العاطفة والحب في الاسلام
<BLOCKQUOTE class="postcontent restore ">
وتتجاوز رحمة
النبي صلى الله عليه وسلم وعطفه بني الإنسان إلى البهيمة
والحيوان، فيروي عبدالله بن جعفر عنه صلى الله عليه وسلم أن أحب
ما استتر إليه لحاجته هدف أوحائش نخل، فيدخل النبي صلى الله
عليه وسلم حائطاً لرجل من الأنصار فإذا به جمل فلما رأى النبي
صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه
وسلم فمسح دفراه فسكت فقال صلى الله عليه وسلم:"من رب هذا الجمل
؟ لمن هذا الجمل ؟" جاء فتى من الأنصار فقال :لي يارسول
الله ,فقال له :" أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكَّك الله
إياها فإنه شكا إليَّ أنك تجيعه وتدئبه" رواه أبو داوود . وفي
حديث آخر عند أبي داود من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود
رضي الله عنهما عن أبيه قال : " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم
في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حُمَّرة معها فرخان فأخذنا فرخيها
فجاءت الحُمَّرةُفجعلت تفرش فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال :"من فجع هذه بولدها ؟! ردوا ولدها إليها" . أرأيتم ذلك
القلب الكبير، ذلك القلب العظيم، الذي لم تقف رحمته عند حدود
زوجته أو عند حدود رعيته، أو حتى عند الأطفال لتتجاوز إلى
الحيوان، فيكلم النبي أحد أصحابه في شأن جمل له يجيعه ويذله
وكأن هذا الجمل يشعر ويرى هذا القلب الرحيم حين رأى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فتذرف عيناه مرسلة رسالة إلى النبي صلى الله
عليه وسلم صاحب الرحمة المرسَلِ رحمةً للعالمين بكل ما تحمله هذه
الكلمة من معنى. فهو رحمة للناس من عذاب جهنم ومن فيح جهنم،
وهو رحمة للناس في أمور دينهم وهو صلى الله عليه وسلم رحمة حتى
على هذه البهائم، ولهذا يصفه الله عز وجل فيقول ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ
اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّواْ مِنْ
حَوْلِكَ .............الآية. ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيز
عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ )) ويصفه حسَّان
رضي الله عنه بأوصاف يعجز عنها البلغاء : ـ وأجمل منك لم ترى قط
عيني وأحسن منك لم تلد النساء خُلقتَ مبرءاً من كل عيـب كأنك قد
خُلقت كما تشاءُ كان عطوفاً عليهم رؤوفاً بهم صلى الله عليه وسلم
ولهذا لاغرو أن يقولوا حين دفنوه صلى الله عليه وسلم : " ما إن
نفضنا التراب عن أيدينا حتى أنكرنا قلوبنا " وكيف لا ينكرون
قلوبهم... لقد غيبوا علماً وحلماً ورحمــةً عشـية واروه الـثـرى
لا يـوسدُ وراحوا بحزنٍ ليس فيهم نبيهم وقد وهنت منهم ظهورٌ
وأعضــدُ ووصف صلى الله عليه وسلم شاعر آخر فقال: وإذا رحمت
فأنــت أمٌّ وأبٌ هـذان في الدنيا هما الرحماءُ وإذا خطبت
فللمنابـر هـزةٌ وإذا وعظت فللقلوب بــكاءُ وإذا غضبت فإنما هي
غضبةٌ لله .. لاحقدٌ ولا شحنــــاءُ هذا هو النبي صلى الله عليه وسلم
وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم صاحب القلب الكبير، القلب
الرحيم العطوف الذي مع ما يحمله صلى الله عليه وسلم من عبء
الرسالة وهم حمل هذه الديانة والشريعة إلى البشرية كلها مع
ذلك كله يجد في قلبه صلى الله عليه وسلم الغلام مكاناً له،
والحيوان يجد مكاناً له لرأفته ورحمته صلى الله عليه وسلم .
أفبعد ذلك كله نطالب الناس أن يتجردوا عن عواطفهم ومشاعرهم
وعما جبلهم الله عز وجل عليه
</BLOCKQUOTE>