لا شيء أقسى على الوالدين من أن يرزقا بطفل معاق أو طفلة معاقة، فمجيء طفل معاق إلى الأسرة، خصوصاً إذا كانت الإعاقة ظاهرة في الشهور الأولى، فإنها تعني فشل مشروع اسري، وانهيار حلم ظل يراود الأبوين لعدة شهور، وهو أن يرزقا طفلا سليما، فوجود هذه الحالة في البيت – أياً كان نوع الإعاقة – يؤثر في كل فرد من أفراد الأسرة وفي حياتها، خاصة الأم في ظل غياب أي شكل من أشكال المساعدة المعنوية والمادية، في أغلب البلدان العربية.
تغطي سحب الحزن والألم الوالدين اللذين يرزقان بطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن كثيراً من أولئك الذين تلفهم وشائج الإيمان، وتحميهم الإرادة القوية، لا يهزمهم هذا الحزن، بل يدفعهم الأمل والقوة لتحقيق أعلى الأهداف، ولهم وسائلهم الخاصة، ومعرفتهم وخبرتهم الجيدة
إدماج الطفل المعاق في الحياة يبدأ من داخل الأسرة — وبإدماج الأم أولاً، و للوالدين دوراً كبيراً في تنمية وتعديل سلوك الأبناء ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا الدور يتطلب من الوالدين معرفة جميع المعلومات المتوفرة عن إعاقة ابنهم وسبل العلاج والتكيف والتعامل مع الحياة، التعامل مع الأخوة في المنزل ومع الأطفال الآخرين والأصدقاء، والتعاون مع الطرف الأهم سواء كانت المدرسة أو الأخصائي المعالج.
[color=black]الأم —- حاملة الأسية[/color]
أن الأم تتحمل العبء الأكبر في تربية الطفل المعاق، لكونها أما في المقام الأول، ولأنه يتكون لديها شعور باطني بأنها لم تستطع إن تمنح هذا لطفل الذي حملته بين أحشائها حياة طبيعية، وهذا الشعور يسبب لها إحساسا بالذنب لا يفارقها، هذا الشعور بالذنب كثيرا ما يتسبب في نشوء علاقة مضطربة وغير طبيعية بين الأم وطفلها، تنعكس بشكل سلبي على نمو الطفل المعاق وتجاوبه مع العلاج وقدرته على الاندماج في المجتمع، بالرغم من مظاهر الرعاية التي تبذلها الأم على المستوى العملي، إلا أنها تبقى غير كافية أو مجدية، إذا لم تتخلص من ذلك الشعور النفسي، فوجود تلك المسافة أو الهوة النفسية بين الطفل المثالي الموجود في خيال الأم وطفلها المعاق، يضاعف معاناة الطفل.
صحيح أن الأب قد يشعر بنفس الإحساس لكن بدرجة اقل، لان علاقته بالطفل الصغير في المجتمعات العربية عموما، تبدأ في مرحلة متأخرة، إي بعدما يكبر الطفل، الأمر الذي يترك الأم وحدها في مواجهة مسؤولية طفلها المعاق.
ولتدارك هذا الخطأ المتكرر الحدوث في مجتمعنا، فإن العلاج الحقيقي يبدأ بالاهتمام والعناية بالأسرة ككل وليس الطفل ذي الاحتياجات الخاصة كحالة فردية، وبالتحديد على مساعدة الأم على تجاوز حالة الاكتئاب والإحباط التي تعاني منها نتيجة شعورها بالذنب
ما هي الحاجات الأساسية التي على الوالدين معرفتها ؟
والدي الأطفال ذوي الاحتياجات لخاصة لديهم أمور أساسية لابد لهم من معرفتها من أجل مساعدة أفضل لأطفالهم وهي:
o ما هي طبيعة مشكلة طفلي؟
إن الوالدين بحاجة إلى تفسير واضح وكامل للمشكلة التي يعاني منها طفلهم، وهما ليسا بحاجة إلى تشخيص عام فحسب، ولكنهما بحاجة إلى أن يعرفا أوضاع الأطفال الذين يعانون من المشكلة ذاتها والخدمات التي تقدم لهم وفاعليتها.
o ما هو سبب مشكلة طفلي ؟
يولي والدا الطفل ذي الاحتياجات الخاصة أسباب الإعاقة اهتماماً كبيراً.. أنهما بحاجة إلى أن يعرفا إذا كانت الإعاقة تعود إلى عوامل تتصل يهما أو بعوامل جينية أو بيئية محددة.
