الزعفران ..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]تعني كلمة زعفران (Saffron) في اللغات القديمة التي كانت
متداولة في بلاد فارس أو إيران اليوم وجوارها، النبتة الأكثر
وضوحاً. وذلك في جذور الكلمة التي تعود الى أكثر من ثلاثة آلاف عام.
إذ أن التسمية، التي أصبحت ترمز الى اللون الأصفر الذهبي
الذي يضفيه على بعض الأنواع من المأكولات لم تكن هي الأصل في
التسمية القديمة.
فقد بدأت زراعة الزعفران قبل حوالي ثلاثة آلاف عام في
إقليم كشمير الهندي وانتقلت الى بلاد فارس.
وهي من التوابل النادرة التي تباع كما الذهب وبعض المعادن
الثمينة، ما يجعلها أغلى أنواع التوابل بالعالم.
إذ يبلغ ثمن الكيلو غرام الواحد من الزعفران العالي
الجودة، حوالي احد عشرة ألاف دولار أميركي، ما يتوازى
نسبياً مع ثمن الذهب.
ذلك أن زراعته قليلة في العالم وهي محصورة بعدد
من المناطق مثل إقليم كشمير الهندي وإيران وإسبانيا.
إذ يبدو أن زراعته تتوافق، عملياً، مع الطريقة التي
يسير عليها المطبخ الهندي والإيراني والإسباني.
طبعاً، مع فارق استعماله في عدد من المطابخ الأخرى
كالمطبخ الخليجي الذي يكثر من تناول الأرز في معظم
أصنافه، كذلك المطابخ العربية بجميع تنوعاتها واختلافاتها.
ويعود غلاء الزعفران الى عامل قلة زراعته من جهة والاحتياج
الى محصول كبير من أجل الإنتاج.
ويتطلب كل نصف كيلو من الزعفران من خمسين الى خمسة وسبعين
ألف زهرة زعفران، أي ما يعادل مساحة ملعب كرة قدم مزروعة
بكاملها، كذلك طريقة حصاده.
إذ يجب حصد الزعفران فوراً عند بزوغ زهوره الصفراء
ولا يجب أن تترك في الشمس ولو يوماً واحداً حتى لا تجف.
فإذا جففت الشمس الزهرة يعني أنها فقدت الكثير من قيمتها
وخصائصها وغناها.وتقاس نوعية الزعفران بحسب درجة رطوبة
أزهاره وكذلك لونها الأصفر المائل الى القرمزي عند الحصاد.
أما بعد ذلك فإن الزهرة تأخذ اللون الأصفر مع الإبقاء
على الخيوط القرمزية الرفيعة ظاهرة على سطح الزهرة،
مع عدم وجود كسور لا في اللون ولا في الأزهار.
تذكر الموسوعة الفرنسية بأن كلمة زعفران (safran)
بالفرنسية تعود الى القرن الثاني عشر. وهي مصطلح فرنسي
قديم جاء مباشرة من اللغة اللاتينية (safranum)
والتي هي في الإيطالية والإسبانية (zafferano).
أما الكلمة زعفران فهي آتية من الكلمة العربية المترجمة
(azafran) التي تعني الأصفر. وهي كلمة كما ذكرنا في
البداية جاءت من الأصل الفارسي وتدل على أحد أنواع
التوابل الفارسية الشهيرة.
أما الأصل الحقيقي لهذه النبتة فتدل الدراسات التي تذكره
ا جميعها الموسوعة الفرنسية، على أنها نبتت أول الأمر في
جزيرة كريت في البحر المتوسط.
لكن زراعتها لأول مرة بشكل منظم وإنتاجي فكانت في إقليم
كشمير. أما الصنف الذي ينبت في كريت فهو نوع عقيم
لا يتناسل كثيراً ويتميز بالنسبة القليلة للروائح والعطور
التي تحتويها الزهرة الكشميرية والإيرانية والإسبانية.
يحتاج الزعفران الى مناخ منضبط لكي ينتج بسهولة وكثرة.
أي لذلك المناخ الموجود عند أطراف البحر المتوسط وعدد
من المناطق في أميركا الشمالية أو ما يسمى بأرض البلوط.
وعلى المناخ أن يكون حارا وجافا في الصيف علما أن النبتة
يمكنها تحمل البرودة الشديدة في فصل الشتاء الذي يساعدها
على جعله الأرض رطبة بشكل دائم مع توافر غزير للمياه.
