الناخب الحق
نتذكر جميعاً المقولة المنسوبة إلى الشيخ الشعراوى التى استخدمها كل
أعداء الثورة بإفراط وشوهوها ومزقوها وفرغوها من مضمونها عن «الثائر الحق»
واليوم جاء الدور على «الناخب الحق»، والحق أحق أن يتبع، الشعراوى اشترط
حتى يهدأ الثائر أن ترد المظالم وينهدم الفساد فينفتح الطريق إلى بناء
الأمجاد، وبغض النظر عن أن الشعراوى وإن كان يفهم عميقاً فى الدين فإنه لا
يعرف فى الثورات فإن الرجل قد ناله ظلم فادح حين استعان المغرضون بقوله
الشهير ليبقى الفساد، وتغور الأمجاد، وتتراكم المظالم، وتلوح فى الأفق
بوادر انتقام، يدفعها غل قوى الثورة المضادة وحقدها وخوفها على مصالحها
الذاتية، وانتظارها أن تجنى ثمار «الحرب النفسية» التى تم شنها على الثورة
والثوار، التى تدفع كثيرين إلى العمل على مساعدة نظام مبارك كى يستعيد
نفوذه ويحافظ على منافعه التى راكمها على حساب مصالح الشعب من خلال انتخاب
رجل ينتمى إليه.
الآن جاء دور «الناخب الحق» كى يعوض الثمار المرة التى نجمت عن
التدليس الذى تم تحت لافتة «الثائر الحق»، فيا أيها الذاهب إلى صناديق
الاقتراع جاء دورك، فضع أحلام مصر كلها نصب عينيك، ولا ترى ما لك بعيدا عن
المصلحة العامة، فمهما تعاظمت ثروتك ونفوذك، فلن تشعر بالراحة وحولك جوعى
وعرايا، قد ينقضون عليك فينهبون مالك ويختطفون ذويك ويهدمون بيتك، ولتضع فى
حسبانك أن هناك من مات فى سبيل أن تذهب أنت اليوم لتدلى بصوتك فى حرية،
وأن هؤلاء كانوا يضحون من أجل «مصر جديدة» فلا تنحز لمن سيعيدها إلى الوراء
أو يجمدها مكانها محلك سر، مترهلة مريضة كسيحة متوحشة عميلة، بفعل ما سلكه
أولو الأمر الذين ثار الناس عليهم وخلعوهم وحاكموهم.
أيها الناخب الحق، لا تبع صوتك لمن يعطيك رشوة، ففضلاً عن أنها
حرام، فإن من يعطيك بضعة جنيهات أيام الانتخابات يسرق منك حقك فى المال
العام، وهو أضعاف مضاعفة. ولا تمِل لمن يبتزك باسم الدين، فلا يوجد من يملك
صكوك الغفران والحرمان، وقد تكون أنت عند الله أتقى ممن يزعم أنك سترضى
ربك حين تمنحه صوتك، ولا تنحز لمن يخيفك ويرهبك بزعم أنك فى خطر وبلدك على
الحافة، فهذه كذبة قصدوا بها أن يسلبوك إمكانية الاختيار السليم، ويخطفوا
منك إرادتك فى لحظة رخيصة، ثم يسحبوك من جديد إلى الظلام، أيها الناخب
الحق، لتحدد من ستختار، بكل تجرد ونزاهة وشعور بالمسئولية حيال أولادك
وأحفادك، قبل أن تغادر بيتك، ولا تلتفت للصيادين الذين يقفون أمام اللجان
ليخدعوك ويسرقوا منك صوتك فى غفلة منك، ولا تغرنك كثرة ولا زهو، ولتعلم أن
اليوم لك، فإن أسأت الاختيار فستكون الأيام المقبلة كلها عليك، ولن ينفعك
الندم أبداً
بقلم : عمار على حسن - جريدة الوطن