o ما هي الخدمات التشخيصية المتوفرة ؟
يبدي الوالدان أيضاً قدراً كبيراً من الاهتمام بتشخيص إعاقة الطفل، وبالجهات أو الأشخاص الذين يقومون بعملية التشخيص، وبالأساليب والأدوات التي يستخدمونها، وبالتكلفة المالية لذلك كله.
o ماذا أتوقع من طفلي ؟
إن الوالدين لا يهتمان بالوضع الحالي للطفل فقط، ولكنهما يودان معرفة ما يخبؤه المستقبل فيما يتعلق بنمو الطفل — معرفياً وحركياً وانفعالياً واجتماعياً، وبالأمور الدراسية والنمو المهني.
o ما هو البرنامج التربوي الأفضل لطفلي ؟
يحرص الوالدان على أن يحصل طفلهم ذو الاحتياجات الخاصة على الخدمات التربوية والعلاجية المناسبة.. أنهما بحاجة إلى أن يعرفا ماذا سيتعلم طفلهم، ومن الذي سيعلمه، وما هي الأساليب والأدوات التي سيتم استخدامها؟
o كيف أستطيع مساعدة طفلي ؟
إن الوالدين أيضاً بحاجة إلى أن يتعرفا ويتعلما الأدوار التي عليهما القيام بها في البيت لمساعدة المدرسة على تحقيق الأهداف المنشودة.
o كيف ستؤثر مشكلة طفلي على العلاقات الشخصية ؟
كذلك فإن الوالدين بحاجة إلى الحصول على معلومات مفيدة فيما يتصل بعلاقتهما بطفلهما ذي الاحتياجات الخاصة وعلاقته هو بالآخرين، أنهما بحاجة إلى أن يعرفا سبل التغلب على المشكلات الاجتماعية والنفسية التي قد تحدث
هي أهمية تدريب الوالدين ؟
إن تدريب الوالدين يعود بفوائد جمة على الطفل ذي الاحتياجات الخاصة، وهو أيضاً يعود بفوائد كثيرة على الوالدين والمدرسة، فمن الممكن أن يتعلم الوالدان مبادئ وأساليب تعديل سللها.أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وبمقدورهم إحداث تغيرات ذات أهمية في سلوك طفلهما.
وإذا كانت المدرسة توظف أساليب معينة لضبط سلوك الطفل وتعديله، وكانت الأسرة تستخدم أساليب أخرى مناقضة، فالطفل لن يعرف قواعد السلوك الشخصي والاجتماعي المناسب وقد لا يمتثل لها .. فمن المعروف أن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة قد لا ينقلون ما يتعلمونه من مهارات في المدرسة إلى البيت ما لم يكن هناك تواصل فعال بين المعلمين والآباء، وما لم تتوفر فرصة ممارسة السلوك المكتسب وتدعيمه خارج المدرسة.
كيف أستطيع المحافظة على علاقة إيجابية مع الفريق العلاجي؟
على الوالدين الإدراك بأنهم جزء رئيسي مكمل للفريق العلاجي، فأنت تعرف طفلك أكثر من أي شخص آخر، لذلك لا تتردد في طرح الأسئلة، وما لم تخبر أخصائي الرعاية الصحية بكل ما يقلقك وما تحتاجه من معلومات فلن يعرفوا بذلك أبداً، لك عليك أن تطلب تزويدك بمعلومات خطية ما أمكن ذلك حتى يمكنك مراجعة هذه المعلومات في المنزل، ومن الضروري أن تطلع فريق الرعاية الصحية بشكل مستمر على التغيرات التي تطرأ على صحة طفلك أو على حياتك الأسرية والتي تعتقد أنها من الممكن أن تؤثر على الرعاية الصحية لطفلك.
كيف يمكن لطفلي أن يتناول الدواء في المدرسة؟
تختلف كل منطقة تعليمية عن الأخرى في سياسة توزيع الدواء، لذلك عليك بالتأكد من فهمك لهذه السياسات قبل تسجيل طفلك في مدرسة معينة، وعلى الطبيب الذي يتولى علاج طفلك إرسال تقرير خطي للمدرسة يوضح فيها الأدوية التي يحتاجها الطفل أثناء الدوام المدرسي، كذلك يمكن الاستعانة بالممرضة المتواجدة في المدرسة – أن وجدت – لإعطاء الطفل دواء، وفي بعض الأحيان يبدي بعض المدرسون استعداداً لإعطاء الطفل دواءه شرط أن يتلقوا إذناً خطياً من والدي الطفل.
