السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عندما ينتابك شعور مرير بأنك لابد و أن تتحدث
أن تقول رأيك بمنتهى الوضوح و الصراحة لمحدثك
و لكن ضميرك يجعلك تمسك لسانك و يقوم بتلجيمك أشد التلجيم
لأنك تعلم أن السكوت فيه الخير و المصلحة لمن أمامك
و أن الكلام و إن كان حق و صدق و صريح سيتسبب في وقوع محدثك في مشاكل و سيكون له عواقب وخيمة
و هذا ما لا نريده لمن لهم في قلوبنا معزة خاصة
و من هذا المنطلق فإنك تفضل السكوت عن الحق و أن تكون شيطان أخرس
و أيضا تفعل أكثر من ذلك فإنك تخالف مبادئك بقول كلام بالرغم من أنه يخفف عن من يحدثك
إلا أنك مقتنع من داخل نفسك أنه كلام خاطئ و شهادة خاطئة و سكوت عن الحق
و أنك في هذه الحالة شيطان أخرس
لذلك فإنني بعد انتهاء المحادثة و عندما أحسست باختناق لأنني لم أقل كلمة حق
قررت التنفيس عن نفسي بالكتابة علها تخفف بعض مما أعانيه
اعتذر منكم فالمقدمة طالت مني غصبا عني
و سأدخل في الموضوع حتى لا تشعرون بالملل
الأمر هو معاناة الزوجات في زماننا هذا في ظل أزواج يتمتعون بقدر وافر من الأنانية
مما يجعلهم يظنون أنهم من خيرة الرجال و خيرة الأزواج و خيرة الآباء
و لكنهم للأسف سيسألون عمن يضيعون
كنت أحادث صديقتي العزيزة و زميلة الدراسة عن أحوالها تليفونيا
تحدثنا كثيرا عن أطفالنا و عن دراستهم و لعبهم و نومهم و أكلهم و كل ما يخصهم
و لكنها بدأت فجأة تحكي عن معاناتها مع الأطفال
حيث أنها تقريبا تتحمل مسئوليتهم بمفردها
فزوجها كما تقول يخرج باكرا ولا يأتي إلا منتصف الليل يأكل و ينام
لديه طفلين أحدهما في أولى المراحل الدراسية و الأخرى لازالت رضيعة
أخذت تشكو لي زوجها الذي لا يعرف شيئا عن الأطفال ولا ماذا يحبون و ماذا يكرهون و ما هي هواياتهم و ما هو مستوى ابنه الدراسي
هو يذهب لعمله صباحا و مواعيد العمل تنتهي في الخامسة
لكنه يفضل أن يظل في عمله بصحبة زميلاته يضحك و يمرح لأوقات متأخرة بحجة أن هذا صالح العمل
و لا يعرف لزوجته و لا لأولاده أي حق و أي صالح
لا يخرج معهم فأمهم مسئولة عن نزهاتهم و إحضار متطلباتهم كلها و زيارة عائلته و عائلتها
و هو يعيش في دنياه الخاصة لا يدري عنهم شيئا
هي تشكو و أنا أقول لها هو يتعب من أجلكم ليستطيع أن يوفر لكم أسلوب معيشة كالذي تعيشونه فتحملي معه ولا تضجري
فهذا واجبك تجاه أبناءك و واجبك تجاه بيتك و زوجك
لم أكن مقتنعة بهذا الكلام و لكنني كنت أقوله لأشجعها على الصبر و قوة التحمل
و لكنني فوجئت بصديقة أخرى تحادثني بمرارة تشكو من أطفالها الذين أصبحوا لا يستجيبون لها و لا لكلامها أبدا
مما يعني انحدار في مستواهم الدراسي و خروجهم عما كانوا عليه من التزام في كل شئ
سألتها و أين والدهم فهو سيكون أكثر حزما معهم و بالتالي له كلمة مسموعة و مطاعة
فبدأت تشكو أنه لا يعرف عنهم شيئا و أن كل وقته للعمل
و إذا عاد للمنزل مساءا فهو أمام جهاز الكمبيوتر
يظل يحادث هذا و يراسل هذه و يدخل المواقع و المنتديات يتابع و يضع مواضيعا هنا و هناك
لدرجة أنه أصبح شهيرا و له علاقات كثيرة بسبب كثرة استخدامه للانترنت
هنا ليس من حقنا الاعتراض طالما أنه يقوم بواجبه تجاه بيته و أسرته
و يقوم بمشاركة زوجته في تربية أبناءه الذين يعتبرون مسئوليته كما هم مسئولية زوجته
و لكنه للأسف يعتبر أن الأبناء مسئولية الزوجة
لا يتابع معها امور دراستهم و لا يعرف شيئا عن تأديتهم لصلواتهم أو هل يحفظون من كتاب الله شيئا أم لا
هل يعرفون من سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم شيئا و صحابته أم لا ؟
بالرغم من انه يقوم بنشر المواضيع الوعظية عبر الشبكة و يقول أنا أقوم بعمل خير يكون صدقة جارية
فأن أضع كلمة طيبة يقرأها إنسان فيهتدي بها خير من الدنيا و ما فيها
ألا ترون هذا التناقض ؟
يضيع أبناءه بحجة واهية و هي أنه احتمال أن يتسبب في هداية شخص بكلمة ينشرها !!!!!!
