الدين لم تعد تحرك فيهمساكناًً , ولكنهم في نفس الوقت قد فُتنوا بالعلم ومعطياته فتنة كبيرة, فإذا أشرنا إلى سبق للقرآن الكريم في الاشارة إلى عدد من حقائق الكونقبل أن يصل الانسان إلى شيء منها بعشرات المئات من السنين , وهو الكتابالذي أُنزل على نبي أمي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أمة كانت غالبيتهاالساحقة من الأميين, فإن ذلك سوف يحرك عقولهم وقلوبهم , وسوف يحضهمعلى الاطلاع في كتاب الله الذي ما أطلع عليه عاقل إلا ويشهد له أنه لايمكن أن يكون كلام أحد غير الله الخالق ـ سبحانه وتعالى .وفي ذلك تحييد لحجم الكراهية الشديدة التي غرستها وسائل الإعلام الدوليةللإسلام والمسلمين في قلوب الملايين, ودعوة مستنيرة إلى دين الله، وماأحوجنا للدعوة لهذا الدين الخاتم في زمن التحدي بالعولمة الذي نعيشه ,والذي يتهدد كافة شعوب الأرض بالذوبان في بوتقة الحضارة المادية الجارفة. ولايمكن أن يصدنا عن ذلك دعوى أن عدداً من المفسرين السابقين الذين تعرضوالتأويل بعض الآيات الكونية في كتاب قد تكلفوا في تحميل تلك الآيات منالمعاني ما لا تحتمله، وذلك بسبب نقص في وفرة المعلومات العلمية أو جهلبها , وذلك لما سبق وأن أوضحناه بأن التفسير لآي القرآن الكريم هومحاولة بشرية لحسن فهم دلالة تلك الآيات إن أصاب فيها المرء فله أجران ,وإن أخطأ فله أجر واحد , والمعوّل في ذلك النية , وإن الخطأ فيالتفسير لا ينال من جلال القرآن الكريم , ولكنه ينعكس على المفسر ,خاصة وأن الذين فسروا باللغة أصابوا وأخطأوا، والذين فسروا بالتاريخأصابوا وأخطأوا ، ولم ينل ذلك من قدسية القرآن الكريم ومكانته في قلوبوعقول المؤمنين شيئاً، أما اليوم وقد توافر للإنسان من المعرفة بحقائقالكون وسننه ما لم يتوافر لجيل من البشر من قبل , فإن توظيف ذلك الكم منالمعلومات من أجل حسن فهم دلالة الآية القرآنية , وإثبات سبقها التاريخيلكافة البشر، يعتبر ضرورة إسلامية لتثبيت إيمان المؤمنين , ولدعوةالضالين من الكفار والمشركين، والذي سوف يسألنا ربنا ـ تبارك وتعالى ـعن تبليغهم بهذا الدين , ودعوتهم إليه بالحكمة والموعظة الحسنة . والأخطاءالتي وقع فيها عدد من المفسرين الذين تعرضوا للآيات الكونية في كتاب الله, أو تكلفهم في تحميل الآيات من المعاني ما لا تحمله , في تعسف واضح, وتكلف جلي , يحملونه هم , ولا تتحمله آيات الكتاب المبين ؛ لأنالتأويل يبقى جهداً بشرياً منسوباً لمؤوِّله , بكل ما للبشر من نقص وبعدعن الكمال , وإذا كان عدد منهم قد جاوز الصواب في تأويله, فإن أعداداًأوفر قد وفِّقت في ذلك أيما توفيق . ولمتكن أخطاء المفسرين محصورة في محاولات تأويل الإشارات الكونية فقط,فهنالك عدد من كتب التفسير التي تمتليء بالاسرائيليات الموضوعة ,والعصبيات المذهبية الضيقة , وغير ذلك مما لا يقبله العقل القويم ,والصحيح المنقول عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن أصحابه المكرمينوالتابعين , ولا يرتضيه المنطق اللغوي السليم ، فالمعتزلة ـ على سبيلالمثال لا الحصر ـ قد حاولوا في تفاسيرهم إخضاع الآيات لمبادئهم في العدلوالتوحيد ، وحرية الارادة ، والوعد والوعيد، وإنكار الرؤية وغيرها ,وتعسفوا في ذلك أيما تعسف . والشيعةـ على اختلاف فرقهم ـ قد دفعتهم المغالاة في حب آل البيت إلى التطرف فيتأويل الآيات القرآنية تأويلاً لا يحتمله ظاهر الآيات ، ولا السياقالقرآني، ولا القرائن المنطقية المختلفة . وكذلكالمتصوفة والإشاريون ـ فهم على الرغم من تسليمهم بالمأثور من التفسير,وقبولهم للمعنى الذي يدل عليه اللفظ العربي ـ يسمحون لأنفسهم باستنباطمعان للآيات تخطر في أذهانهم عند التلاوة، وان لم تدل عليها الآياتالقرآنية الكريمة بطريق من طرق الدلالات المعروفة في الاستعمال العربيللغة وطرائق التعبير فيها . أماالمنحرفون من أتباع الفرق الباطنية وإفرازاتها القديمة والحديثة ـكالقرامطة والبابية, والبهائية, والعلوية النصيرية, والقاديانيةالأحمدية, والاسماعيلية, والدرزية وغيرها ـ فتمتليء تفاسيرهمبالانحرافات التي تنطق بالتعسف والافتعال, ومحاولات تطويع القرآنلمبادئهم المضللة في تكلف ملحوظ . فهلمعنى ذلك أن يتوقف علم التفسير عند حدود جهود السابقين من المفسرين ؟ ،ويتوقف فهم الناس لكتاب الله الذي أنزل إليهم ليتدبروا آياته, ويعيشوافي معانيه , ويتخذوا منها دستوراً كاملاً لحياتهم عند جهود قداميالمفسرين على فضلهم, وفضل ما قدموه لخدمة فهم القرآن الكريم في حدودالمعرفة المتاحة في أزمنتهم ؟ . بالقطعلا , على الرغم من التسليم بأن هذه الانحرافات وأمثالها كانت من وراءالدعوة إلى الوقوف بالتفسير عند حدود المأثور, فكتب التفسير على تباينهاتحوي تراثاً فكرياً وتاريخياً لهذه الأمة لايمكن التضحية به, حتى ولوكانت به بعض الأخطاء أو التجاوزات, إلا إذا كان القصد الواضح هو التحريف, وهو أمر لايصعب على عاقل إدراكه . منكل ما سبق يتضح لنا أن حجج المضيقين في رفض تفسير الإشارات الكونية فيكتاب الله على ضوء ما تجمع اليوم لدى الانسان من معارف بالكون وعلومه هيكلها حجج مردودة , فالكون صنعة الله , والقرآن هو كلام خالق الكونوواضع نواميسه, ولا يمكن أن يتعارض كلام الله الخالق مع الحقائق التي قدأودعها في خلقه , إذا اتبع الناظر في كليهما المنهج السليم , والمسلكالموضوعي الأمين, فمن صفات الآيات الكونية في كتاب الله أنها صيغت صياغةمعجزة، يفهم منها أهل كل عصر معنى من المعاني في كل أية من تلك الآياتالدالة على شيء من أشياء الكون، أو ظواهره، أو نشأته، أو إفنائه وإعادةخلقه , وتظل تلك المعاني تتسع باتساع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامللايعرف التضاد , وهذا عندي من أعظم جوانب الإعجاز في كتاب الله . ومنهنا كانت ضرورة استمرارية النظر في تفسير تلك الآيات الكونية, وضرورةمراجعة تراجمها إلى اللغات الأخري بطريقة دورية . أماآيات العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات فقد صيغت صياغة محكمة يفهمدلالتها كل مستمع إليها مهما قلت ثقافته أو زادت؛ لأن تلك الآيات تمثلركائز الدين الذي هو صلب رسالة القرآن الكريم . وكذلكالآيات المتعلقة بصفات الله , وبالآخرة وبالملائكة والجن وغير ذلك منالأمور الغيبية غيبة مطلقة، فلا يملك المسلم إلا الإيمان بها , والتسليمفي فهمها لنص القرآن الكريم أو للمأثور من تفسير المصطفى ـ صلى اللهعليه وسلم ـ لأن الإنسان لايمكن له أن يصل إلى عالم الغيب المطلق إلاببيان من الله الخالق ؛ وذلك لأن قدرات عقل الإنسان المحدودة , وحواسهالمحدودة لايمكن لهما اجتياز حدود عوالم الغيوب المطلقة مهما أوتي الإنسانمن أسباب الذكاء والفطنة . ومن هنا كان امتداح القرآن الكريم للذينيؤمنون بالغيب . موقف الموسعين من التفسير العلمي : ويرىأصحاب هذا الموقف أن الإشارات الكونية في القرآن الكريم قد قُصدت لذاتها ـأي لدلالاتها العلمية المحددة ـ مع التسليم بوجوب استخلاص الحكمةوالعبرة منها , والوصول إلى الهداية عن طريقها . وانطلاقاًمن ذلك فقد قام أصحاب هذا الموقف بتبويب آيات الكونيات في كتاب الله ,وتصنيفها حسب مختلف التصانيف المعروفة في مختلف مجالات العلوم البحتةوالتطبيقية , ثم اندفعوا في حماسهم لهذا الاتجاه إلى المناداة بأنالقرآن الكريم يشتمل على جميع العلوم والمعارف . ولابدلحسن فهم تلك الإشارات الكونية في كتاب الله من تفسيرها على ضوء اصطلاحاتتلك العلوم والمعارف , ثم زاد البعض بمحاولة إثبات أن جميع حقائق العلومالبحتة والتطبيقية التي استخلصها الانسان بالنظر في جنبات هذا الكون هيموجودة في القرآن الكريم استناداً إلى قوله تعالى : " مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ " (الأنعام: آية38) وقوله : " ....وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ " (النحل: آية89) وهذافي رأينا موقف مبالغ فيه؛ لأن السياق القرآني في الايتين السابقتينلايتمشى مع ما وصلوا إليه من استنتاج ؛ لأنهما يركزان على رسالة القرآنالأساسية، وهي الدين بركائزه الأربع الأساسية : العقيدة , والعبادة, والأخلاق والمعاملات, وهي القضايا التي لا يمكن للإنسان أن يضع فيهالنفسه ضوابط صحيحة ، وهي التي استوفاها القرآن استيفاءاً لايقبل إضافة,أما قصص الأمم السابقة والإشارات إلى الكون ومكوناته فقد جاء القرآنالكريم بنماذج منها تشهد لله الخالق بطلاقة القدرة على الخلق وإفنائهوإعادته من جديد . وربماكان هذا الموقف وأمثاله من الإسباب الرئيسية التي أدت إلى تحفظ المتحفظينمن الخوض في تفسير الآيات الكونية الواردة في كتاب الله على أساس منمعطيات العلوم البحتة والتطبيقية , أو التعرض لإظهار جوانب الإعجازالعلمي فيها . موقف المعتدلين من التفسير العلمي : ويرىأصحاب هذا الموقف أنه مع التسليم بأن القرآن الكريم هو في الأصل كتابهداية ربانية, أساسها الدعوة إلى العقيدة الصحيحة، والأمر بالعباداتالمفروضة، والحث على الالتزام بمكارم الأخلاق، وعلى التعامل بالعدل, أيأنه دستور كامل للحياة في طاعة خالق الكون والحياة . ومع التسليمكذلك بأن الإشارات الكونية الواردة في كتاب الله قد جاءت في معرض التذكيربقدرته المطلقة , وبديع صنعه في خلقه , وشمول علمه , وكمال صفاتهوأفعاله , الا أنها تبقى بياناً من الله, خالق الكون ومبدع الوجود ,ومن أعلم بالكون من خالقه ؟ . منهنا كانت تلك الإشارات الكونية كلها حق , وكانت كلها منسجمة مع قوانينالله وسننه في الكون , وثابتة في دلالاتها ـ مهما اتسعت دائرة المعرفةالإنسانية ـ فلا تعارضَ ولا تناقضَ ولا اضطرابَ . وصدق الله العظيم القائل : " وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً " ( النساء:82) .ومن هنا أيضاً كان واجب علماء المسلمين في مدارسة تلك الآيات الكونية،مستفيدين بكل أنواع المعارف المتاحة في تفسيرها، وإظهار جوانب الإعجازبها في حجة واضحة ومنطق سوي؛ وذلك تأكيداً لإيمان المؤمنين, ودحضاًلافتراءات المفترين, وتثبيتاً للحقيقة الراسخة أن القرآن كلام اللهالعزيز الرحمن الرحيم. ومنهنا كذلك كان التسليم بأن تلك الإشارات الكونية لم ترد في القرآن الكريمبهدف التبليغ بالحقيقة العلمية؛ لأن الحكمة الإلهية قد تركت مجالاًمفتوحاً لاجتهاد المجتهدين, يتنافس فيه المتنافسون, ويتبارىالمتبارون, أمة بعد أمة, وجيلاً بعد جيل, إلى أن يرث الله ـ تعالى ـالأرض ومن عليها, فلولا أن الإرادة الالهية قد ارتضت بسط الكون بكلحقائقه كاملة أمام الإنسان, لانتفت الغاية من الحياة الدنيا, وهي دارابتلاء واختبار, ولاختفى ذلك الغيب الذي يشد الانسان إليه, ويشحذ جميعحواسه وكل قواه العقلية والفكرية, ولتبلدت تلك الحواس والقدرات، ولمضتحياة الانسان على الأرض رتيبة كئيبة بائسة جيلاً بعد جيل, وعصراً بعدعصر, بغير تجديد أو تنويع أو إبداع, وسط عالم يتميز بالتغير في كل أمرمن أموره, وفي كل لحظة من لحظات وجوده, هذا فضلاً عن أن العقل البشريعاجز عن تقبل الحقائق الكونية الكلية دفعة واحدة, وأنه يحتاج في فهمهاإلى شئ من التدرج في الكشف, وفي استخراج الأدلة, وفي إثباتها وتكاملمعطياتها على مدى أجيال متعاقبة . ويستدلأصحاب هذا الموقف بالحشد الهائل من الإشارات الكونية في كتاب الله,وبمطالبة القرآن الكريم للانسان دوماً بتحصيل المعرفة النافعة علىإطلاقها, وهذه أولى آيات القرآن العظيم تأمر بذلك وتحدد وسائله, وتحضعلى التأمل في الخلق, بل وتشير إلى حقيقة علمية لم تكتشف إلا بعد ذلكبقرون طويلة، ألا وهي خلق الانسان من علق ، وهي حقيقة لميتوصل إليها الإنسان إلا بعد اكتشاف حقيقة المجاهر المكبرة , وفي ذلكيقول الحق ـ تبارك وتعالى ـ : " اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْوَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم " (العلق:1ـ5) ويستدلأصحاب هذا الموقف المعتدل على ذلك بما