هل يستطيع طفلي المشاركة في الأنشطة الرياضية بالمدرسة؟
تتوفر في كثير من المدارس أنواع مختلفة من دروس التربية البد نية، ومن ضمن هذه الدروس ما يعرف بدروس التربية البد نية التكيفية، والتي تقدمها بعض المدارس حيث يستمتع الأطفال الذين يعانون من عجز جسدي أو من علة صحية أخرى ببعض التدريبات المناسبة، ومن الضروري بمكان أن يكون جميع مدرسي الطفل على معرفة تامة بأي عجز جسدي يعاني منه طفلك، كما عليهم أن يعرفوا ما إذا كان بإمكانه المشاركة الفعلية في الأنشطة المدرسية.
إذا كان الطفل لا يستطيع المشاركة في الألعاب الرياضية التي تحتاج قوة ومجهوداً بدنياً كبيراً، فبإمكانه أن يشارك في الألعاب الخفيفة عن طريق تعيينه مسجلاً للأهداف أو مديراً للفريق.
كيف يمكن للأسرة أن تتعامل مع طفلها المعاق حتى تتغلب على بعض الصعوبات ؟
o ضرورة أن تتعامل الأسرة، خصوصا الأم، مع هذا الطفل بواقعية لا باعتباره ذاك الطفل الذي كانت تحلم به.
o عدم عزله في المنزل، من باب حمايته من قسوة العالم الخارجي، بل مساعدته على الاندماج في المجالات الطبيعية للحياة.
o مساهمة الأب في تحمل المسؤولية لمساعدة الأم وتخفيف العبء عنها.
o عدم المبالغة في إشراك الأبناء الآخرين في تحمل مسؤولية الأخ المعاق والاعتناء به، حتى لا يؤثر ذلك سلبا في حالتهم النفسية وفي علاقتهم به.
إلى أي حد يجب أن أطلع طفلي على حقيقة مرضه أو إعاقته؟
إن من حق طفلك أن يعرف طبيعة المشكلة الصحية التي يعاني منها وذلك بعبارات واضحة ومفهومة، فبالنسبة للأطفال الصغار يجب أن يكون التفسير المقدم بسيطاً دون الخوض في التفاصيل، ولكن مع الأطفال الأكبر سناً فقد يرغبون في معرفة كل شيء يتعلق بحالتهم الصحية، ومن غير اللائق أبداً إعطاء أي طفل معلومات خاطئة، وهذه المعلومات يجب أن لا تضع أي لوم على الطفل أو على أي شخص آخر.
يستطيع الوالدين معرفة الكثير من المعلومات التي يعرفها الطفل حول مرضه وذلك عن طريق توجيه بعض الأسئلة إليه من مثل:
o إن المرض شيء مؤلم وقاس على النفس فعلاً، في اعتقادك لماذا أنت مريض؟
o أخبرنا الطبيب بأنك مريض بداء البول السكري — هل تعرف ما هو هذا المرض؟
وبهذه الطريقة نستطيع أن نعرف حجم المعلومات التي يعرفها الطفل عن حالته الصحية، وبم يشعر تجاه هذه الحالة، وبعض الأطفال قد يجيبون كالآتي:
o أصبحت مريضاً لأنني لم أرتد سترتي
o إن الله يعاقبني لأنني كذبت
وكثيراً ما يخلط الأطفال بين أشياء من الواقع وأوهام وخيالات الطفولة، وفي هذه الحالة تقع على عاتق الوالدين مسؤولية تصحيح بعض هذه الأفكار المشوشة والمفزعة، وحريّ بالوالدين أن لا يقصر الأمر على مجرد إعطاء تفسير صادق وصريح لحالة الطفل الصحية، بل يجب أن تكون هناك جلسة نقاش تبين فيها جوانب القوة، والصفات الإيجابية لدى الطفل بحيث تجعله يستخلص الجوانب الإيجابية والمشرقة للحالة التي يعاني منها، ومن الأهمية بمكان أن يعرف الطفل أن جميع الأشخاص لديهم جوانب قوة وجوانب ضعف، وقد يشعر طفلك بالعجز بسبب حالته الصحية، ولكن يجب تشجيعه دوماً لكي يدرك جوانب القوة التي يتميز بها ويتحدث عنها وعن جوانب الضعف على حد سواء.
