قصة السلحفاة والنمر
وقفت السلحفاة ذات الدرع العسلي بجانب الطريق الأسفلتي الضيق، وانتظرت أن
يتوقف سيل السيارات المسرعة، حتى تتمكن من عبور الطريق لزيارة صديقتها
الأرنب في الجانب الآخر… وتستشيرها في بعض شؤونها، وكانت السيارات تنفث
دخاناً كريه الرائحة، أو تطلق أصوات أبواقها الحادة، فاضطرت السلحفاة إلى
احتمال ذلك كله، لكن سيل السيارات لم ينقطع، وتساءلت السلحفاة باستغراب: "من
أين تأتي هذه السيارات كلها كأنها النهر؟…
تقدمت السلحفاة بضع خطوات على الأسفلت فجاءت سيارة مسرعة، وقذفتها إلى
جانب الطريق، ثم انتظرت قليلاً، وأعادت المحاولة ثانية. وعند بلوغها وسط
الطريق، كان بغل مسرع قادماً من الجهة المقابلة، فقذفها بحافره، وأعادها إلى
النقطة التي انطلقت منها.
تساءلت السلحفاة بائسة: ماذا أفعل الآن؟ هل أعود إلى بيتي أم أكرر المحاولة مرة
أخرى؟… وظلت أصوات المحركات والأبواق تخيفها وتبقيها في مكانها…
وهمت بتكرار المحاولة، وعبور الطريق حين تقدم نمر عسلي العينين، فلاحظ
ارتباكها، وقال لها: مالك أيتها الجارة السلحفاة؟ أراك مرتبكة حزينة؟ قالت
السلحفاة: أريد عبور الطريق، لكن السيارات والبغال لا تمكنني من ذلك، فقال
النمر: تقدمي إلى جانبي كي نقطع الطريق معاً..
تقدمت السلحفاة إلى جانب النمر مطمئنة إلى تشجيعه وحمايته، لكن سيارة مسرعة
تقدمت من جهة الطريق اليمنى، فاستدار النمر ووقف في منتصف الطريق، ونظر
بعينين ناريتين إلى جهة السيارة، فاضطر سائقها إلى التمهل والتوقف والانتظار
حتى يعبر النمر والسلحفاة الطريق، وقبل أن يتابعا سيرهما، قدمت سيارة من الجهة
اليسرى، فخافت السلحفاة وقالت: ما العمل الآن أيها النمر؟ قال النمر: لا تخشي
شيئاً، إنها تقف عندما تراني…
توقفت السيارة الثانية عند رؤيتها النمر المرقط يعبر ببطء ويحمي السلحفاة الخائفة،
ولم تتقدم السيارتان حتى وصل النمر والسلحفاة إلى الجهة الأخرى من الطريق.
شكرت السلحفاة النمر على صنيعه، ووعدت أن ترد لـه جميله في أقرب فرصه،
ورد النمر قائلاً: لم أقم بأكثر من واجبي، وأنا مستعد لتقديم العون لك عند الحاجة،
وما عليك إلا أن تنتظري مروري حين تريدين عبور الطريق، أو حاولي حفر نفق
تحت الأسفلت..
قالت السلحفاة: أشكرك ثانية أيها النمر الطيب، واقدر أنه ليس من الحكمة الاتكال
على الآخرين في كل شأن، وأضافت: فكرة النفق جيدة… سأطمئن على جارتي
الأرنب أولاً، وأعرض عليها الفكرة، وبعدها أبدأ بحفر النفق.
زارت السلحفاة الأرنب، ففرحت بها كثيراً، وشعرت أنها ليست وحيدة في هذا البر
الفسيح، وعرضت السلحفاة ما جرى لها عند عبور الطريق، والفكرة التي اقترحها
النمر، فقالت الأرنب: النفق فكرة صائبة، وأنا مستعدة لتقديم العون في تنفيذه.
بدأت السلحفاة والأرنب في اليوم التالي حفر النفق بهمة وتصميم ورآهما النمر
المرقط، فابتسم لأن فكرته وجدت من يصغي إليها، وعبر الطريق بقفزتين خاطفتين
دون أن يأبه بالسيارات المسرعة!..