يقرره القرآن من مسئولية الإنسان عنحواسه وعقله , وما يفرضه من حسن استخداماتها في التعرف على الكون,واكتساب المعارف النافعة منه, وتخديمها في حسن فهم كتاب الله, حيثيقرر الحق ـ تبارك وتعالى ـ ذلك بقوله في محكم كتابه : " إِنَّ السَّمْعَوَالْبَصَرَوَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً " (الإسراء:36) . كمايستدلون برفض القرآن للتقليد والجمود على الآراء الموروثة الخاطئة,والحكم بالظن والهوى , ومطالبته الإنسان دوماً بتأسيس الأحكام علىالدليل العقلي الذي لا يقبل النقض, وهذه كلها من أخص خصائص المنهجالتجريبي في دراسة الكون وما فيه, كذلك يستشهدون بتكريم القرآن الكريمللعلم والعلماء ـ بمن فيهم من علماء الكونيات ـ في العديد من آي الذكرالحكيم، نختار منها قول الحق ـ تبارك وتعالى ـ : " هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَوَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ " (الزمر:9) وقوله ـ عز من قائل ـ : " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْوَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ " (المجادلة:11) وقوله ـ سبحانه وتعالى ـ : " شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَوَالْمَلائِكَةُوَأُوْلُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ " (آل عمران:18) وقوله : " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ " (فاطر:28) . والآيةالأخيرة قد وردت بعد استعراض لكثير من المشاهد الكونية, مما يؤكد أنالآية تشمل علماء الكونيات, إن لم يكونوا هم المقصودين بها مباشرة,فالآية تنطق : " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَاوَمِنَ الجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌوَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَاوَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِوَالدَّوَابِّوَالأَنْعَامِمُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِالعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ " (فاطر:28,27) كذلكيستشهد أصحاب هذا الموقف المعتدل بمطالبة القرآن الكريم للانسان ـ فيتشديد واضح ـ بالنظر في كل ما خلق الله, وهذه أوامره صريحة جلية نختارمنها قول الحق ـ تبارك وتعالى ـ : " قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ " (يونس:101) " أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِوَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ " (الأعراف:185) " قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ " (العنكبوت:20) وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ " (الذاريات:21,20)" أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَىالسَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ *وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ " (الغاشية17ـ20) وينتصرأصحاب هذا الموقف المعتدل لموقفهم بما ينعاه القرآن على الغافلين فيالتفكير في آيات السماوات والأرض في كثير من آياته التي منها قول الحق ـتبارك وتعالى ـ : " وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَاوَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ " (يوسف:105) ووصفهلهؤلاء الغافلين بأنهم كالأنعام بل هم أضل , وتقديره بأن جزاءهم جهنمعقاباً لهم على إهمالهم نعم الله التي أنعم بها عليهم, وذلك في مثل قولالله ـ تعالى ـ : " وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّوَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَاوَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَاوَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ " (الأعراف:179) ويستشهدونعلى ضرورة توظيف المعارف العلمية المتاحة لفهم دلالة الآيات الكونية فيكتاب الله