كيف أستطيع تعديل السلوك طفلي ذي الاحتياجات الخاصة ؟
دائماً ما يصاب الأطفال بالإحباط وخيبة الأمل عندما لا يجدون أمامهم ضوابط معينة للتحرك، فالحرية الزائدة عن الحد تجعل الطفل يشعر بالخوف وعدم الأمان، كما أن الهدف من التقويم- تعديل السلوك- هو مساعدة الطفل على كيفية التحكم بتصرفاته وسلوكياته، لذلك فإن وضع القيود والضوابط وتطبيقها بحزم وحب في آن واحد من شأنه منح الأمان وإعادة الطمأنينة لأي طفل، ولا يختلف هذا الأمر عند الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أو غيرهم من الأطفال الأصحاء.
فمن السهل إرجاع بعض السلوكيات المعينة كتقلب المزاج وحدة نوبات الغضب والتهرب من أداء الواجبات المدرسية إلى مرض الطفل أو إعاقته، ولكن يمكن القول أن كثيراً من هذه السلوكيات تعتبر طبيعية بالنسبة للأطفال في سنوات معينة وليست ذات صلة بمشكلاتهم الصحية، وإذا كان الوالدين يشعرون بالقلق تجاه هذه السلوكيات، يمكنهم التحدث إلى مدرس الطفل أو إلى الطاقم الصحي العلاجي، كما يجب عليك إبلاغ المحيطين بطفلك في العائلة أو في المدرسة أو حتى في المستشفى بضرورة إتباع سياسة ثابتة في تقويم الطفل، حتى تكون توقعاتهم بالنسبة لسلوكه مماثلة لتوقعاتك، وعندما تقوم بتعديل سلوك طفلك، ساعده لكي يعبر عن مشاعره الخاصة، وأخبره أن التعبير عن المشاعر والأحاسيس أمر مقبول دائماً ولا خلاف عليه، ولكن الخلاف يكمن في تصرفات معينة لا يمكن قبولها، فعلى سبيل المثال يمكن القول: — أعرف أنك غضبان ولكن لا أستطيع السماح لك بضرب أخيك، كذلك عندما يعاقب الأطفال في بعض الأحيان أو يشعرون بالغضب قد يعتريهم بكاء هستيري، أو قد تعتريهم نوبات غضب حادة، فإذا كنت خائفاً من أن يؤدي هذا البكاء إلى الإضرار بصحة طفلك فعليك التحدث مع طبيبك
الأخوة وأخيهم ذوي الاحتياجات الخاصة؟
إن عدم التواصل داخل نطاق الأسرة حول إعاقة الطفل قد يسهم في الشعور بالوحدة الذي يشعر بها الأخوة العاديين.. فقد يحسُّ الأخوة أن بعض الموضوعات محرمة، وأن المشاعر السلبية يجب دفنها، وذلك يقود إلى شكل من أشكال الوحدة والانفصال عن الأشخاص الذين تربطنا بهم علاقة قوية.. وأسرار الأسرة أو القواعد غير المعلنة التي تحرّم مناقشة الظروف تختلف عما تبدو عليه، وغالباً ما تتخذ القرارات المتعلقة بالإعاقة دون مناقشات مسبقة أو تفسيرات للأخوة الذين قد يتأثرون ببعض الأفعال المحددة
الأطفال يشعرون بالعواطف غير المعلنة بصرف النظر عن الكلمات المستخدمة ولذلك فإن التواصل الصرّيح والمفتوح مهم بالنسبة للأسرة، ويعتقد الباحثون أن الأخوة عموماً يرغبون في معرفة أسباب الإعاقة، ومستوى شدتها، وما ستؤول إليه الأمور في المستقبل، ومن المفيد عموماً لإجابة عن أسئلة الأخوة بأقصى درجة ممكنة من الصدق اعتماداً على عمر الطفل ومستوى استيعابه، ويبدو أن ثمة اتفاقاً على أن الآباء يجب أن يبدؤوا بمناقشة أبنائهم حول الإعاقة لدى أختهم أو أخيهم مبكراً.
