<br><img src="http://ar2.netlogstatic.com/p/oo/024/896/24896326.jpg">طه حسين عميد الأدب العربي،
هو أديب، ومفكر مصري تمكن من النبوغ والتفوق في إثبات ذاته على الرغم من
الصعوبات الكثيرة التي واجهها في حياته، والتي يأتي في مقدمتها فقدانه لبصره،
وهو ما يزال طفلاً صغيراً ولكنه
أثبت بمنتهى الصمود، والقوة أن الإنسان لا يجب أن يوقفه عجزه أمام طموحه، بل على العكس من الممكن أن يكون
هذا العجز هو عامل دفع وقوة،
وليس عامل إحباط، وهو الأمر الذي حدث مع هذا الأديب العظيم الذي على الرغم من
رحيله عن هذه الدنيا إلا أن الأجيال الحديثة مازالت تتذكره ومازالت كتبه واقفة لتشهد على عظمة هذا الأديب العظيم
كان لطه حسين أفكار جديدة متميزة فطالما دعا إلى وجوب النهضة الفكرية
، والأدبية وضرورة التجديد، والتحرير
، والتغيير، والاطلاع على ثقافات جديدة مما أدخله في معارضات شديدة مع محبي الأفكار التقليدية
، وكانت من
أفكاره أيضاً دعوته للحفاظ على الثقافة الإسلامية العربية مع الاعتماد على الوسائل الغربية في التفكير.
ولد طه حسين في 14 نوفمبر عام 1889م في إحدى القرى بالقرب من مغاغة بمحافظة المنيا جنوب مصر، ولد
طه لعائلة متواضعة الحال حيث كان والده يعمل موظفاً ولديه عدد كبير من الأبناء كان طه أوسطهم، عانى وهو
مازال صغيراً من مرض الرمد في عينيه، ونظراً لسوء العلاج الذي تلقاه حينها فقد بصره، وهو في مرحلة
الطفولة، وعلى الرغم من هذا لم تنل هذه الإعاقة من عزيمته شيئاً، حيث بدأ في تلقي تعليمه من خلال كتاب
القرية فتعلم القراءة، والكتابة، وحفظ القرآن الكريم.
أتجه طه حسين بعد ذلك نحو القاهرة عام 1902 وذلك لكي يبدأ رحلته العلمية فالتحق بالأزهر وذلك لكي يتفتح
ذهنه على المزيد من العلوم، ولكن قابلته مشكلة هامة، وهي أن أساتذته كانوا يدرسون العلم بشكله التقليدي غير
مطلعين على الحديث منه، بالإضافة لعدم إلمامهم بالثقافات الأخرى مما جعل التعليم يأخذ شكل جامد غير متجدد،
ولم يرض طه حسين أن يكون تعليمه بهذا الشكل فاصطدم كثيراً بشيوخه حيث كان يعارضهم، ويجادلهم في تفسير
بعض أمور النحو واللغة، والأدب مما أدخله في مشاكل دائمة معهم.
قرر طه بعد ذلك الانتقال لجامعة عادية، وليست جامعة دينية فقام بالالتحاق بالجامعة المصرية في عام 1908
فتلقى الدروس في الحضارة الإسلامية، والحضارة المصرية القديمة بالإضافة لدراسته للجغرافيا، والتاريخ،
واللغات السامية والأدب، والفلسفة،
م يكتفِ طه حسين بهذا القدر من التعليم على الرغم من حصوله على درجة الدكتوراه، ولكن دائماً كانت لديه
رغبة لتلقي المزيد من العلم، فقرر أن يسعى من أجل السفر إلى فرنسا، وبالفعل تمكن من الحصول على بعثة
لفرنسا فبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة في حياته فالتحق بجامعة مونبليه في عام 1914م حيث تخصص في الأدب،
والدراسات الكلاسيكية وتخرج منها بتفوق كالعادة، وكان الوحيد من ضمن طلبة البعثة الذي تمكن من تحقيق
النجاح.
وفي فرنسا التقى طه حسين مع شخصية رائعة أعانته كثيراً في هذه الفترة في حياته، وكانت هذه الشخصية هي
السيدة سوزان التي تزوجها في عام 1917 وكان لهذه السيدة عظيم الأثر في حياته فقامت له بدور القارئ فقرأت
عليه الكثير من المراجع، وأمدته بالكتب التي تم كتابتها بطريقة بريل حتى تساعده على القراءة بنفسه، كما كانت
الزوجة والصديق الذي دفعه للتقدم دائماً وقد أحبها طه حسين حباً جماً، ومما قاله فيها أنه "منذ أن سمع صوتها لم
يعرف قلبه الألم"، وكان لطه حسين اثنان من الأبناء هما أمينة ومؤنس.
