الفروق الاجتماعية والثقافية لدى أطفال ما
قبل المدرسة
الفروق الاجتماعية والثقافية
يخضع
الأولاد في مرحلة المدرسة لعدد من التأثيرات الاجتماعية والثقافية التي تؤدي دوراً
كبيراً في تحديد أنماط تفكيرهم وسلوكهم سوف نتناول في هذا القسم اللغة وأنماط
التعزيز وأساليب التنشئة على الرغم من أنه لا تتوفر لنا وقائع ذات جذور تجريبية
عميقة وذلك بسبب عمومية العوامل الثقافية والاجتماعية 0
الطبقة الاجتماعية
والفروق في اللغة :
يقوم بين علماء الاجتماع نزاع حول معاني فروق الطبقات
الاجتماعية في اللغة 0 هناك اولا الذين يدعون ان لابناء الطبقة الدنيا مهارات لغوية
مختلفة عن نظيرتها لدى ابناء بقية الطبقات 0 ويعتقد ( برنستين ) ان ابناء الطبقة
الدنيا يتواصلون بمعونة رمزية محددة تنقلها الاشارات غير اللغوية 0 وذلك خلافا
لابناء الطبقتين المتوسطة والعليا الذين يستخدمون رمزية متقدمة تمكن من نقل مضامين
الحواركلها لغوياً 0 ويضيف برنستين أن الفروق اللغوية تؤدي إلى توجهات متباينة تشمل
بقية جوانب الحياة مثل التربية والعمل والعلاقات التبادلية وسواها 0 فاللغة برأيه
تشكل التعامل الاجتماعي وتؤطره 0
توصل الباحثون في الولايات المتحدة الذين
اقتفوا خطوات برنستين في بريطانيا إلى النتائج ذاتها 0 سئلت أمهات الطبقتين الدنيا
والوسطى عدداً من الأسئلة مثل ( دعينا نتصور إن ابنك على وشك دخول المدرسة أول مرة
فكيف تعتقدين أنه يجب عليك إعداده لذلك ؟ ) من الإجابات :
( اذهب أولاً
وأعاين مدرسته وسوف أتحدث عن البناء ثم نرى المدرسة وأخبره بأنه سوف يقابل أطفالاً
جدداً يمكن أن يكونوا أصدقاءه وأنه يمكن أن
يلعب معهم ويعمل 0 وسأوضح له أن
المعلم سيكون صديقاً له وسيساعده ويوجهه في المدرسة وأن عليه أن يطيع المعلم الذي
سيكون كأمه في غيابها ) 0
( حسناً سأخبره أنه ذاهب للمدرسة وأن عليه أن يجلس
ويهتم بالمعلم وأن يكون صبياً طيباً وسأريه كيف يسلك عندما يعطونه الحليب وكيف
يفترض أن يأخذ الماصة وألا يضع شيئاً على الأرض عندما ينتهي ) ( هس 1968 ص96 )
0
واضح أن الأم الثانية التي تتحدر من الطبقة الدنيا تحدثت في إطار الأوامر
العامة في حين أن الأم الأولى المتحدرة من الطبقة الوسطى قد تحدثت في إطار
التعليمات الإيضاحية حول قواعد المدرسة وضرورة إطاعتها 0 وحين سئلت الأمهات أن
يسندن إلى أولادهن بعض المهام مثل فرز الأشياء بحسب لونها مالت أمهات الطبقة
المتوسطة لإعطاء بناتهن إيضاحات كاملة خلافاً لأمهات الطبقة الدنيا اللواتي ملن
للقول بمنتهى البساطة ( ضع هذا هنا أو هذا هناك ) دون أي إيضاح آخر 0
وخلص
الباحث إلى القول :
إن المجال الإدراكي للبيئات الاجتماعية المختلفة يهيىء
لتوجيه السلوك بالأوامر وليس بالالتفات إلى المميزات الفردية لموقف معين وهو مجال
لا تتوسط السلوك فيه أية دلائل لغوية توفر الفرص لاستخدام اللغة كأداة لترميز
الأشياء وتصنيفها وترتيبها أو لتعديل المثيرات الخارجية 0 إضافة إلى ذلك يفتقر
الوسط الادراكي للبيئات الاجتماعية المتخلفة إلى تعليم يربط الحوادث الواحد بالآخر
والحاضر بالمستقبل 0 والحرمان في البيئة الاجتماعية يتجلى أول ما يتجلى بالحرمان من
المعاني وذلك في العلاقات الادراكية المبكرة بين الأم والطفل