كما يمكنها أن تنمو في المناطق الثلجية إذ تتحمل درجات حرارة تصل الى عشرة تحت الصفر كما في كشمير وبعض مناطق شمال إيران القريبة من روسيا.
لكن يبقى المناخ الشتوي المترافق مع صيف حار وجاف أفضل أنواع
المناخ الذي ينتج الزهرة ويعطيها خصوصية وجودة.
لكن الزهرة كذلك حساسة جدا تجاه بعض أنواع القوارض
مثل الفئران أو أنواع الأرانب البرية أو حتى بعض الحشرات
التي تهدد المحاصيل في عدد من المناطق التي لا تزال
الزراعة فيها بدائية وقديمة.
أما طريقة الزراعة فهي تختلف تبعاً لتغير المناخ كما ذكر.
ففي كشمير وكذلك إيران يتم غرس النبتة على عمق يصل الى
خمسة عشر سنتيمتراً بينما في إسبانيا فإن غرسها لا يتجاوز
الثماني سنتيمترات وذلك بسبب الحرارة ورطوبة المناخ.
ويصل طول النبتة الى أربعين سنتيمترا. كما أنه يفضل
أن يتم غرسها في صفوف متباعدة نسبيا لكي تعطي محصولا
قويا وكبيراً. ولذلك فإن المحاصيل الأكثر إنتاجاً هي
التي تتم اليوم وفق هندسة زراعية متطورة في اسبانيا
وبعض مناطق المغرب المطلة على المتوسط.
لأن هذه المنطقة تعطيها أطول فترة من الوقت تحت الشمس
التي تضربها بقوة وبشكل مباشر.
الزعفران عدة أنواع، فكما يتم إنتاجه في عدد من المناطق
في العالم فإن أنواعه تختلف بحسب مكان إنتاجه وزراعته.
ففي إسبانيا يعتبر زعفران المناطق العليا من إسبانيا
والمسمى (tradenames) أفضل بكثير من النوعية الإسبانية
الأخرى التي تزرع في الجنوب والمسماة (Crème).
ففي النوعية الأولى تكون الزهرة أنضج من حيث لونها وقوتها
ونكهتها ورائحتها الأخاذة. في حين أنها في الجنوب أقل كثافة
على مستوى اللون والرائحة.
كما أن الحكومة الإسبانية حددت عدة شروط لنوعية الإنتاج
تتوافق أكثر مع النوعية التي تزرع في الشمال. أما في
إيطاليا فإنهم يزرعون النوعية التي تسمى المقدونية
نسبة الى الاسكندر المقدوني الذي جلب النبتة في عصره
واهتم بزراعتها وهي الأقرب إلى النوعية الهندية والإيرانية،
وتعتبر إيطاليا من أكثر الدول اليوم تصديراً لأفخر
أنواع الزعفران.
أما في الهند فقد تم حظر تصدير النوعيات الفاخرة منه
ولذلك فإن الأنواع الهندية الثمينة من الزعفران تتم زراعتها
اليوم في فرنسا ونيوزيلندا وسويسرا والولايات المتحدة
الأميركية ولو كانت تنتج بكميات قليلة جداً.
أما النوع الكشميري فإنه يبقى الأغلى والأفضل من حيث الجودة
والنوعية.
وتعاني هذه الزراعة في منطقة كشمير من مشاكل الإقليم السياسية،
حيث إن المحاصيل غالبا ما تتلف بسبب المشاكل السياسية
وأيضاً بسبب القوانين الهندية التي تعارض تصدير كميات كبيرة
من الإنتاج.
ولذلك فإنه من النادر اليوم الحصول على عشرة غرامات من
الزعفران الكشميري بالسهولة نفسها التي يتم الحصول فيها
على الزعفران الإسباني الرخيص نسبة الى باقي الأنواع.
مع ذلك فإنه في كشمير يزرع في 226 قرية تابعة لهضبة
مامبور كامبو القريبة من العاصمة الصيفية للإقليم سريناغار.
وقد بلغ حجم الإنتاج عام 1990 الى أربعين ألف كيلو غرام
وما لبث أن تراجع بسبب مشاكل الإقليم الواقع بين الباكستان
والهند.
أما الجودة فيتم قياسها بناء على ثلاثة عوامل مهمة هي:
اللون (crocin) العطر (safranal) الذوق (picrocrocin)،
ويقاس اللون بأربع درجات يعتبر الرابع أفقرها وأقلها شأناً.
