البراءة من الشرك
كان معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يركب خلف النبي ( علىدابة،
فسأله الرسول (: (يا معاذ، هل تدري ما حق الله على عباده؟ وما حقالعباد على
الله؟). فقال معاذ: الله ورسوله أعلم. قال: (فإن حق الله علىالعباد أن
يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله ألا يعذب من لايشرك به
شيئًا) [متفق عليه].
فبين
الرسول ( حق الله -عز وجل- علىعباده، وهو أن يوحدوه في العبادة، فيصلون له ويدعونه ويرجونه
ويصومون له،ويذبحون له وحده، ويصفونه بصفات الكمال وحده، وينزهونه عن صفات
النقص وحده،فهذا هو توحيد الله -عز وجل-، فإن دعا الإنسان إلهًا آخر، أو صلى
لله وصلىلغيره، أو ذبح لله وذبح لغيره، أو حج لله وحج لغيره، فقد أشرك بالله
-عزوجل-، أي جعل العبادة شركة بين الله وغيره.
والشرك لا
ينفع عند الله،فمن عبد الله وعبد معه غيره، لم تنفع عبادته، وأصبح من المشركين،
والشرك منأقبح الذنوب، ومن أعظم الظلم الذي لا يغفرهالله -عز
وجل-، وإذا ماتالإنسان على ذلك كان خالدًا مخلدًا في النار، قال تعالى: {إن الله
لا يغفرأن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48].
لذلك فإن
الرسول
( يحذر
الناس من الشرك فيقول: (من مات وهو يدعو من دون الله ندًا (شريكًا) دخل النار) [البخاري].
والله -عز
وجل- جعل غفران الذنوب جميعًا ما عداالشرك في مشيئته، إن شاء عذب صاحبها، وإن
شاء غفرها له، كما قال في حديثهالقدسي: (يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا
تشرك بيشيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة) [الترمذي].
والرسول (
أخبر عن الشرك بأنهأعظم الذنوب، عندما سأله عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: أي
الذنب أعظمعند الله؟ قال: (أن تجعل لله ندًا وهو خلقك) [متفق عليه]. وعندما
سئل ( عنالموجبتين -أي اللتين توجبان الجنة والنار-، قال: (من مات لا يشرك
باللهشيئًا، دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئًا، دخل النار) [مسلم].
الشركنوعان
أولا: الشرك الأكبر:
أن يجعل الإنسان لله شريكًا في أنواعالعبادة أو بعضها، وهذا شرك أكبر وهذا لا
يغفره الله -عز وجل- إن ماتالإنسان عليه ولم يتب منه، وهو خالد في النار، محرم عليه الجنة، قال
تعالى:
{إنه من
يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين منأنصار} [المائدة: 72].
وقال: {ومن
يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيدًا} [النساء: 116].
وقال تعالى
مخاطبًا نبيه محمدًا (: {ولقد أوحي إليك وإلىالذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك
ولتكونن من الخاسرين. بل الله فاعبدوكن من الشاكرين} [الزمر: 65-66].
صور الشرك الأكبر:
1-
شرك الدعاء
ومن ذلك
دعاء الموتى، وطلب النفع والشفاء منهم، والاستغاثة بهم في تفريجالكربات،
وإزالة العقبات، والمسلم يعلم أن الدعاء من العبادة، لقول الرسول (: (الدعاء هو العبادة) [الترمذي] .
ويعلم أنه إذا دعا المسلم هؤلاءالمقبورين مع الله -عز وجل- فقد جعل لله ندًا وشريكًا.
والمسلم
يعلم أنهذا من الشرك وهو أول ضلال البشرية وبُعْدها عن منهج الله، حدث ذلك
في قومنوح الذين عظموا الصالحين منهم، بعد موتهم، ولما بَعُدَ الزمن دعوهموعبدوهم من
دون الله، فلما دعاهم نوح إلى عبادة الله قالوا: {لا تذرنآلهتكم ولا
تذرن ودًا ولا سواعًا ولا يغوث ويعوق ونسرًا} [نوح: 23].
