الحمد لله رب العالمين والصلاو والسلام على أشرف المرسلين
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
تعريف الدنيا:
هي المكان الذى يحتوي كل ما تطلبهالنفس من لذائذ ورغبات ، والحياة الدنيا ما هي إلا معبر و ممر للآخرة وليستدار
مقام ومستقر ، والحياة الدنيا كالزرع يعجب الناظرين لخضرته وكثرةنضارته ثم لا يلبث أن يصير هشيما كأن شيئا لم
يكن.
عن إبن عمر رضي الله عنهما قال : أخذرسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي وقال :ّ كن في الدنيا كأنك غريب أو
عابر سبيلّ وكان بن عمر رضي الله عنهما يقول :" إذا أمسيت فلا تنتظر الصباحوإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ
من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك "-رواهمسلم-
الشرح:
هذا الحديث به حياة القلوب لأن به الإبتعاد عن الإغترار عن كل مافي الدنيا. أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بمنكبي
إبن عمر : هذا يدل على الاهتمام من النبي عليه الصلاة والسلام بإبن عمر وهو شاب صغير
كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل: هذه من أعظم الوصاياالمطابقة للواقع ، لو عقل الناس فان الإنسان إبتدأ
حياته في الجنة ونزل إلىهذه الأرض إبتلاءا ،فهو فيها غريب أو عابر سبيل فزيارته للدنيا،زيارةالجنس البشري
للدنيا هذه زيارة غريب، وإلا فمكان آدم ومن تبعه فالمنزل هوالجنة فابن آدم خرج من الجنة إبتلاءا وجزاءا على
معصيته. المرأ يجب عليه أن يوطن نفسه ويربيها على أن منزله الجنةوليست
هذه الدنيا وهو في هذه الدنيا في دار إبتلاء وإنما هو غريب أو عابرسبيل ، وما أحسن إستشهاد إبن قيم -رحمه الله-
إذ ذكر : أن حنين المسلمللجنة و أن حبه للجنة ورغبته فيها هو بسبب أنها موطنه الأول و أنه هو الأنسبي
للعدو و رحل عن أوطانه بسبب سبي ابليس لأبينا آدم وهل يا ترى يرجع إلىداره الأولى أم لا.؟
وما أحسن قول الشاعر:
نقي فؤادك حيث شئت من الهوى ماالحب إلا للحبيب الأول
كم من منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل
فالحبيب الأول هو الله جل وعلاوأول منزل للعبد هو الجنة .
من كان على حال أنه غريب أو عابر سبيل فانه لا يأنسبمقامه،لأن
الغريب لا يأنس إلا مع أهله وعابر السبيل دائما في عجلة من أمرهوهذه هي حقيقة الدنيا،فانه لو عاش ابن آدم عاش
نوح ألف سنة منها تسعمائةوخمسون في قومه ثم مضت وانتهت وهكذا. فالحقيقة أنهم غرباء وعابري سبيل مروا
بهذه الدنياوماتوا،فيجب للمرا أن ينتبه لنفسه و أعظم مايصاب به العبد هو : الغفلة،فعليك أن تعتقد ان هذه الدار دار
ممر وليس دار مقر .
ابن عمر -رضي الله عنهما - كان يوصي: إذا أمسيت فلا تنتظرالصباح : كن على حذر دائما من الموت وقد قيل في
عدد من السلف** كان فلان لوقيل له إنك تموت الليلة لما استطاع أن يزيد في عمله** وهذا يكون باستحضارحق
الله جل وعلا دائما وأنه إذا تعبد فانه يستحضر ذلك ويخلص فيه لربه -جلوعلا- وإن خالط أهله يجب عليه أن يكون
ممتثلا للشريعة في شأنه كله .
وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك: هذا يعني أن على العبد المبادرة للخير والعلم والتوبة.
المصدر: شرح الأربيعين النووية، الشريط الحادي عشر لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ بارك الله في
الجميع ونفعنا واياكم بالعلم النافع والعمل الصالح ووفق الله الجميع لما فيه صلاح القلوب والانفس
وقال الله تعالى :" زين للناس حب الشهوات من النساء والبنينوالقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة
والأنعام والحرث ذلكمتاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب*قل أؤنبكم بخير
من ذلكم للذيناتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فها وأزواج مطهرة ورضوانمن الله والله بصير
بالعباد" (سورة آل عمران:15).
عن أبي مسعود الخدري رضي الله عنه قال :" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الدنيا حلوة خضرة وأن
مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا و اتقوا النساء"
وقيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه صفلنا الدنيا فقال : " ما أصف من دار أولها عناء وآخرها فناء وحلالها
حسابوحرامها عقاب من استغنى فيها فتن ومن افتقر فيها حزن".
وقال اللإمام الشافعي رحمة الله: "من غلبت عليه شدة الشهوة لحب الحياة لزمته العبودية لأهلها ،ومن رضي بالقنوع
زال عنه الخضوع"
وقال الحسن البصري رحمة الله: "من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره".
ويستخلص مما تقدم من الآيات والأحاديث أن هذه الدنيا ماخلقت إلا لينتفعبها الإنسان ويتمتع بمباهجها ولذاتها ونعيمها
علي قدر جاجتهواستطاعته ، ثم يعرض على حقيقة أخرى بالنسبة للحياة الدنيا ، وهي انه ماخلق لتلهيه الدنيا وتشغله
بمفاتنها ومباهجها عن الغاية الحقيقة من وراءحياته، فلايغرنه ظاهرها بأنه سوف يخلد فيها وليعلم أحسن العلم أن هذه
الدنيا وهذه الأموال والأمتعة واللذات و..و..و كلها ظل زائل وما هي إلا إلىأجل مسمى ونهايتها الموت المحتوم ،
وإنما الشىء الوحيد الذى له البقاءوالخلود في هذا العالم هو الصلاح. صلاح القلب وصلاح الروح وصلاح الأعمال.