الزعفران: نبتة فريدة
الزعفران Saffron crocus نبات بصلي عطري من فصيلة السوسنيات, له بويصلة شعرية يتكاثر بواسطتها تحت التربة ويصل ارتفاع هذه النبتة من عشرة الى ثلاثين سنتيمترا, والجزء الفعال في الزعفران هي أعضاء التلقيح وتسمى ’’ السمات’’, وتنزع من الزهور المتفتحة، وتجفف في الظل ثم على شبكة رفيعة على نار هادئة.
تنشط بويصلات الزعفران مع هبوب رياح فصل الخريف وتخرج وروده, وينبت في مناطق معتدلة الحرارة تربتها رملية وأرضها مستوية, ونبات الزعفران لا يحتاج إلى الماء في الشتاء وبداية فصل الربيع, أما في فصل الصيف فيحتاج إلى قليل من الماء. لون الزعفران أحمر برتقالي وذو رائحة نفاذة وطعم مميز.
بدأت زراعته بكثرة في القرن العاشر الميلادي في بلاد إيران, كما كان يزرع في منطقة كشمير أيضا, ومع هجوم المغول على إيران وجد الزعفران طريقه للصين, وفي النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي حمل المسلمون هذه النبتة إلى الأندلس. أما أهم الدول المنتجة للزعفران حاليا فهي: إيران, اسبانيا والهند. أما أصل اسم الزعفران فهو مشتق من اللغة العربية: أصفر, والذي منه جاءت كل هذه الأسماء باللغات الأخرى: الفرنسية Safran الأيطالية Zaffarano الأسبانية Azafràn الانكليزية saffron.
مركبات الزعفران
تحتوي أعضاء التلقيح لنبتة الزعفران والمسماة ’’ سمات’’ على زيت دهني طيار ذي رائحة عطرية حيث تبلغ نسبة الزيت الطيار (0.3-1.5%) وتعتبر مادتي Safranal و picrocrocin من المواد الرئيسية المسؤولة عن الخاصية العطرية للزعفران وتبلغ نسبتهما حوالي 4% كما يحتوي الزعفران على مواد ملونة هي Crocin المشتق من Crocetin حوالي 2% وكذا Caroten والذي يبلغ حوالي 8%. .
قيمة الزعفران الاقتصادية
يبلغ الإنتاج العالمي للزعفران حوالي 300 طن سنويا, وتبذل جهود كبيرة لزراعته, حيث يتطلب جمع وروده وتجفيفها حوالي 170-200 ساعة من العمل المتواصل وذلك لأنتاج حوالي 500 غرام من الزعفران! ونحتاج الى ما يقرب من 140 وردة من الزعفران للحصول على غرام واحد من هذه المادة, أما الهكتار الواحد فلا ينتج سوى 6 الى 8 كيلوغرامات فقط!! لذلك تعتبر هذه المادة أغلى محصول زراعي وأثمن أنواع التوابل في العالم ويشترى بالغرام.
قيمة الزعفران الطبية
بالنسبة للعلم الحديث, فلقد أثبتت التجارب العلمية الكثيرة والحديثة ما لهذه النبتة الصغيرة من مفعول كبير في مجالات عديدة خاصة في مجال الطب العضوي والنفسي, وكذلك في مجال الصناعة كتلوين السجاد والمفروشات والملابس وغيرها, وفي صناعة العطور, ويستعمل في مجال الطبخ حيث يضفي على الطعام مذاقا مميزا ولونا جذابا.
الطب النفسي والزعفران
لقد تبين في نتائج أحدث تجربتين سريريتين أن الزعفران يشكل علاجا فعالا ضد الاكتئاب!! حيث ثبت للعلماء أن الزعفران مادة مفرحة بشكل قوي بحيث يعطي انسجاما نفسيا ويمنع اعتلال المزاج والكآبة, ويبعد الأمراض النفسية كالوساوس والمخاوف, كما يعتبر مادة منومة ومهدئة. وقد وجد العلماء بعد هذه التجارب أن الزعفران يضاهي في تأثيره الإيجابي على الإنسان تأثير الدواء Prozac الذي سمحت منظمة التغذية والدواء Foof and Drug Administation (FDA) ببيعه حديثا في الصيدليات للأطفال ما بين 7 و17 سنة وذلك لمعالجة الاكتئاب والاضطرابات النفسية المفرطة. ويعتبر الدواء الأول المصادق عليه في الولايات المتحدة والذي يسمح ببيعه في الصيدليات للشباب والأطفال.
