الشتاء ربيع المؤمن، طال ليله فقامه وقصر نهاره فصامه
فعلى الرغم من
أن فصل الشتاء يمثل لكثيرين مجرد نزلات البرد وأنفلونزا واكتئاب، كما أنه
يمثل آخرون مجرد عائق للخروج والتنزه، سواء بسبب مطر، أو برد وريح شديد،
أو لأن نهاره قصير وليله شديد البرودة، ولكننا إذا رأينا كلام الرسول
والصحابة عن فصل الشتاء، عرفنا كيف كان حبهم لهذا الفصل، فهو بالنسبة لهم
فصل العبادة والصيام والقيام والتفكر!
فقد وصف الكثير من الصحابة والسلف فصل الشتاء بأنه غنيمة وشجعوا على اغتنامه حيث قال عمر بن الخطاب: "الشتاء غنيمة العابدين"، كما خص النبي (ص) فصل الشتاء بحديث شريف، حيث قال: "الشتاء ربيع المؤمن، طال ليله فقامه وقصر نهاره فصامه".
وقد تم تفضيل عبادة الصيام (مدرسة للتقوى)، وعبادة صلاة القيام (أول صلاة تفرض على المسلمين الأوائل)،
في هذا الفصل؛ لأن طول الليل يمنح الإنسان فرصة؛ لأن يأخذ فيه حظه من
النوم، ثم يقوم بعد ذلك إلى الصلاة، أما قصر نهار الشتاء أدى إلى سهولة
صيامه.
وكما قال ابن رجب رحمه الله: "قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف"، كما بكى معاذ عند موته، وقال إنما أبكي على ظمأ الهاجر، وقيام ليل الشتاء ومزاحمة العلماء بالركاب عند حلقات الذكر".
ولكن غالبا ما يكون تكرار الوضوء في الشتاء أمر بالغ الصعوبة لبرودة
المياه، وحتى لو استبدلت بالماء الدافئ، فإن استعمال الماء باستمرار لا
يعطي الإنسان إحساس بالدفء، ولكن رسول الله (ص) رغبنا في إسباغ الوضوء على
المكاره، ووصفه قائلا: "ألا
أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول
الله قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار
الصلاة بعد الصلاة فذالكم الرباط".
ومن سنن الرسول (ص) أنه كان يبكر بصلاة الظهر، إذا اشتد البرد؛ وذلك لأنه يشغل الإنسان عن الخشوع في الصلاة