المؤثرات في ردود فعل الأخوة نحو أخيهم ذوي الاحتياجات الخاصة؟
الأخوة العاديين يتأثرون باتجاهات آبائهم نحو الطفل المعوق، فالأبناء هم امتداد لآبائهم، ولذلك فقدرتهم على قبول الإعاقة والتعايش مع الصعوبات المرتبطة بها تتأثر إلى حدّ كبير باتجاهات آبائهم، إن الآباء يمثلون نماذج يحتذي بها بالنسبة لأطفالهم، فالآباء الذين لديهم قبول عام لطفلهم يقدمون استجابات واتجاهات تمكّن الأخوة من الاستجابة بطريقة مماثلة للأخت أو الأخ ذي الاحتياجات الخاصة، ومن ناحية أخرى، فالآباء الذين يستجيبون بسلبية وبخجل وبقلق ليسوا قادرين على التأثير إيجابياً على أطفالهم العاديين، ومن العوامل التي تساعد على تشكيل اتجاهات الآباء هو مقدار تدينهم، فبعض البحوث تشير إلى أن بعض الآباء يؤمنون أن الإعاقة نعمة من الله يهبها عباده الصالحين، ومثل هذه المعتقدات الإيجابية تؤثر بالتأكيد على اتجاهات الأخوة.
وفي إحدى الدراسات لإخوان وأخوات الأطفال المتخلفين عقلياً وُجد أن ثمة علاقة موجبة بين المناقشة المفتوحة والمريحة للتخلف العقلي، ومدى قبول الأخوة للإعاقة، وذلك في الأسر التي تنتمي إلى فئات اقتصادية اجتماعية متدنية وعالية، وتبدو درجة التواصل المفتوح حول الإعاقة في الأسرة مقياساً رائعاً لاتجاهات الوالدين، وقد لوحظ أن الأخوة غالباً ما يستجيبون بالدفء والعناية لإخوانهم ذوي الاحتياجات الخاصة، وأنهم أحياناً يتأثرون إيجاباً بخبراتهم، بحيث أنهم يمتهنون مهناً تمكنهم من مساعدة الأطفال والراشدين الذين لديهم الإعاقة التي يعاني منها أخوتهم.
ردود الأفعال المتوقعة من قبل الأطفال تجاه شقيقهم أو شقيقتهم ذي الاحتياجات الخاصة؟
قد يشعر الأشقاء بالذنب لأنهم يعتقدون أنهم تسببوا بطريقة أو بأخرى في حدوث المرض، ومن غير المألوف بالنسبة للأطفال سواء في حالة اللعب أم في الخيال أن يتمنوا الموت أو المرض لأخيهم أو أختهم، ومتى ما حصل ذلك فإن الأطفال يعتقدون أنهم مسئولون عن هذا الأمر، وقد يشعرون بالغضب والاستياء من الاهتمام الخاص الذي يوليه الأب والأم لطفلهم المريض وتكريس جل وقتهم له، كما قد يشعرون بالخوف من إمكانية انتقال المرض أو الإعاقة إليهم، وربما يشعرون أيضاً بواجب الحماية لأخيهم أو أختهم خاصة أمام الأطفال الآخرين، أو بالإحراج من حالة أخيهم أو أختهم المرضية، أو ربما بالفخر تجاه الإنجازات التي يحققها أخيهم أو أختهم، وقد يتملكهم شعور بالأسى والكآبة، أو قد يأتي تعبيرهم عن الإحساس بالقلق والانزعاج في صورة ممارسات سلوكية صاخبة وفوضوية تتحول بالتالي إلى مشكلات فعلية في سوء الأدب وعدم الانضباط، أو ربما يكبتون كل مشاعرهم وانفعالاتهم داخل أنفسهم وقد يبتعدون عن المشاركة في الأنشطة العائلية، أو قد يشعرون بالقلق لأن أحداً لم يشرح لهم حقيقة الوضع كما أنهم قد يخشون من السؤال عن حقيقة ما يجري أمامهم.
