الذهب الأبيض (حليب النوق)
ما أجمل العودة لأحضان الطبيعة.. واستثمار وتسخير كل ما يجلب ويمنح المنفعة لنا خاصة فيما يتعلق بمجال علاج الأمراض ، بعد أن تأكدت الأضرار والآثار الجانبية للعقاقير التي يستخدم فيها الكيماويات.. فها هي الطبيعة قد أمدتنا بمخلوقات لها القدرة على إنتاج علاجات طبيعية شافية.. فمن منا يستطيع إنكار عظمة عسل النحل الذي ورد ذكره في القرآن الكريم لما فيه من شفاء لأمراض عديدة ولا يختلف عنه حليب النوق الذي يخطئ البعض ويسميه حليب الإبل حيث أنه من المعروف أن الإبل هي ذكور الجمل أما الناقة فهي أنثاه وهي التي تدر حليبا ..
فوائد لا تحصى لحليب النوق
معجزات طبية كثيرة كانت خفية علينا ولم تر النور إلا بعد أن كشف لنا عن فوائدها الدين الإسلامي الحنيف ومنها ما أوصانا ونصحنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المداواة بألبان النوق.. وهو ما فتح المجال للأبحاث العلمية التي أثبتت فاعليته الكبيرة في علاج الكثير من الأمراض التي عجز الطب الحديث عن علاجها..
فقد جاء عن أَنَسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا اجْتَوَوْا فِي الْمَدِينَةِ فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ يَعْنِي الابِلَ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا حَتَّى صَلَحَتْ أَبْدَانُهُمْ فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَسَاقُوا الإبلَ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ فَجِيءَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ . رواه البخاري ..
شرح ألفاظ الحديث
قال القزاز اجتووا أي لم يوافقهم طعامها.. وقال ابن العربي داء يأخذ من الوباء.. وقال غيره: انه ذلك يعبر عن داء قد أصاب جوفهم.. وقال آخرون إجتووها: أي كرهوا الإقامة فيها لمرض أصابهم؛ مشتق من الجوى وهو داء في الجوف.. أما كلمة عظمت بطونهم فتعنى أنها انتفخت واصفرت ألوانهم, فيما تعنى كلمة ذَود رسول الله صلى الله عليه و سلم : أي إبله.. أما سَمر أعينهم : فتعني فقأها.
ويعد استخدام حليب أنث الإبل في التشافي ليس حديث العهد فقد استخدمه العرب في معالجة الكثير من الأمراض مثل أوجاع البطن وخاصة المعدة, والأمعاء, ومرض الاستسقاء, وأمراض الكبد وتليفه مثل اليرقان, وأمراض الربو, وضيق التنفس إضافة لتقويته لعضلة القلب .. كما استخدمته بعض القبائل لمعالجة الضعف الجنسي حيث كان يتناوله الشخص عدة مرات قبل الزواج, وقد ثبتت فائدته في المساعدة على نمو عظام الأطفال, ففي حالة شرب كميات كبيرة من الحليب في الصغر فانه يمنح القامة الطول والقوة .
علاج فعال لمعظم الأمراض
كما قيل أيضاً أن حليب الإبل يحمي اللثة, ويقوي الأسنان نظرا لاحتوائه على كمية كبيرة من فيتامين ج الذي يساعد على ترميم خلايا الجسم لأن نوعية البروتين فيه تساعد على تنشيط خلايا الجسم المختلفة. كما ثبتت فاعلية هذا اللبن الكبيرة في علاج متاعب الطحال والسل والربو والأنيميا والبواسير, إضافة إلى خصائصه التي تعمل على خفض الوزن لانخفاض محتواه من الدهون والمواد الصلبة الكلية.
علاج للسكر
ولا يجب أن ننسى إن لحليب الإبل فوائد عظيمة في العلاج من مرض السكري حيث أكدت دراسة متخصصة انه يحتوى على بروتينات لها مفعول الأنسولين, أيضا أكدت النتائج الأولية للبحوث التي أجراها بعض الخبراء والعلماء أن تركيب الأحماض الأمينية فيما اصطلح على تسميته بحليب الإبل تشبه في تركيبها هرمون الأنسولين .
كما يحتوى حليب الإبل على نسبة من السكر مسئولة عن إعطاء المذاق الحلو له, ومن معجزات هذا السكر أنه يمتص في الأمعاء الدقيقة للإنسان ويتحول بفضل إنزيم اللاكتيز إلى سكر الجلوكوز الذي يمنع تزايد وتراكم الجلوكوز بجسم الإنسان, لذا فهو يحمي الأطفال والكبار من الإصابة بهذا المرض.