وكذلككان الحال
في مشركي قريش الذين كانوا يعبدون الأصنام ظنًا منهم أنهاتقربهم إلى
الله، فقالوا: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} [الزمر: 3].
واتبع
الجهلاء طريق المشركين فاستغاثوا بالموتى، وطلبوا منهم النصروجعلوهم
وسائط بينهم وبين ربهم، ونسوا أن الله -عز وجل- أقرب إلى الإنسانمن حبل
الوريد. قال تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} [البقرة: 186]،وباب الله
-عز وجل- مفتوح ليس عليه حاجب، فلو عقل هؤلاء لدعوا اللهمباشرة، ولم يشركوا به أحدًا.
2-
شرك النية
والقصد:
وهو توجه العبدبالعبادة
لغير الله -عز وجل-، قال تعالى: {من كان يريد الحياة الدنياوزينتها
نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. أولئك الذين ليس لهمفي الآخرة
إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون} [هود: 15-16].
والمسلم
يعلم أن إخلاص النية شرط لقبول العمل، قال الله -عزوجل- في حديثه القدسي: (أنا أغنى الشركاء
عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيهمعي غيري تركته وشركه) [مسلم].
والله -عز وجل-يقول:
{فمن كان يرجو لقاءربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا} [الكهف: 110].
لذلكفإن المسلم
يخلص العبادة لله -عز وجل-، ولا يبتغي بها إلا وجهالله -تعالى-: {وما أمروا إلا ليعبدوا
الله مخلصين له الدين حنفاء} [البينة: 5].
وقالتعالى: {قل
إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك لهوبذلك أمرت
وأنا أول المسلمين} [الأنعام: 162-163].
3-
شرك الطاعة
:
ومعناه أن
يتخذ الإنسان غير الله مشرعًا، ويرضى بحكمه أو يعتقد أن حكم غيرالله أصح
من حكم الله، أو يأخذ ببعض حكم الله ويترك بعضه، أو يطيع الإنسانفردًا أو
جماعة في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله بما يضعونه منقوانين
ومناهج مخالفة لشرع الله -عز وجل- كمن أحل الزنى أو شرب الخمر أوالسرقة مما
هو ثابت الحرمة.
ولقد حكم
الله على أهل الكتاب بالشرك، لأنهمأطاعوا الرهبان فيما حرم الله، فجعل طاعتهم فيما حرم الله عبادة
لهم، ووضحالرسول ( هذا المعنى لعدي بن حاتم -رضي الله عنه- وكان نصرانيا
فأسلم،ودخل على الرسول ( وهو يتلو: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من
دون اللهوالمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدًا لا إله إلا هو
سبحانهعما يشركون} [التوبة: 31]. فقال عدي: ما عبدوهم يا رسول الله. فقال
النبي
(: (بلى،
إنهم حرموا عليهم الحرام، وأحلوا لهم الحلال، فاتَّبعوهم، فذلكعبادتهم
إيَّاهم) [الترمذي وأحمد].
والله -عز
وجل- نهى المسلمين عن أكلالميتة التي ماتت أو ذبحت بدون أن يذكر اسم الله عليها، وعندما جاءالمشركون
يجادلون المسلمين، وأمروهم باستحلال الميتة التي حرمها الله، بينالله أن
طاعة المشركين في تحليل ما حرمه شرك بالله -عز وجل-، قال تعالى: {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون}
[الأنعام: 121].
* ومن
الشرك الأكبر شركالمحبة. قال تعالى: {ومن الناس من يتخذ
من دون الله أندادًا يحبونهم كحبالله} [البقرة: 165].
ثانيا:
الشرك الأصغر:
الشرك الأصغر،وهو ما يخشى على مرتكبه أن يموت كافرًا إذا لم يتداركه الله بعفوه
ورحمتهويتوب منه قبل موته.
صور الشرك
الأصغر:
1-
الحلف بغير
الله:
كالأب أوالأم أو
الولي أو الوطن أو بغير ذلك مما يستعمله بعض الناس، فيجب علىالمسلم أن
يبتعد عنه.