الطب العضوي والزعفران
لقد اكتشف العلماء حديثا بأن الزعفران يزيد من الطاقة الجسدية ويقوي حواس الإنسان كالسمع والبصر واللمس... وفي دراسة يابانية أجريت على الفئران عام 2000، تبين أن الزعفران يحسن ويقوي الذاكرة وتعلم المهارات, واعتبروه مفيدا في معالجة اضطرابات الذاكرة.
الزعفران علاج لأمراض عديدة
تبين حديثا أن الزعفران ينشط القلب ويمنع ارتفاع وتسارع ضربات القلب في ما يسمى في الطب ب
Tachyarrythmias كما أنه يخفض كهرباء الدماغ خاصة في حالات الصرع حيث يعتبر دواءً مسكناً ومنشطاً للجهاز العصبي المركزي.
ويعتبر زيت الزعفران مضاداً للألم والتقلصات ويزيل آلام الطمث وغشاء اللثة وهو مفيد جدا للجهاز الهضمي لأنه منبه للمعدة وشديد المفعول للأمعاء لذلك يدخل في صناعة الأدوية الحديثة التي تستعمل لطرد الديدان المعوية وكذا في الأدوية المستعملة في تنشيط الإفراز البولي, كما يدخل في تركيب بعض أنواع من الكحل المساعد في إزالة الغشاوة من العين. ويساهم الزعفران أيضا في معالجة السعال والتهابات القصبة الهوائية.
الزعفران يتحدى مرض العصر: السرطان!
في دراسة أجريت سنة 1999 ونشرتها مجلة’’ الطب والبيولوجيا التجريبية’’ المتخصصة, أثبت باحثون في المكسيك أن بالإمكان استخدام الزعفران كعامل وقاية من السرطان أو في البرنامج العلاجي المخصص لهذا المرض حيث يزيد من فعالية العلاج الكيماوي ويشجع آثاره المضادة للسرطان !!
ووجد الباحثون بعد مراجعة مجموعة كبيرة من الدراسات المخبرية والأبحاث العلمية التي أجريت على الحيوانات, أن الزعفران لا يمنع فقط تشكل أورام سرطانية جديدة, بل يساهم أيضا في تقلص وانكماش الأورام الموجودة. وأوضحوا بأن الفوائد الصحية للزعفران قد ترجع بصورة جزئية إلى محتواه العالي من المركبات التي تعرف بالكاروتينويد التي تشمل أيضا مادتي لايكوبين وبيتاكاروتين, كعوامل وقاية وعلاج من السرطان.
ويعتقد هؤلاء العلماء أن لايكوبين Lycopene قد يساعد في تقليل التلف المتسبب عن جزيئات الراديكالات الحرة Free radicals الضارة والذي يحدث طبيعيا عند معالجة الطعام في الجسم ويؤدي الى الأمراض والشيخوخة.
اعجاز السنة النبوية المطهرة
ترى كيف عرف محمد صلى الله عليه وسلم, هذا النبي الأمي بقيمة الزعفران الاقتصادية والعلمية والطبية الكبيرة لو لم يكن رسولاً من عند الله تعالى؟؟ وكيف له أن يتخيل أرضاً ترابها زعفران؟ ولماذا الزعفران بالذات وليس مادة ثمينة أخرى؟ فهو بالتأكيد لم يقم بتحليل نبتة الزعفران كيميائيا ولا علم له بكيفية زراعتها ولا بالجهود الجبارة للحصول على كميات صغيرة من هذه المادة العجيبة مما جعلها تحمل لقب: الذهب الأحمر أو ذهب الصحراء الأحمر!!!
فسبحان خالق الزعفران وسبحان خالق تراب الجنة من الزعفران, سبحان الذي أوحى إلى عبده الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وسبحان الذي عرف لنبيه وكشف له أسرار ملكوته وخلقه العظيم.
فتخيل كم هي غالية هذه الجنة التي حصباؤها اللؤلؤ والياقوت وتربتها الزعفران وجدرانها ذهب وفضة ونعم لا تفنى!! فاذا كان هكتارا واحدا من الأرض لا ينتج سوى 6 كيلوغرامات من الزعفران, ولو نثرنا هذه الكمية فهي لن تغطي سوى بقعة صغيرة جدا من الأرض, فما بالك بالكمية اللازمة لمساحة أرض الجنة التي عرفها لنا ربنا عز وجل وقال: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 133].