علاج للسرطان
والمعجزة الكبرى التي تحسب لهذا اللبن أنه يستخدم في علاج مرض السرطان والذي وقفت أمامه العديد من الأدوية عاجزة، وهذا ما أكدته لنا رواية العقيد شاكر الثنيان من الحرس الوطني السعودي عن تجربة ضابط كان مصاباً بورم سرطاني في المخ حيث كان ميؤساً من شفائه، وقد سافر لأمريكا وأجرى تحاليل طبية وفحوصات ولم يتمكنوا من إجراء عملية جراحية لصعوبة الموقف وتشعب الورم السرطاني بالمخ.
منحه عظيمة من الله القادر على كل شيء
تركيبة معجزة
ويتميز هذا اللبن بعدة خصائص أولها انه بطيء التجرثم ولا يتغير بسرعة ويحافظ على طراوته لمدة قد تصل إلى ست ساعات, لدرجة أن الرعاة يقومون في بعض المناطق بخض حليب الإبل مثل الضأن ويصنعون منه الجبن والزبد, هذا وقد أرجعت الدراسات سبب ذلك إلى تغذية الإبل على أنواع معينة من الأعشاب الطبية والشجيرات ولكن على الرغم ذلك يفقد اللبن هذه الخاصية عندما يتم تغذيتها على الأعلاف المركزة.
ويعتبر لبن الإبل قلوياً ولكنه سرعان ما يصبح حامضياً إذا ترك فترة من الزمن, ويختلف مذاقه من شدة الحلاوة إلى فاتر ومالح وبشكل عام يكون لبن الناقة أبيض مائلا للحمرة، وهو عادة حلو المذاق لاذع، إلا أنه يكون في بعض الأحيان مالحاً، كما يكون مذاقه في بعض الأوقات مثل مذاق المياه .
ويحتوي لبن الإبل على مواد بروتينية بنسب مابين 4 إلى 25%, ومواد صلبة مابين 10ــ 15 % , ودهون وخاصة في أول فترة الإدرار مابين 2إلى 3 %, ومواد سكرية وخاصة اللاكتوز مابين 3 إلى 6 %, وكلوريد الصوديوم مابين 14إلى 0.27 % كما يحتوي على معادن مثل الحديد والكالسيوم والفوسفور وعلى فيتامينات مثل فيتامين بـ 2.
ومن إعجاز هذا الحليب انه يحتفظ بجودته وقوامه لمدة 12 يوما في درجة حرارة 4 درجات مئوية على عكس أنواع الحليب مثل الأبقار والجاموس والماعز والأغنام الذي يحتفظ بخواصه تحت نفس الظروف لمدة لا تزيد على يومين فقط.
كما أن حليب الناقة الذي تتم بسترته يتفوق على سائر الألبان الأخرى المبسترة بفترة تزيد على أكثر من عشرين يوماً , كما يتميز اللبن باحتوائه على أحماض دهنية مركزة خاصة حامض الملينوليك والأحماض الدهنية غير المشبعة المهمة لصحة الإنسان ، إضافة للأحماض الأمينية مثل الميثونين والارجنين والليسين والفالين والفينيل آلانين.
كما أثبتت التحاليل أن نسبة الماء في ألبان الإبل تبلغ 89.6 % وهي أعلى نسبة ماء في الألبان على الإطلاق، ويرجع ذلك إلى هرمون البرولاكتين الذي يقوم بتنشيط كل من الأمعاء والكلى في الإبل لتقوم بعملية امتصاص مزدوجة، حيث يتوجه الماء الممتص إلى ضرع الناقة لتزيد كمية الماء في اللبن وهذه العملية تتم في النوق خلال أوقات الحر الشديد التي يحتاج فيها مولودها وكذلك الإنسان الملازم لها في الصحراء الى كميات متزايدة من المياه ليطفئ الظمأ.
غذاء متكامل
ويمد حليب الإبل جسم الإنسان بكل ما يحتاجه من عناصر غذائية حيث أثبتت الدراسة التي قام بها أحد أساتذة أمراض الحيوان المعدية بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة أن حليب الإبل يحتوى على كميات من فيتامين (ب1) و (ب2) كما يحتوى على مستوى منخفض من الكوليسترول, إضافة إلى انه يماثل لبن الماعز, ويقارب كثيرا لبن النساء وهو ما يؤكد أهميته لتغذية الإنسان ..
* * * * * * *