كيف أساعد أطفالي الآخرين في التغلب على انفعالاتهم؟
يحتاج الأطفال إلى تفسيرات صادقة وبسيطة عن حالة شقيقهم المرضية، حيث سيدركون بعدها بأن هناك مشكلة تعاني منها الأسرة، وأن الخوف الذي يشعرون به ليس له علاقة بالوضع القائم، وإنما هو نتيجة للمبالغة في الأوهام وسوء الفهم للأمور، كما أن مخاطبة أطفالك بعبارات واضحة وبسيطة قد يساعدهم في فهم حقيقة المرض وحقيقة ما يحدث، وعلى سبيل المثال يمكنك مخاطبتهم كهذه العبارات:
o عندما ولد أخوك لم يحصل على كمية كافية من الهواء مما أدى إلى الأضرار بدماغه حيث سيعاني دوماً من صعوبة في تعلم الأشياء مما يحتم علينا أن نبذل جهداً ووقتاً أكبر في تعليمه.
o إن جسم شقيقتك لا يستخدم الغذاء كما يستخدمه جسمك، وهي تحتاج إلى المساعدة حتى يستطيع جسمها الاستفادة من الغذاء بالصورة المطلوبة لبناء الطاقة، ولهذا السبب فهي تستخدم حقن الأنسولين كما ينبغي عليها الالتزام بنظام غذائي خاص لأنها مصابة بداء ما يسمى البول السكري.
ومن الأهمية بمكان أن يعرف أطفالك أن في وسعهم التعبير عن شعورهم بالحزن والغضب دون أن يفقدوا السيطرة على تلك المشاعر، وعندما تبكي أو تظهر عواطفك نحو أطفالك فإن هذا الأمر يجعلهم يدركون أنه ليس من الخطأ أن يكون لدى الإنسان مشاعر يعبر عنها، كما عليك أن تخبر أطفالك الآخرين بحبك لهم، وأن تخصص لكل واحد منهم وقتاً تقضيه معه على إنفراد، وعليك أن تتأكد من أن هناك وقتاً كافياً لأطفالك يمارسون فيه الأنشطة التي يستمتعون بها كمزاولة الألعاب الرياضية الجماعية والذهاب إلى حفلات أعياد الميلاد وزيارة الأصدقاء.
وعندما تشعر أن أحد أطفالك يتملكه الغضب حاول أن تمتص غضبه بعبارات حانية مثل —- أعلم بأنك غاضب لأننا نقضي وقتاً أطول مع أخيك، إن هذا الوقت عصيب لنا جميعاً، نحن نحبك فعلاً و…. ما أنه من الضروري شرح حالة طفلك الصحية لأصدقاء أطفالك الآخرين وعائلاتهم حيث أن المخاوف التي يبديها الأصدقاء وسوء الفهم الناتج عن عدم الإلمام الكافي بالحالة المرضية قد يسبب قلقاً لأطفالك.
ما الذي يمكن لطفلي أن يقوله لأصدقائه عن حقيقة مرضه؟
يحتاج الأطفال والمراهقون بصورة عامة إلى كلمات صريحة ومحددة ومناسبة لمستوى إدراكهم يلقنها لهم أولياء أمورهم لكي يخاطبوا بها الآخرين عن حقيقة مرضهم أو حالتهم الصحية، وقد يتطلب الأمر من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة إلى التأكيد للأطفال الآخرين بأن مرضهم غير معد، على سبيل المثال فقد يشرح طفل طبيعة مرضه كالتالي:
o مرض الشلل الدماغي: — لا أستطيع التحكم في تحريك عضلاتي بالصورة التي أريدها لأن عضلاتي لا تتلقى الإشارات الصحيحة التي يرسلها الدماغ للقيام بذلك– إنني أستخدم مقابض معدنية كي تساعدني على التحكم في حركة رجلي — بعض الأطفال يضعون جسراً معدنياً على أسنانهم لكنني أضعه على رجلي.
o نوبات الصرع —: ي دماغك إشارات إلى ذراعيك ورجليك كي تتحرك بصورة سليمة— بعض الأحيان يتلقى دماغي الإشارة بشكل خاطئ، ما يؤدي إلى ارتعاش ذراعي ورجلي وجسمي كله — فعندما يحدث هذا الأمر اتركني وحدي — سأكون على ما يرام بعد لحظات — وفي معظم الأوقات يعمل الدواء الذي أتناوله على منع حدوث الرعشة.
o مرض البول السكري —- وهذا يعني أن جسمي لا يستخدم السكر بنفس الطريقة التي يستخدمها جسمك — ولهذا السبب أقوم بأخذ الحقن الخاصة بهذا المرض إلى جانب الالتزام بنظام غذائي خاص.
o مرض الربو: — أعاني من مرض الربو، وهذا يعني حدوث متاعب في رئتي بين آونة وأخرى وعندما أتعرض للإثارة أو عندما يكون الجو قذراً ومحملاً بالأتربة والغبار أعاني من صعوبة في التنفس وأبدا بالعطس — وطالما أتناول الدواء فإني عادة ما أكون على ما يرام.