شغل الدكتور طه حسين العديد من المناصب، والمهام، نذكر منها عمله كأستاذ للتاريخ اليوناني، والروماني، وذلك
في عام 1919م بالجامعة المصرية بعد عودته من فرنسا، ثم أستاذاً لتاريخ الأدب العربي بكلية الآداب وتدرج فيها
في عدد من المناصب، ولقد تم فصله من الجامعة بعد الانتقادات، والهجوم العنيف الذي تعرض له بعد نشر كتابه
"الشعر الجاهلي" عام 1926م، ولكن قامت الجامعة الأمريكية بالقاهرة بالتعاقد معه للتدريس فيها، وفي عام
1942 أصبح مستشاراً لوزير المعارف ثم مديراً لجامعة الإسكندرية حتى أحيل للتقاعد في 16 أكتوبر 1944م،
وفي عام 1950 أصبح وزيراً للمعارف، وقاد دعوة من أجل مجانية التعليم وأحقية كل فرد أن يحصل على العلم
دون حصره على الأغنياء فقط، " وأن العلم كالماء، والهواء حق لكل إنسان"، وهو ما قد كان بالفعل فلقد تحققت
مجانية التعليم بالفعل على يديه وأصبح يستفاد منها أبناء الشعب المصري جميعاً، كما قام بتحويل العديد من
الكتاتيب إلى مدارس ابتدائية، وكان له الفضل في تأسيس عدد من الجامعات المصرية، وتحويل عدد من المدارس
العليا إلى كليات جامعية مثل المدرسة العليا للطب، والزراعة، وغيرهم.
أثرى طه حسين المكتبة العربية بالعديد من الأعمال والمؤلفات، وكانت هذه الأعمال الفكرية تحتضن الكثير من
الأفكار التي تدعو إلى النهضة الفكرية، والتنوير، والانفتاح على ثقافات جديدة، هذا بالإضافة لتقديمه عدد من
الروايات، والقصة القصيرة، والشعر نذكر من أعماله المتميزة " الأيام" عام 1929م والذي يعد من أشهر أعماله
الأدبية، كما يعد من أوائل الأعمال الأدبية التي تناولت السيرة الذاتية.
ونذكر من أعماله أيضاً "على هامش السيرة، حديث الأربعاء، مستقبل الثقافة في مصر، الوعد الحق، في الشعر
الجاهلي، المعذبون في الأرض، دعاء الكروان، فلسفة ابن خلدون الاجتماعية، من بعيد، صوت أبي العلاء،
الديمقراطية في الإسلام، طه حسين والمغرب العربي".
كما قام بترجمة عدد من المؤلفات الهامة إلى العربية، وترجمت مؤلفاته هو شخصياً إلى عدد من اللغات، وله العديد
من البحوث.
تم اختياره عضواً في عدد من الهيئات فكان عضوًا بالمجمع العلمي المصري، والمجلس الأعلى لرعاية الفنون
والآداب والعلوم الاجتماعية، وعضوًا مراسلاً للمجمع العلمي العربي بدمشق، والمجمع العلمي العراقي، وعضوًا
أجنبيًّا في المجمع العلمي الفرنسي، والمجمع العلمي الإيطالي، وعضوًا عاملاً بمجمع اللغة العربية منذ عام
1940م، كما تم انتخابه نائبًا لرئيس المجمع عام 1960م، وكان أول من شغل هذا المنصب، كما تم انتخابه
رئيسًا للمجمع عام 1963م خلفًا للمرحوم الأستاذ أحمد لطفي السيد، وظل في هذا المنصب حتى وفاته.
قال عنه محمود عباس العقّاد
إنه"رجل جريء العقل مفطور على المناجزة، والتحدي" فاستطاع بذلك نقل الحراك
الثقافي بين القديم، والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب بكثير.
وقال عنه الدكتور إبراهيم مدكور
"اعتدّ تجربة الرأي وتحكيم العقل، استنكر التسليم المطلق، ودعا إلى البحث،
والتحري،
بل إلى الشك والمعارضة، وأدخل المنهج النقدي في ميادين لم يكن مسلَّمًا من قبل أن يطبق فيها. أدخل
في الكتابة والتعبير لونًا عذبًا من الأداء الفني حاكاه فيه كثير من الكُتَّاب وأضحى عميدَ الأدب العربي بغير منازع
في العالم العربي جميعه".
طة حسين .... الكفيف الذى انار طريق الامة...<br><img src="http://ar2.netlogstatic.com/p/oo/024/896/24896102.jpg"><br>