اعتصرني الألم و أنا استمع لها و اتذكر قول الرسول صلى الله عليه و سلم " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول
و في النهاية قلت لها الكلام المعتاد
كل الرجال هكذا و يجب أن نتحمل لأن هؤلاء أطفالنا و تنشئتهم مسئوليتنا
و لكن هل هذا الكلام صحيح ؟
هل تنشئة الطفل مسئولية الأم فقط ؟
إذا كانت كذلك فلم قال الرسول صلى الله عليه و سلم "....... و الرجل راع في بيته و مسئول عن رعيته
هل مسئوليته عن رعيته هي إلقاء الأوامر فقط و الشخط و النطر في البيت ؟
أليس له دور إيجابي يجب ان يقوم به تجاه بيته و أبناءه
و إذا كان يريد أن يكون داعية على شبكة الانترنت يهدي الناس بمواضيعه و كلامه
أليس من الأفضل أن يراعي أبناءه و الأولى أن يكون داعية لهم اولا ؟
أم يترك المسئولية للزوجة المسكينة التي تشعر باليأس و الضجر فتستسلم للشعور بالفشل فيضيع الأبناء أيضا
إخوتي عندما تفكرت في أمري و أمر الكثيرات ممن حولي وجدت أن نسبة الرجال المهتمين ببيوتهم و زوجاتهم و أبناءهم قليلة بالنسبة للفئة الغير مبالية
و للأسف يكون الغير مبالي له حججا واهية ينشرها حوله يقنع الناس بها أنه المظلوم المطحون الذي من المؤكد أنه لن يقوم بتقطيع نفسه قطعا ليوفي كل ما عليه من متطلبات
و أن زوجته يجب أن تقوم بأمر البيت و مسئولية الأبناء كاملة و يكفي أنه يقوم بإطعامهم و كسوتهم و الإتيان بالأموال ليرفهون عن أنفسهم
إخوتي هذا الأمر يؤرقني كثيرا لأن ما يحدث سيتسبب في ضياع الجيل بالكامل و لن يكون لدينا أمل في إصلاح أوضاعنا إلى يوم القيامة
لدي من النماذج الكثير من حولي و كلها للأسف واقع نعيشه فعلا و لكنني ذكرت مثالين فقط منهم لعدم الإطالة
فيا أيها الزوج يجب أن تفيق و تراجع نفسك جيدا
فما تخدع به نفسك و من حولك من حجج واهية لن تستطيع أن تقف بها أمام الله عندما يسألك عن من أضعت
فأفيقوا أيها الزواج و اتركوا أنانيتكم هذه و اتقوا الله في زوجاتكم و أبناءكم
فمن ربى أبناءه تربية صالحة و تعهدهم كأنما يتعهد زرعا لديه
سيحصد في نهاية عمره خيرا كثيرا و حتى بعد مماته ولدا صالحا يدعو له
لا تخدع نفسك فبيتك و أبناءك ليسوا مسئولية زوجتك فقط
فهي مسئوليتك بالدرجة الأولى و عليك أن تراعيها و تقوم بحقها حق القيام
اللهم اهد رجال المسلمين فبهم سينصلح حال الأمة