والمسلم
يمتثل لأمر الرسول (، فقد سمع الرسول ( عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلف بأبيه،
فقال: (ألا إن الله ينهاكم أنتحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت) [مسلم].
وقال: (منكان حالفًا فلا يحلف إلا بالله) [مسلم].
وسمع ابن
عمر -رضي الله عنهما- رجلاً يقول: لا والكعبة. فقال ابن عمر: لا تحلف بغير الله، فإني
سمعت رسولالله ( يقول: (من حلف بغير الله، فقد كفر، أو أشرك) [الترمذي
والنسائي]
وأمر ( من كان يحلف بالكعبة أن يقول:
ورب الكعبة، فقال (: (إذا حلفت بالكعبةفاحلف بربِّ الكعبة) [أحمد].
وإذا حلف
المسلم بغير الله كالأمانة أوالكعبة أو غير ذلك، فسرعان ما يتذكر ما أرشده إليه الرسول ( ليكفر
عن ذلك:
(مَنْ
حَلِفَ منكم فقال في حلفه باللات، فليقل: لا إله إلا الله) [مسلم].
2-
قول ما شاء
الله وشئت، ولولا الله وأنت، ولولا الله وفلان:
فقد سمع الرسول ( رجلا قال له: ما شاء الله وشئت.
فقال له: (أجعلتني لله ندًا؟ بل ما شاءالله وحده) [أحمد]. وعن حذيفة -رضي الله
عنه- أن النبي ( قال: (لا تقولواما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان) [أبو
داود] ؛لأن في حالة العطف بـ (ثم) تكون مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله، أما
فيحالة العطف بالواو تكون مشيئة العبد مثل مشيئة الله، وهذا لا يجوز.
3-
الرياء:
وقد فسر الرسول ( الشرك
الأصغر بالرياء، وهو لا يخرج من الملة،ولكنه ينقص ثواب العمل، وقد يحبطه إذا زاد،
قال (: (أخوف ما أخاف عليكمالشرك الأصغر). قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال:
(الرياء، يقولالله تعالى يوم القيامة، إذا جازى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين
كنتمتراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟!)
[أحمد
والطبرانيوالبيهقي].
وعن أنس
قال: قال رسول الله (: (تعرض أعمال بني آدم بين يديالله -عز وجل- يوم القيامة في صحف مختمة،
فيقول الله: ألقوا هذا، واقبلواهذا. فتقول الملائكة: يا رب، والله ما رأينا منه إلا خيرًا. فيقول:
إن عملهكان لغير وجهي، ولا أقبل اليوم من العمل إلا ما أريد به وجهي)
[البزار].
وهذاالرياء إذا
تعلق بالعمل فإنه يبطله، فقد جاء رجل إلى النبي ( فقال: الرجليقاتل
للمغنم (من أجل المال)، والرجل يقاتل للذِّكْر (من أجل الشهرة)،والرجل
يقاتل ليري مكانه، فمن في سبيل الله؟ فقال (: (من قاتل لتكون كلمةالله هي
العليا، فهو في سبيل الله) [متفق عليه].
4-
لبس الحلقة
والخيطوالتمائم:
من الشرك إذا اعتمد عليها
الإنسان في دفع الضر أو طلب النفع؛لأنه يصبح متوكلا على غير الله -عز وجل-. قال تعالى: {وإن يمسسك
الله بضرفلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير} [الأنعام:
17].
وقال (: (من علَّق تميمة فقد أشرك) [أحمد
والحاكم]. وعن عمران بن حصين -رضيالله عنه- أن النبي ( رأي رجلا في يده حلقة من صُفْر(نحاس)، فقال:
(ما هذهالحلقة؟) قال: هذه من الواهنة، فقال: (انزعها، فإنها لا تزيدك إلا
وهنًا)
[ابن ماجه].
وذات مرة
عاد حذيفة بن اليمان مريضًا، فوجد في يده خيطًايستعيذ به من الحمى، فقطعه، وتلا قوله:
{وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهممشركون} [يوسف: 106].