o المعالجة بالمواد الكيميائية- الأورام: — كنت مريضاً فعلاً ودخلت المستشفى وقد أدى الدواء الذي أتعاطاه لعلاج السرطان إلى سقوط شعري، ولكن سوف ينمو مرة أخرى.
o التليف الرئوي الكييسي: —- إن في رئتي أشياء تجعلني أسعل كثيراً وعندما أخرجها بالسعال أستطيع التنفس جيداً، كما أن لدي متاعب في المعدة ولكني أتناول أقراصاً تساعدني على هضم الطعام.
o مرض الهيموفيليا – النزف الدموي: — يجب أن أكون حريصاً لأنني أعاني من مرض الهيموفيليا — أنت تعرف ماذا يحدث عندما تجرح في مكان ما من جسدك، فالدم ينزف لفترة قصيرة ثم يتوقف– ولكن بالنسبة لي فإن الدم لا يتوقف إلا بعد مدة طويلة أكون خلالها قد نزفت كثيراً، وفقدان كمية كبيرة من الدم يعد أمراً خطيراً، لذا يجب على أن أكون حريصاً حتى لا أتسبب في الإضرار بصحتي.
كيف أساعد طفلي على التصرف إزاء ردود أفعال الأطفال الآخرين؟
قد يبدي بعض الأطفال الشفقة والاهتمام الشديد تجاه الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن قد يعاملونهم آخرين بفظاظة أحيانا، وغالباً ما يكون الفضول الطبيعي أو نقص الفهم أو الخوف من الأسباب التي تدفع الأطفال إلى التلفظ بكلمات أو القيام بأفعال فيها شيء من القسوة، فقط عليك كولي أمراً أن تتذكر بأن كل الأطفال يتعرضون للمضايقة أحياناً وليس فقط الأطفال الذي يعانون من مشاكل صحية.
إن قيامك كولي أمر بشرح طبيعة مرض طفلك أو مساعدتك لطفلك في شرح طبيعة مرضه لمدرسيه ولزملائه في الفصل ولأصدقائه ولآبائهم قد يساعد في تجنب التلفظ بعبارات جارحة أو القيام بتصرفات غير لائقة من قبل بقية الأطفال، وقد تعينك روح الدعابة كثيراً وتعين طفلك على معالجة بعض الظروف الصعبة التي قد يمر بها.
وعلى الوالدين أن يضعوا في الأطفال إمكانية تعرض طفلهم للمضايقة من بقية زملائه، ولمعالجة مثل هذا الأمر ينبغي عليك مساعدة طفلك في التدريب على ما سيقوله للرد على تلك المضايقات، وإحدى الطرق التي يمكن بها إشعار طفلك بأنه قادر على السيطرة على انفعالاته والتصرف بحكمة في مثل هذه المواقف، هي أن تخصص لطفلك وقتاً تقضيه معه ليتحدث فيه عن مشاعره وأحاسيسه، كما تستطيع إبداء تفهمك لمشاعر طفلك عندما يتعرف للمضايقة عن طريق مخاطبته ببعض العبارات المواسية مثل: — أعلم أن هذا الأمر يؤلم عندما… أو — لا بد أن هذا الأمر يجعلك تشعر بالغضب عندما….
ما هي الوسائل المناسبة لتوطيد أواصر الصداقة بين طفلي وأصدقائه؟
قم باستضافة الأطفال ووالديهم في منزلك لقضاء بعض الوقت في اللعب واللهو. ويمكنك استغلال هذه الفرصة لمعرفة ما يشعرون به من مخاوف ومن ثم العمل على تبديد تلك المخاوف عن طريق إعلامهم بطبيعة الحالة المرضية التي يعاني منها طفلك.
إذا كان طفلك مريضاً ومقيماً في البيت ولكن مرضه غير معد يمكنك حينئذ إحضار مجموعة من أصدقائه المقربين لزيارته، وفي حالة إدخال طفلك المستشفى للعلاج، تحر عن إمكانية زيارة أصدقائه له، حيث أن كثيراً من المستشفيات تسمح للأطفال والمراهقين بالزيارة، أما إذا لم يتمكن أصدقاؤه من زيارته في البيت أو في المستشفى بادر إلى تشجيع التواصل عن طريق المكالمات الهاتفية أو كتابة الرسائل.