رياض العربى
صاحب الموقع
العمل/الترفيه : مدرس رقم العضوية : 1 تاريخ التسجيل : 17/10/2009 عدد المساهمات : 13693
| موضوع: الوقت والحياة - نعمتا الموت و الحياة السبت 21 يناير 2012 - 20:40 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الوقت والحياةودعنا عاما قد انصرم، واستقبلنا عاما قد قدِم، ودعنا عاما ذهبَ بحسناتِه وسيئاتِه، نسينا ما فعلنا فيه، ولكن والله ما فعلنَا علمُها عند ري في كتابٍ لا يضل ربي ولا ينسى، غفلنا عما فعلنا ولكن ما غفلَ اللهُ عنا: (وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)(الكهف: من الآية49). واللهِ ما فاتَ كتابُ اللهِ حسنةً ولا سيئة.
نعم ودعنا عاما منصرما، عامُ ذهبَ كأنَه لمحُ البصر، ولكن هيهاتَ ما ذهبَ من عِلمِ الله، وما ذهبَ من حسابِ الله، وما ذهبَ من إطلاعِ الله.
(قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) (المؤمنون:112)، كم مكثتم! كم تهنئتم! كم أكلتم! كم شربتم!
(قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ* قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ).
وذكرَ اللهُ عز وجل منتَه بالوقتِ والعمرِ على الناس، لكن أين من يتذكرُ العمرَ والوقتَ وهذه المنة، فقال عز من قائل: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ).
أي أولم نمهلكُم! أولم نترككُم، أولم نمدَ لكم فترةً تتذكرون فيها، وتعملون فيها، وتتدبرون فيها! ولكن هيهات.
وذكرَ اللهُ عز وجل قوما فأنكر عليهم، قوما اتخذوا حياتَهم لهوا ولعبا وعبثا وسدى وتفلتا على شرعِ الله، وتعدٍ على حدودِ الله، فقالوا في ساعةِ الندمِ ولات ساعةَ مندم: (قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ ).
وذكرَ عز وجلَ أن الشمسَ والقمرَ بحسبان، فهي لا تسيرُ إلا بوقتٍ وقدرٍ مقدر، وبلحظاتٍ محسوبةٍ عند الله، وفي آجالٍ مضروبة.
فيا من أنهى عامَه أما بحثتَ عن عامِك ماذا فعلتَ فيه! أما فتشت دفاترَك! أما تذكرتَ حسناتِك وسيئاتِك! واللهِ لتوقفنَ غدا عند من لا تخفى عليه خافية: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ).
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)، الحسناتُ ظاهرة، والسيئاتُ شاهرة، لا يخفى على اللهِ شيء، يعلمُ السرَ وأخفى، يقولُ للعبدِ وهو يدنيه ويحاسبُه: فعلتَ يوم كذا وكذا، كذا وكذا، إنه اللهُ الذي يعلمُ السرَ وأخفى.
يا عبادَ الله!
عامُ انصرمَ عبثَ فيه العابثون، وأجادَ فيه المخلصون، أما الصالحونَ فادخروا أجل الحسنات، وأما المبطلونَ فكنزوا أقبحَ السيئات، فسوف يرى كلُ بضاعتَه يوم يبعثرُ ما في الصدور، ويحصلُ ما في الصدور: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ).
كان احفظَ الناسِ لوقتِه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، كان يحفظُ دقائقَه وثوانيَه مع الله، كلُ لحظةٍ تمرُ به عملا صالحا يرفعُه إلى الواحدِ الأحد.
يقول ابنُ القيمِ في كلامٍ ما معناه: كان كلامُه صلى الله عليه وسلم ذكرا لربِه، وفعلُه ذكرا، وحركاتُه، وسكناتُه، وليلُه ونهارُه، وحلُه وترحالُه، وكلَ لحظةٍ في حياتِه ذكرا للهِ الواحدَ الأحد.
بل كان يقولُ كما عند البخاري: نعمتانِ مغبونُ فيهما كثيرُ من الناسِ؛ الصحةُ والفراغ. أي كثيرُ من الناسِ يخسرونَ الصحةَ، ويخسرونَ الفراغَ، في المعاصي، في الشهوات، في المخالفات، في سماعِ الأغنياتِ الماجنات، في المعاصي التي تغضبُ رب الأرضِ والسماوات، في المجلاتِ الخليعات، في المسرحيات، في المسلسلات، في السفر إلى البلادِ التي غِضبَ عليها الله ليعملوا فيها المعاصي التي تتهتكُ بهم في نارِ جهنمَ وبأس المصير.
كان عليه الصلاة والسلام يقول كما عند الترمذي بسندٍ حسن: اغتنم خمساً قبل خمس: شبابَك قبل هرمِك , وحياتَك قبل موتك , وفراغَك قبل شغلك , وصحتَك قبل مرضك , وغنَاك قبل فقرك..
فيا من أذهبَ لياليَه وأيامَه في الهذرِ والمذر، يا من أذهبَ أيامَه في الهذيان، وفي مخالفةِ الواحد الديان، وفي إغضابِ الرحمن، وفي الطغيانِ والعصيان والعدوان، أمامَكَ عامُ جديد، أتي يقولُ لك: يا ابنَ آدم أغتنمني في الحسنات، فوالذي نفسي بيده لأِن ذهبتُ عنكَ لا أعودُ إليك أبدا.
ولذلكَ تواصى الصالحونَ بحفظِ العمر، وبحفظِ الأوقات، فقد كان الربيعُ ابنُ خُثيم يكتبُ كلامَه من الجمعةِ إلى الجمعة، ويحاسبُ نفسَه مساءَ كلِ سبت.... لا إله إلا الله! ليتَه يدري أن من الناسِ من يركبُ في اليومِ الواحدِ خطايا كالجبال، وهو يضحك، ولا يكتبُها ولا يتذكرُها، ولا يدري بها، ولكن علمُها عند ربي في كتابٍ لا يضل ربي ولا ينسى.اللهم إنا نسألُك خشيتَك في الغيبِ والشهادة، وكلمةَ الإخلاصِ في الرضاء والغضب، ونسأُلك القصدَ في الفقرِ والغنى، ونسأُلكَ نعيما لا ينفذ، ونسألُك قرةَ عينٍ لا تنقطِِع، ونسألُكَ الرضاءَ بعد القضاء، ونسألُكَ برد العيشِ بعد الموت، ونسألُك لذةَ النظرِ إلى وجهِك الكريم، والشوقَ إلى لقاءِكَ في غيرِ ضراءَ مضرةٍ ولا فتنةٍ مضلة. اللهم زينا بزينةِ الإيمان، واجعلنا هداةً مهتدين. | |
|