5-
الطِّيرَة:
وهي التشاؤم عند رؤية بعض الأشياءأو سماع بعض الأصوات، وهي من أفعال
المشركين، وكان بنو إسرائيل إذا أصابهمخير قالوا نحن أحق به، وإذا أصابهم شر
تشاءموا من موسى ومن معه منالمؤمنين، ولقد نهى الرسول ( عن التشاؤم، فقال (: (لا عدوى ولا
طِيَرة)
[متفقعليه].
وقد بين
الرسول ( أنه من رده تشاؤمه عن حاجته التي عزم عليهافقد أشرك، فقال: (من ردته الطيرة عن حاجته
فقد أشرك). قالوا: فما كفارةذلك؟ قال: (أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرُك، ولا طير إلا طيرك، ولا
إلهغيرك) [أحمد]. وقال: (الطِّيرَة شِرك) [أبوداود والترمذي وصححه].
وحثالرسول ( على الفأل الحسن، فقال في الحديث: (... ويعجبني الفأل)،
قالوا:
وما الفأل؟
قال: (كلمة طيبة) [متفق عليه].
والمسلم
إذا عزم على شيء فإنهيتوكل على الله ويمضي لما أراد، لأنه يعلم حقيقة قوله تعالى: {ومن
يتوكلعلى الله فهو حسبه} [الطلاق: 3]. والتفاؤل وحسن التوكل على الله
يعينانالمسلم على قضاء حوائجه، ويبعده عن الشرك.
6-
الرقى
الممنوعة:
ومن صورالشرك التي
ينبغي للمسلم أن يحذرها الرقي الممنوعة، وهي التي لا تكونمفهومة
المعاني، ولا تكون من الكتاب أو السنة، ولكنها وساوس الشيطان، وهيما كان
فيها استعانة بغير الله -تعالى-، وهو ما كان يفعله أهل الجاهليةمعتقدين
أنها تدفع الضر، فلما جاء الإسلام نهى عن ذلك، وقد ورد عن ابنمسعود -رضي
الله عنه- أنه رأى في عنق زوجته خيطًا، فسألها: ما هذا الخيط؟قالت: خيط
رُقِي لي فيه. فأخذه فقطعه، ثم قال: إن آل عبدالله لأغنياء عنالشرك،
سمعت رسول الله ( يقول: (إن الرقى والتمائم والتِّوَلَة شرك) [أبوداود وابن
ماجه].
أما الرقية
المشروعة فهي ما كانت بالقرآن أو السنة أوبأسماء الله وصفاته، وكانت مفهومة المعنى،
حتى يعرف ما بها من شرك -إنوجد-، أي تكون باللغة العربية إذا كان المرء عربيًّا، أو يفهم
العربية، وأنيعتقد الراقي أنها لا تؤثر بذاتها، إنما تؤثر بتقدير الله.
7-
الاستعاذة
بغير الله:
بين الله -عز وجل- ضرر الالتجاء
إلى غيره كما كانيفعل أهل الجاهلية، فكانوا يستعيذون بالجن ويدعونهم لدفع الضر عنهم،
فردالله عليهم وقال: {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن
فزادوهمرهقًا} [الجن: 6].
* الاستغاثة بغير الله
ودعاء غيره ومعناها طلب النصرةمن غير الله -عز وجل- لإزالة الشدة
والبلاء، وهذا نوع من الشرك إذا اعتقدالمستغيث قدرة المستغاث به -من دون الله-
على فعل ذلك، وينفي عنه الاستغاثةبالله سبحانه، لأن الاستغاثة عبادة لله، وهي من الدعاء، والعبادة لا
تكونإلا لله، وهو سبحانه القادر على رفع الضر وعلى إغاثة من يستغيث، قال
تعالى:
{أمن يجيب
المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض} [النمل: 62]. والمسلم لا يستعين ولا يستغيث
إلا بالله، ولا يدعو غير الله -عز وجل- لأنهيعلم أن الدعاء من العبادة، قال الله -عز
وجل-: {وقال ربكم ادعوني أستجبلكم} [غافر: 60].
وقال (:
(الدعاء هو العبادة) [الترمذي وابن ماجه].
