السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نستكمل سوياً ما توقفنا عنه في الموضوع السابق وعن حقيقة الرجل الذي يخاف الرسل إغضابه وما سبب هذا الغضب وماذا يحدث إذا ما غضب هذا الرجل ؟
الكثير الكثير من الأسئلة تدور في أزهان من يهتم بذلك الموضوع ولكن قبل أن أخبركم من هو الرجل الذي يخاف الأنبياء والرسل من إغضابه رغم علمهم التام بأنه كافر كان لابد أن نستكمل ما توقفنا عنده في الموضوع السابق لنربط الأحداث ببعضها البعض وأرجوا الانتباه جيداً في كل موضوع وقراءة الموضوعات بالتسلسل إن كان الأمر ينال اهتمامكم حتى تعرفوا كل ما سنتوقف عنده ومن أين جئنا بما نقول بطرحه في موضوعات على التوالي وفي محاولة مني لسرد الأحداث بالتدرج وربط الأحداث واحداً تلو الآخر.. فأرجوا من إخواني سواء الزوار أو الأعضاء المشاركين المتابعة للأحداث حتى نصل إلى حقيقة ما يحدث ويدور من حولنا وكيف أن هناك خطة قد حيكت في منتهى الدقة وهي أيضاً عبارة عن أحداث متتابعة .. نرجوا الله أن يخلصنا مما هو قائم فلا منجا ولا ملجأ لنا مما هو آت إلا برحمة من الله عز وجل
والآن لنتحدث عن ذلك الرجل الذي توقف حديثنا في الموضوع السابق عنه آلا وهو:
( السامري )
من هو السامري ؟
ماهي قصته مع موسى النبي ؟
لماذا تركه النبي موسى دون عقوبة؟ الموت مثلا ؟
لماذا أمدّ الله بعمره وكتب له بالحياة ؟
ذلك هو من سوف نرد عليه في مقال اليوم بإذن الله تعالى ونحاول ربط الخيوط بعضها بالبعض الآخر
السامريّ
كان من قوم يتوارثون ويعبدون ويقدسون الحيوانات البقر والماعز وغيرها واسمه موسى وينسب إلى بلاد (سامرة) أو السومريين وكان لهذا الحب أثراً في نفسه بعد اظهاره الايمان وكان قد عرف جبريل لأن أمه حين خافت عليه من الذبح في السنة التي أمر فرعون بذبح جميع الرضع الأولاد وابقاء البنات من بني إسرائيل خلفته في غار جبلي و تركته و وكلت أمره إلى الله واطبقت عليه باب المغارة فكان حبريل عليه السلام بأمر الله يأتيه كل يوم فيغذيه بأصبعه اللبن حتى كبرّ وعاش في مصر فلما رآه حين عبر البحر عرفه فقبض قبضه من أثر فرسه.
لذلك قال الشاعر:
إذا المرء لم يخلق سعيدا * تحيرت عقول مربيه وخاب المؤل
فموسى الذي رباه جبريل كافر * وموسى الذي رباه فرعون مرسل
وهو رجل من بني إسرائيل، وهو ابن خالة النبيّ موسى عليه السّلام وتلميذه ومن المقربين إليه ومن كبار الأحبار والكهنة، إلاّ أنّ قُربه من موسى عليه السّلام لم يعمّق الإيمان في نفسه، فبقي مُذَبذباً يترصّد الفُرص لحرف قومه وإضلالهم، ويتشوق لطلب الرئاسة والزعامة لنفسه.
كان فيه صفات الدجل والمكر والخبث والدهاء والنفاق والتظاهر بالايمان لكنّ قلبه لم يكن فيه شيء من الايمان بالله جل وعلا، صادف أنه شاهد أي السامريّ جبرئيل عليه السّلام يوم غرق فرعون وهو يهبط على فرس فيقطع البحر أمام موسى وقومه بأمر الله تعالى ليُنجي بني إسرائيل ويدلهم على الطريق وكذا يُغرق فرعون وجنوده
وعندما انطلق سيدنا موسى وقومه إلى صحراء سينا متوجهين إلى جهة فلسطين, في طريقهم رأوا قوما يعبدون البهائم والدواب وعجلا يُعبد ويسجد له من دون الله قالوا: يا موسى اجعل لنا اله مثلهم!
قال: انكم قوم تجهلون، للتو أنجاكم الله عز وجل من فرعون وهامان والآن تطلبون بإله غيره.
فقد أنذرهم ونبههم عليه السلام من عبادة غير الله جل وعلا والانقياد لغيره.
