في موقف الحشر حين يقوم الناس لرب العالمين يواجه الإنسان حسابه على ما قدم من عمل في دنياه ، حيث تعرض
أعماله على الميزان ، وقد سجلت في صحف يقرؤها كل إنسان بنفسه قبل أن يجوز الصراط ، ففي موقف الحشر
وقت الحساب تعرض للإنسان ثلاثة أمور وعليه أن يجتازها بنجاح .
1- الميزان : حيث ينادى المنادى على رءوس الأشهاد هذا حساب فلان ابن فلان ، من كان له حق فليأت إلى حقه ، ثم
يقال له : آت هؤلاء حقوقهم فإن بقى له مثقال ذرة من الحسنات يقول الله لملائكته : ضعّفوها لعبدي وأدخلوه الجنة
بفضلى ورحمتي " إن الله لا يظلم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيما " . أما الشقي فإن
حسناته تفنى ثم تتراكم عليه السيئات ، فيقول الله لملائكته : صكّوا له صكاً إلى النار لأنه جاء يوم القيامة مفلسا .
وعن جابر بن عبد الله قال : يوضع الميزان يوم القيامة فتوزن الحسنات والسيئات ، فمن رجحت حسناته دخل الجنة ،
ومن رجحت سيئاته دخل النار ، ومن استوت حسناته وسيئاته فأولئك أصحاب الأعراف لم يدخلوها وهم يطمعون .
2- الصحف : حيث تتطاير الكتب كتطاير الثلج " ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشورا " ، وينادى المنادى من
قبل الرحمن : يا فلان خذ كتابك بيمينك ، يا فلان خذ كتابك بشمالك ، يا فلان خذ كتابك من وراء ظهرك .
فالأتقياء يأخذون كتبهم بأيمانهم وهم فرحون " هاؤم اقرأوا كتابيه ، إني ظننت أنى ملاق حسابيه ،فهو في عيشة
راضية في جنة عالية " .
والأشقياء يأخذون كتبهم بشمائلهم وكلا منهم يقول : " ليتنى لم أوت كتابيه ، ولم أدر ما حسابيه ، يا ليتها كانت
القاضية ، ما أغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه " .
والكفار يأخذون كتبهم من وراء ظهورهم وكلا منهم يقال له " فسوف يدعو ثبورا ، ويصلى سعيرا ، إنه كان في
أهله مسرورا ، إنه ظنّ أن لن يحور ، بلا إن ربه كان به بصيرا " .
وقد سجلت في صحف الأعمال الحسنات والسيئات ، فإذا أنكر الإنسان شيئا من عمله شهدت عليه جوارحه ، وربما
عمل حسنات ولم يجدها في صحيفته فيقال له : ذهبت بما اغتبت الناس فضاعت حسناتك .
3- الصراط : وهو أحد من السيف ، عن يمينه الجنة وعن شماله النار ، والمرور عليه يتم حسب درجة الأيمان
والعمل الصالح ، والمؤمنون يمرون عليه درجات :
1- كالبرق الخاطف 2- كالريح 3- كسرعة الطير 4- الماشي 5- الزاحف
6- الحبو 7- ونهم من ينزلق فيسقط في النار ، ورسول الله قائم على يمين الصراط يقول يا رب سلم ، والأمانة
وصلة الرحم على الجانب الآخر يساندان الإنسان ، ولن يجوز أحد الصراط حتى يسأل في سبع قناطر : 1- الأيمان بالله 2- الصلاة
3- الصيام 4- الزكاة 5- الحج 6- الغسل والوضوء 7- مظالم الناس . وليس في القناطر أصعب منها .
عباد الله إن كل إنسان يتحمل مسئولية عمله يوم الحشر ، فقد روى الحسن أن رسول الله (ص) كانت رأسه في حجر
عائشة فنعس ، فذكرت عائشة الآخرة فبكت وسال دمعها ، فسألها رسول الله (ص) ما يبكيك يا عائشة ؟ فقالت
ذكرت الآخرة فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة ؟ فقال (ص) والذى نفسي بيده إلا في مواطن ثلاثة:1- عند الكتب
ليرى ابن آدم هل يأخذ كتابه بيمينه أو بشماله 2- عند الصراط ليرى ابن آدم هل يجوز الصراط إلى الجنة أم يسقط
في النار 3- عند الميزان ليرى ابن آدم هل يخف ميزانه أم يثقل .
إن مكان رسول الله في الحشر متميز ، يشفع لمن أتبع سنته ، فقد روى الترمذي عن أنس قال : سألت رسول الله
(ص) أن يشفع لي فقال : إني فاعل إن شاء الله قلت فأين أطلبك ؟ قال أول ما تطلبني عند الصراط ، فإن لم تجدني
فاطلبني عند الميزان ، فإن لم تجدني فاطلبني عند الحوض فإني لا أخطئ هذه المواطن الثلاثة .