بربط القرآن دوماً بين الايمان بالله والنظر فيما خلق الله,مثل قوله ـ تعالى ـ : " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِوَاخْتِلافِ الَليْلِوَالنَّهَارِوَالْفُلْكِ الَتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَوَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَاوَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍوَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِوَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِوَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ " ( البقرة:164) وقوله ـ عز من قائل ـ : " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِوَاخْتِلافِ اللَّيْلِوَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماًوَقُعُوداًوَعَلَى جُنُوبِهِمْوَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " (آل عمران:191,190) وقوله ـ سبحانه وتعالى ـ : " وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِوَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ " (الأنعام:75) . وقوله : " لَخَلْقُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِوَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ " (غافر:57) . ويستشهدالمنادون بضرورة توظيف المعارف العلمية في تفسير الآيات الكونية في كتابالله بالإشارة إلى أن القرآن الكريم في استعراضه لإمور الكون يتناول كلياتالأشياء, تاركاً التفاصيل لاجتهاد الإنسان, ولكنه في نفس الوقت ينبهباستمرار إلى جوانب مهمة في أشياء، مثل الكم والكيف وهما من أسس العلومالتجريبية, الكم الذي يتعلق بالحجم والكتلة وبالزمان والمكان, وبدرجاتالنمو والاندثار وغيرها، يتمثل في كثير من الآيات القرآنية التي نختارمنها قول الحق ـ تبارك وتعالى ـ : " وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ " (الرعد: وقوله ـ سبحانه ـ : " قَدْجَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً " (الطلاق:3) وقوله ـ عز من قائل ـ : " إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ " (القمر:49) وقوله ـ تعالى ـ : " وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً " (الفرقان:2) وقوله ـ سبحانه وتعالى ـ : " وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ "(المؤمنون:18) . وبخصوصالكيف بمعنى هيئة الأشياء وتركيبها ومسبباتها, ومجرى الظواهر الكونيةوحدوثها والسنن الالهية وجريانها, فإن القرآن يشدد التنبيه عليها فيمواضع كثيرة منها قول الله ـ تعالى ـ : " فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا " (الروم:50) وقوله ـ سبحانه ـ : " أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّوَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً " (الفرقان:46,45) . وقوله ـ عز من قائل ـ : " أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَاوَزَيَّنَّاهَاوَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ " (ق:6) وقوله ـ تعالى ـ : "أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِكَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِكَيْفَ سُطِحَتْ " (الغاشية:17 ـ20) ويستشهدأصحاب هذا الموقف المعتدل كذلك على ضرورة توظيف المعارف العلمية في تفسيرالآيات الكونية بتأكيد القرآن الكريم على أن لكل شيء في هذا الكون فطرتهالسوية التي فطره الله عليها, والتي تخصه وتميزه , وهي قاعدة أساسيةمن قواعد المنهج العلمي التجريبي في الكشف عن حقائق هذا الكون ومكوناتهوسنن الله فيه , ونقرأ في ذلك قول الحق ـ تبارك وتعالى ـ : " قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى " (طه:50) وقوله ـ سبحانه ـ : " الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى " (الأعلى:3,2) وأن هذه الفطرة ثابتة , لا تتغير ولا تتبدل لقول الحق ـ تبارك وتعالى ـ : " لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ " (الروم 30) وأنهاخاضعة لقوانين مطردة , لا تتخلف ولا تتوقف إلا بإذن الله , وأنه لولاثبات تلك الفطرة واطراد القوانين التي تحكمها ماتمكن الإنسان من اكتشاف أيمن أمور هذا الكون , وأن القرآن يصر على تسمية تلك القوانين بالحق,وعلى أن الكون ومافيه خلق بالحق , ويطالب الإنسان بالتعرف على ذلك الحقوالتزامه, فالتنزيل ينطق بقول الله ـ تعالى ـ : " أَوَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَوَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّوَأَجَلٍ مُّسَمًّىوَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ " (الروم: وقوله ـ عز من قائل ـ : " خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِوَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِوَسَخَّرَ الشَّمْسَوَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى أَلاَهُوَ العَزِيزُ الغَفَّارُ " (الزمر:5) قوله ـ تعالى ـ : " هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءًوَالْقَمَرَ نُوراًوَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَوَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ " (يونس:5) وقوله ـ سبحانه ـ : " وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِوَالأَرْضَوَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّوَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ " (الدخان: 39,38) كذلكفإن الذين يرون ضرورة توظيف المعارف العلمية في تفسير الآيات الكونيةالواردة في كتاب الله , وفي الاستشهاد على الإعجاز العلمي لتلك الآياتينتصرون لذلك بأن أكثر من أربعين سورة من سور القرأن الكريم البالغ عددها114 سورة تحمل أسماء لبعض أشياء الكون وظواهره , ويستشهدون بعرضالقرأن للعديد من القضايا التي هي صميم العلوم التجريبية ، مثل خلقالسماوات والأرض , واختلاف الليل والنهار , وإتساع الكون , ورتقالسماوات والأرض وفتقهما , وبدء السماء بدخان, وخلق الحياة من الماءوفي الماء ، واستعراض مراحل الجنين في الإنسان، وغير ذلك كثير مما لايوفيه في هذا المقام حصر، ولكن تكفي الإشارة إلى آيات قليلة منها ، مثلقول الحق ـ تبارك وتعالى ـ : " أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَاوَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ " (الأنبياء:30) وقوله ـ عز من قائل ـ : " ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِوَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَاوَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ " (فصلت:11) وآياتالكتاب الحكيم في كل ماعرضت له من أمور الكون تتميز بمنتهى الدقة فيالتعبير , والشمول في المعنى والدلالة , وبالسبق الاخباري بحقائق لميتيسر للإنسان إلمام بها إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين .وهذا بالقطع يشكل صورة من صور الإعجاز لم تتوافر لجيل من الأجيال من قبل. وسأفصل الحديث في الإعجاز العلمي للإشارات الكونية في كتاب الله فيالمقالات القادمة إن شاء الله ـ تعالى . وخلاصةالقول أن القرآن الكريم يزخر بالعديد من الآيات التي تشير إلى الكون ومابه من كائنات ـ أحياء وجمادات ـ وإلى صور من نشأتها ومراحل تكوينها ,وإلى العديد من الظواهر الكونية التي تصاحبها , وقد أحصى الدارسون مثلهذه الآيات فوجدوها حوالي الألف آية صريحة , بالإضافة إلى آيات آخرىعديدة تقرب دلالاتها من الصراحة ، مما يبلغ بالآيات الكونية إلى سدس آياتالقرأن الكريم تقريبا. ويقف المفسرون من هذه الآيات الكونية مواقف متعددة , فمنهم المضيقون، والموسعون، والمعتدلون . فالمضيقونيرون أن تلك الاشارات لم ترد في القرأن لذاتها , وإنما وردت من قبيلالاستدلال على قدرة ا | |
|