السيدة خديجة " رضى الله عنها وأرضها "
أم المؤمنين
والله ما أبدلني الله خيراً منها . قد آمنت بى إذ كفر بى الناس وصدَّقتنى إذ كذبنى الناس ، وواستنى بمالها إذ حرمنـى
الناس ورزقنى الله أولادها وحرمنى أولاد الناس . حديث شريف
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشية الأسدية كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة .
نشأت في بيت طاهر طيب الأعراق , على أكمل السير المحمودة وأحسن الأخلاق , فكانت (رضي الله عنها)
متكاملة حسنا وعقلا , وجمالا وفضلا , حازمة رشيدة في جميع أمورها , حسنة التدبير والتصرف في جميع
شؤونها , ذات فراسة قوية , وهمة علية , لها نظر ثاقب , ومعرفة دقيقة بالعواقب , أغناها الله تعالى بسعة النعم ,
وكثرة الخدم والحشم , ومن عليها ذو الجلال بكثرة الأموال , فكانت تستأجر الرجال , ليتاجروا في ذلك بالحلال
, فتضاربهم عليه بشئ معلوم , ويستفيد بذلك الجميع على العموم , وظهرت أسرار تلك الأخلاق المرضية ,
والأوصاف الحسنة الزكية , فيما بلغته بين قومها في الجاهلية , من مكانة علية , ورتبة سنية , وشهرة قوية , فهي
الدرة الثمينة الطاهرة
كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - صدق حديثه
وعظيم أمانته وكرم أخلاقه، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً، وتعطيـه أفضل ما
كانت تعطي غيره من التجـار، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها
حتى قَدِم الشام.
وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل
الراهب ميسرة: (من هذا الرجل؟)... فأجابه: (رجل من قريش من أهل الحرم)... فقال الراهب: (ما نزل تحت هذه
الشجرة قطٌ إلا نبي)...
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد، ثم أقبل قافلاً الى مكة
ومعه ميسرة، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس
وهو يسير على بعيره... ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب
الضعف .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول -
صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم، القاسم -وبه كان يكنى-، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله -، وزينب،
ورقيـة، وأم كلثـوم، وفاطمـة عليهم السلام... فأما القاسـم وعبد الله فهلكوا في الجاهلية، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن
الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-...
ومن خصائصها (رضي الله عنها) ما رواه الشيخان , إن جبريل بشرها ببيت في الجنان , إذ قال ذلك الملك المكرم
, للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :
(( بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب )) .
ولمّا قُضيَ على بني هاشم وبني عبد المطلب عام المقاطعة أن يخرجوا من مكة الى شعابها، لم تتردد السيدة
خديجة في الخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي
يحملها... وعلى الرغم من تقدمها بالسن، فقد نأت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية وكأنها عاد إليها صباها، وأقامت
قي الشعاب ثلاث سنين، وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى...
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]توفيت (رضى الله عنها) في اليوم العاشر من رمضان , قبل هجرة سيد ولد عدنان , بثلاث سنين على الأصح من
الأقاويل , ولم يصل عليها (عليه الصلاة والسلام) , لأنها لم تشرع الصلاة على الميت في ذلك العام , ونزل النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) في قبرها , وسوى عليها التراب وأحسن نزلها , وهي فضيلة لها دون غيرها من أمهات
المؤمنين ، (رضى الله تعالى عنهن) إلى يوم الدين , وكان لها من العمر خمس وستون , ودفنت بمقبرة المعلى
المعروفة بالحجون
قد أثنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على السيدة خديجة ما لم يثن على غيرها، فتقول السيدة عائشة: (كان
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوماً من
الأيام فأخذتني الغيرة، فقلت: (هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها)... فغضب ثم قال: (لا والله ما أبدلني الله
خيراً منها، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس ورزقني منها الله
الولد دون غيرها من النساء)... قالت عائشة: (فقلتْ في نفسي: لا أذكرها بعدها بسبّةٍ أبداً)
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
اللهم ارحم المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]اللهم أجعل نسائنا مثلها