فانطلق حتى جاء يوم الميعاد الذي وعد الله فيه موسى بأن يكلمه، وأن يعلمه، وينزل عليه الألواح وهي الشريعة والأوامر الإلهية ، وموسى عليه السلام قبل أن يترك بني إسرائيل في تلك الأرض ليكلم ربه عز وجل ، نصب عليهم النبي هارون عليه السلام أخاه النبي و وصيه وخليفته فيهم على قومه فهو أكبر منه سنا وأفصح منه لسانا ثم ذهب لينقطع إلى الله ويكلمه جل وعلا, ثلاثين يوما يتعبد بإنتظار الألواح الإلهية ثم أخرّها الله عشرة أيام لحكمة منه وأكملها وأتمها حتى صارت أربعين يوما وليلة ..وبينما هارون جالس مع قومه وبجانبه بنو إسرائيل وكان فيهم السامري وقد سبق وأن تحدثنا عمن هو السامري ونسبه وصلته بموسى عليه السلام
صادف أنه شاهد أي السامريّ جبرئيل عليه السّلام يوم غرق فرعون وهو يهبط على فرس فيقطع البحر أمام موسى وقومه بأمر الله تعالى ليُنجي بني إسرائيل ويدلهم على الطريق وكذا يُغرق فرعون وجنوده، فتتبع أثر الفرس الملاك وقبض قبضة من تراب من أثر قدم فرس جبرئيل الرسول عليه السّلام، ولما خرجوا من مصر عَلِم أنّ لها أثراً معجزاً عجيباً، ثمّ ترصّد و تربص الفرصة، حتّى غاب موسى عليه السّلام عن قومه حين ذهب إلى جبل الطور لميقات ربّه، فانتهز الفرصة السانحة، جاءهم السامري فقال:أين الذهب؟
قال: أريد أن أخلصكم منه، فجمع الحليّ الذهبيّة التي كان بنو إسرائيل قد استعاروها من القبط فبقيت لديهم بعدَ غرق الأقباط قوم فرعون، وصهرها مع بعض فصنع منها عِجلاً ذهبيّاً، رمز السلطة والعبودية والطاعة العمياء، ثمّ قذف التراب الإعجازي في فم العجل وأصبح يصدر منه خُوار و ألحان عجيبة.
فأرجف السامري بأنّ موسى عليه السّلام قد مات في جبل الطور، فإنّه لم يرجع إلى قومه على رأس الثلاثين يوماً كما وعدهم، ودعاهم لعبادة ذلك العجل الذهبيّ والسجود له، فسجدوا إلاّ قليلاً!
قال: اتعلمون ما هذا؟
قالوا: لا
قال : {إنَهُ إِلَهُكُمْ وإلَهُ مُوسَى فَنَسِي}
قال: ألم يذهب ليكلم ربه ؟
قال: هلك في أي واد سلك و نسي إن الاله الذي يعبده موجود هنا!
قال هارون: اتقو الله، ماذا تفعلون؟ بالأمس دعاكم موسى لعبادة الله واليوم تعبدون عجلا!
فأخذوا يطوفون حول هذا العجل, ويعبدونه من دون الله جل وعلا.
قال هارون:ان ربكم الرحمن! فاتبعوني واطيعوا امري!
فاجتعموا حوله وهددوا بقتله وطرده وكادو ان يقتلوه ..
قالوا: اذهب يا هارون وابحث عن اخيك موسى ، فانا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع الينا موسى.
فنتظر اخاه حتى رجع، فقال الله عز وجل لموسى:انا فتنا قومك من بعدك والسامري أضلهم، فغضبه لله جعله يسرع في العودة, فرجع إلى قومه غضبان اسفا مما رأى.
ولمّا عاد موسى ومعه ألواح التوراة وشاهد ضلال قومه، واتّضح له أنّ السامري هو الذي أشعل أوار الفتنة، طرده ودعا عليه، فمُنع الناس من مخالطته ومحادثته كليّاً، وصار إذا مسّه أحدهم صدفة حُمّ الماسّ والممسوس ، ثمّ حرّق موسى عليه السّلام العجل الذهبي وذرّ رماده في البحر!
قال: {يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرّدْتُمْ اَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبُّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي}
قالوا: لم نخلف موعدك بملكنا فأوتينا أوزارا من القوم فأخذها السامري فجعل لنا العجل ، وكذلك ألقا، فعرف موسى أن الذي أضلهم هو "السامري" و تسويلاته الشيطانية, فذهب موسى وهو غضبان إلى اخيه هارون وجره من ثيابه و رأسه ولحيته وكان بيده ألواح التوراة، وكان فيها كلمات الله وهدى ورحمة، لقوم يؤمنون، فرمى الالواح غضبا له جل وعلا على الارض فانكسرت وق قال : يا هارون! ألم أُأَمرك عليهم ؟! و تتولى أمورهم ؟! ألم أقل لك ان تهديهم ؟! لماذا ترتكتهم في ضلالهم يعمهون؟َ!
قال: با ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي، إنهم هددوني، وكادوا ان يقتلوني، وإني خشيت أن تقول قد فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي، فلا تشمت بي الأعداء ,ثم تركه موسى , وذهب إلى السامري.
فقال له موسى: قال فما خَطبُكَ يا سامريّ * قال بَصُرتُ بما لم يَبصُرُوا به فقَبَضْتُ قَبضةً من أَثَرِ الرَّسولِ فنَبَذْتُها وكذلكَ سَوَّلَتْ لي نفسي .
يتبع <<<<<<