9-
النذر لغير
الله:
والنذر عبادة لله لا يجوز
صرفها لغير الله، ومن صرفهالغير الله؛ فقد أشرك بالله -تعالى-، والله -عز وجل- وصف المؤمنين
فقال:
{يوفون
بالنذر ويخافون يومًا كان شره مستطيرًا} [الإنسان: 7].
وقال: {وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من
نذر فإن الله يعلمه} [البقرة: 270].
ومنصور النذر
التي لا يرضى عنها الله -عز وجل- ولا التي تليق بالمسلم: النذرلأصحاب
القبور، فيذهب بعض الناس إلى مقبرة أحد الصالحين، ويقول: لو قضيتحاجتي فلك
كذا، وكذا. فهذا نذر باطل، يحرم الوفاء به؛ لأنه معصية لله. قال (: (من نذر أن يطيع الله فليطعه،
ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه) [البخاريوأبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه].
10-
الذبح لغير
الله:
كانالمشركون
يتقربون بالذبائح لغير الله، ولما جاء الإسلام أبطل هذا السلوك،وأوضح أن
الذبح عبادة لا ينبغي التوجه بها لغير الله، ومن اتجه بعبادتهلغير الله
فقد أشرك، وحرم الله -عز وجل- أكل الشيء المذبوح لغير الله. قالتعالى:
{حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به}
[المائدة: 3]. وقال: {فصل لربك وانحر}
[الكوثر: 2]. وقال: {قل إن صلاتي ونسكي ومحيايومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك
أمرت وأنا أول المسلمين} [الأنعام: 162-163].
وقال (:
(لعن الله من ذبح لغير الله) [مسلموالنسائي وأحمد].
وقال: (دخل
الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل فيذباب). قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله ؟
قال: (مر رجلان على قوم لهم صنم لايجوزه أحد حتى يقرب إليه شيئًا، فقالوا لأحدهما: قرِّب. قال: ليس
عندي شيءأقرب. قالوا له: قرِّب ولو ذبابًا. فقرَّب، فخلوا سبيله، فدخل
النار،وقالوا للآخر: قرب. فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئًا دون الله -عز وجل- فضربوا عنقه، فدخل الجنة) [أحمد].
ومن حرص
الإسلام على التوحيد والبعدعن الشرك، وسد المنافذ التي توصل إليه، أمر ألا يذبح لله في مكان
يذبح فيهلغيره، فقد نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة (موضع أسفل الكعبة)، فسأل
النبي
(،
فقال: (هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟) قالوا: لا. قال: (فهلكان فيها
عيد من أعيادهم؟) قالوا: لا. فقال الرسول (: (أوفِ بنذرك، فإنه لاوفاء لنذر
في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم) [أبو داود].
11-
إتيان الكهنة
والعرافين:
وهم الذين يدعون علم الغيب
عن طريق الاتصال بالجن،أو بطرق أخرى، منها قراءة الفنجان، أو بالخط في الرمل، أو فتح أوراقاللعب، قال
(: (من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) [مسلم]. وقال: (من أتى عرافًا أو
كاهنًا فصدقه، فقد كفر بما أُنزل علىمحمد) [أحمد والحاكم].
والمسلم
يعلم أن الغيب لا يعلمه إلا الله، ولايطلع عليه أحد إلا من ارتضى، قال تعالى:
{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاهو} [الأنعام: 59]. وقال: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا. إلا
منارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا} [الجن:
26-27]. والجنأنفسهم لا يعلمون الغيب، قال تعالى: {فلما خر تبينت الجن أن لو
كانوايعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين} [سبأ: 14]. حتى النبي ( لا
يعلمالغيب، {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن
أنا إلانذير وبشير لقوم يؤمنون} [الأْعراف: 188].
12-
السحر:
وهو نوع منالتخييل،
واختلف الفقهاء فيمن يتعلم السحر ويستعمله، فقالوا يكفر، وهذا قولأبي حنيفة
وأحمد ومالك، ولكن الشافعيوابن حزم
وآخرين ذهبوا إلى خلافذلك، فلم يكفروا الساحر لسحره إلا أن يستحل السحر، فالسحر عندهم أحدالموبقات
السبع وهو غير الشرك، وهو أرجح.